حلف الشر

يكتبها اليوم / أحمد يحيى الديلمي

أحمد يحيى الديلمي

 

عرف الناس الأحلاف في الماضي باعتبارها آلية وبدعة حسنة تؤدي إلى قهر الظلم والطغيان وإنصاف المظلوم، ومن ذلك حلف الفضول الذي أشاد به الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم مع أنه كان في الجاهلية، وقال (لو دعيت إلى حلف مثله اليوم لما ترددت )، ثم جاءت أحلاف الشر التي تبنتها دول العدوان وكان هدفها تسخير الدول الصغيرة لمحاربة نفسها وخدمة دول النفوذ والاستعمار، كما حدث في حلف بغداد، وها هي قرون الشر تتمدد حتى اليوم وتفرض أحلافاً على نفس النمط البعيد كل البُعد عن الخير، لأن أمريكا على ما يبدو أخذت درساً قاسياً لتدخلها المباشر في العراق، فعمدت إلى تقليم أظافر من يخرج عن طوعها عبر دول موجودة في الإقليم، كما حدث في ما سُمي بالتحالف العربي الذي سخرته أمريكا لتدمير اليمن ومقدراته والبُنية التحتية فيه، واكتفت هي بالدعم اللوجيستي والاستشارات وبيع الأسلحة والذخائر لأبرز دول العدوان في نفس الحلف ممثلة في السعودية والإمارات.
واليوم من المهازل التي لا يُمكن إنكارها أو التهاون معها يأتي وزير الدفاع الأمريكي إلى المنطقة ليُعلن عن إقامة حلف جديد لحماية الملاحة في البحر الأحمر، أليست مهزلة أن تصل الأمور إلى هذا المستوى من الخسة والدناءة للدول التي تتسابق للمشاركة في هذا الحلف؟! مع أن ما يخشونه في البحر الأحمر ليس عدواناً ولا تهديداً لأحد بل دفاعاً عن النفس ونصرة لإخواننا المظلومين في غزة وللشعب الفلسطيني بشكل عام، فكيف إذاً سيقف هؤلاء المتسابقون من الدول المنبطحة والمُسماة بدول الاعتدال وأنا لا أعتبره اعتدالاً وإنما انثناء وركوع لغير الله، فكيف سيعملون وهم يواجهون إخوانهم من ينتصرون لأقدس قضية للأمة العربية، لا تزال تأخذ المقدمة في اهتمامات الدول العربية منذ تم زراعة الكيان الصهيوني في فلسطين الجريحة، إلا أنها توارت وتقزمت لتُصبح قضية فلسطينية منذ أن سيطر النظام السعودي ومن ورائه بعض دول الخليج ودول الانبطاح العربي على الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، الهيئتان اللتان تأسستا من أجل القضية الفلسطينية خاصة منظمة التعاون الإسلامي فلقد تأسست باسم منظمة المؤتمر الإسلامي عقب مذبحة دير ياسين، وبدلاً من أن تسير على نفس التوجه وتتحول إلى قاعدة صلبة لانطلاق فكرة الجهاد ضد الصهاينة المحتلين، ها هي تستسلم للنزعات الأمريكية وتتحول إلى مطية وأداة لتنفيذ الرغبات الخبيثة لهذه الدولة الماكرة التي تحاول أن تطوع العالم لإرادتها والعيب ليس على أمريكا ذاتها ولكن على إخواننا المطبعين من عرب الجنسية وأعراب اللسان الذين لا يمتلكون إلا هذا المقوم للانتماء لهذه الأمة.
والأشد مرارة على النفس أن تسمع إعلام من يسمون أنفسهم بالشرعية ظلماً وعدواناً، يتباهون بدعوتهم لحضور هذا الحلف، وكأنهم المعنيون بقهر إرادة شعبهم، هذا إذا كانوا حقاً ينتمون إلى العروبة والإسلام وإلى اليمن على وجه الخصوص، وإن كنت أعتقد غير ذلك، المهم أننا أمام جوقة مستعدة لأن تعمل كل شيء خدمة للأسياد في واشنطن ولندن .
في هذا الجانب أعجبني تعليق لأحد أصحاب الحسابات الخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي، حينما شاهد المدعو طارق محمد عبدالله صالح يصعد إلى سفينة ويقول نحن سنتكفل بحماية البحر الأحمر والملاحة فيه، كتب أسفل التعليق لو كنت بطلاً كنت ستحمي عمك “يعني عفاش” ورغم أن التعليق بدائي وبسيط إلا أنه اشتمل على كل المعاني التي تجعل من الرجل بالونة منفوخة ليس له تأثير سوى خدمة أسياده في أبو ظبي والرياض، وهذا ما يجعلنا نرفع أكف الرجاء إلى المولى سبحانه وتعالى بأن يهدي هؤلاء الناس أو يخلصنا من شرورهم، فهم تحولوا إلى عبء على أنفسهم وعلى أسرهم وعلى قبائلهم إن كان لهم قبائل، قبل أن يكونوا مصدر خزي وعار لليمن واليمنيين، اللهم لا شماتة، اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيما قضيت، ونقول لهؤلاء وأمثالهم اهتدوا بقول الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، الذي جاء فيه ( إذا بُليتم فاستتروا ).. والله من وراء القصد ..

قد يعجبك ايضا