شفاعــةُ غَــزَّة اعتذار للرسول الكريم – صلى الله عليه وآله وسلم- عن كبوةٍ تداركناها.. عباس علي الديلمي

عباس علي الديلمي


نحنُ نَدْرِي بأيِ عينٍ تَرَانَا
مُذْ غَفَوْنَا وطَالَ ليلٌ طَوَانَا
وتَمَادَى أرَاذِلُ النَّاسِ فَاقْتَا
دُوا إلينا مُهَرِّجاً وجَبَانا
إنْ رَفَعْنَا يداً، لبيعةِ والٍ
أو تلونا للانقلابِ بيانَا
نحنُ في الحالَتَيْنِ أتْبَاعُ غِرٍّ
وغُثاءٍ تقلَّدوا تِيْجَانَا
إنْ تَدَاعُو لِمَحْفَلِ الزيفِ والتنــديد
والشجبِ خِلْتَهُمْ قُطْعَانَا
وإذا ما خَلَا بِعِجلِ يُهُودَا
خَدَماً أصبحوا وباتوا قِيَانَا
فَتَولّوا رُعَاةَ أَبْقَارِ صَهيو
نٍ أذِلاَّءَ يَنْشُدُونَ أَمَانَا
* * *
خَاتَمَ الأنبياءِ إنْ نحنُ حِدْنَا
عن طريقٍ لخيرِ دَاعٍ دَعَانَا
وجَبْنَّا أَمَامَ جلادِ باغٍ
سَخِرَتْ مِنْ فِعَالِهِ قِبْلتَانَا
وفُجِعْنَا بِنكبةٍ وبِأقْصَى
لبقايا الشتاتِ، غُدَّ كِيَانَا
نحنُ ندري بما جنَيْنَاهُ قِدْماً
وحَديثاً وكيف تَاهَتْ خُطَانَا
فأتيناكَ نادِمينَ وقُلْنَــــــاها
جِهاراً، أضَلَّنَا أَشْقَانَا
فاعفُ عمَّنْ شنِيْعَهُمْ عزةُ البأسِ
ويدعُو لنَصْرِهِمْ (أَقْصَانَا)
خاتمَ الرُّسْلِ ما أَتِيْنَاكِ نَشْكُو
ضَعْفَ مُسْتَسْلمٍ يَعُضُّ بَنَانَا
بَلْ خَرَجْنَا أَعِزَّةً وشَرُفْنَا
أَنَّنَا حيثُ ينبغي أن تَرَانَا
نَقْهرُ القهرَ، نُرْعِبُ الرُّعْبَ نَكْسُوا
الموتَ موتاً بَوَاسِلاً شُجْعَانَا
نَتَولَّى جزاءَ قَاتِلِ طِفْلٍ
ومُسِنٍّ، وهَادِماً بُنْيَانَا
نُشْهِدُ الأرْضَ، والسَّمَاواتِ أَنَّا
مَنْ أبَيْنَا، مَذَلَّةً وَهَوَانَا
فتنادى من نَاصَرُوا اللهَ صَوْتاً
لحقوقٍ، فَزَادَهُمْ إِيْمَانَا
وتَعَالَتْ بِسَاحِ غَزَّةَ تكبيرةُ
من صَالَ ذَائِداً عن حِمَانَا
وبَلَغْنَا مكارماً، وعُلُوَّاً
رَفَعَتْ صَرْحَهُ الشِموخَ يدَانَا
وجَعَلْنَا الرِّيَاحَ بالفُلْكِ تجري
حيثُ شِئْنَا، وحَدَّدَتهُ رُؤانَا
وأَزحْنَا القِنَاعَ عنْ كُلِّ زَيْفٍ
صَارَ بَعْدَ انْكِشَافِهِ هَذَيِانَا
* * *
بَعْدَ خمسٍ من السِنينِ وسبعينَ
جَلَونَا غشاوةً ودُخَانَا
وفَضَحْنَا عمالةً باسمِ دِيْنِ الله
تُذْكي بِخِسَّةٍ شَنآنَا
ومَسَحْنَا على قُلوبٍ طَوَوْهَا
بأبَاطِيْلِ زَيْفِهم أَزْمَانَا
وكَشْفَنَا عنِ الحقيقةِ سِتْراً
فَبَدَا ضَوؤهَا جهاراً عَيَانَا
وَتَلاَشى سرابُ بِيْدٍ عليها
زَرَعُوا الزَّيْفَ، علَّلوا ضمآنا
من على غَزَّةَ الفِدَاءِ خَلَعْنَا
هَجْعَةَ الموتِ نَنْفُضُ الأَكْفَانَا
وبُعِثْنَا لنستعِيْدَ حُقوقاً
وسمونا بَسَالةً ومَكَانَا
غَزَّةُ، حَدُ سَيْفِنَا، وهَي من
أنْبَتَ في هَامِ كلِّ رُمْحٍ سِنَانَا
فتهاوى من قبل عَنْهُ جيشٌ
قاهِرٌ، وارْتَمَى ذَلِيلاً مُهَانَا
* * *
يا فلسطينُ، هاكِ وعْداً وَعَهْداً
قَرِّ عَيْنَاً، فما عَنَاكِ عَنَانَا
إنَّهُ محورُ الثبَّاتِ يُلبِّيكِ،
فأجْرَىَ طَوفَهُ بُرْكَانَا
ورمينا الجِمَارَ، تَلْعَنُ شيْطَاناً
وتَصْلِي مُنَافِقاً خَوَّانَا
محورٌ، عاهدَ القداسةَ والقُد
سَ على النَّصْرِ رافِعاً قُرْآنَا
وبِأزْكَى النفوسِ منَّا أَقْمَنَا
بين حقٍ وباطلٍ فُرْقَانَا
وعلى صخْرَةِ الصمودِ نَقَشْنَا:
هي أرضى، مقابرٌ لعِدَانَا
إنَّهُ النَّصْرُ، أو شَهادةُ حُرٍ
فازَ في سَبْقِهِ إلى مُبْتَغَانَا
فغدا أكرمَ الجميعِ، ومَنْ ذَا
كعظيمٍ يُجَاوِرُ الرَّحْمَانَا
* * *
بَارَكَ اللهُ من أعالِيْهِ شاماً
وتولَّى بالمكرماتِ يمانَا
وعلى مَبدإٍ وتحت لُوَاءٍ
ضَمَّ عدْنَانُ، صُنْوَهُ قَحْطَانَا
واتَحْدنَا جَبَابرَا، وأُوْلُو بأسٍ
فكَانَتْ مَكَارِماً لا تُدَانَا
وتعالت بشائِرٌ لِصُمُوْدٍ
لم يَنَلْهُ في المَشْرِقَيْنِ سِوَانَا

قد يعجبك ايضا