إغلاق اليمن للبحر الأحمر يدفع شركات الشحن إلى وقف رحلاتها إلى الموانئ الإسرائيلية
البحر الأحمر مُغلق أمام «الإسرائيليين» والخسائر تضرب اقتصادهم “ليرفعوا الحصار عن غزة”
العدو الإسرائيلي معزول عن الشرق واقتصاده يواجه حرب وجود غير مسبوقة
الثورة / تقرير
بعد أسبوع من إعلان اليمن منع مرور كافة السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني ، حتى يدخل العدو الصهيوني بدخول ما تحتاجه غزة من الغذاء والدواء ، ثبتت القوات المسلحة اليمنية هذا القرار على نحو حاسم من خلال إرغام السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني بالعودة إلى رأس الرجاء الصالح ، واستهدفت بعدة عمليات في البحر الأحمر السفن التي لم تلتزم بنداءات القوات البحرية.
ومنذ 14 نوفمبر أقفلت القوات المسلحة اليمنية باب المندب بوجه السفن الصهيونية ، ويوم السبت الماضي أعلنت منع مرور كل الناقلات المتجهة نحو الموانئ الإسرائيلية ، الإسرائيليون وصفوا ما قامت به اليمن بأنه حصار بحري شامل على الكيان الصهيوني.
خلال أسبوع فقط تداعت الأثار الاقتصادية والتجارية على الكيان الصهيوني ، فقد اضطر إلى استيراد البضائع الطازجة من الخضروات والفواكه عبر خط بري من موانئ دبي الإماراتية مرورا بالسعودية والأردن ، لكون شحن هذه المنتجات لا يحتمل سلوك طريق طويلة عبر رأس الرجاء الصالح ، فيما ارتفعت كلف التأمين على السفن الصهيونية بنحو 250% ، كما أعلنت كبريات شركات الشحن العالمية وقف سفنها عن الإبحار في البحر الأحمر إلى الكيان الصهيوني.
العمليات البحرية اليمنية توقف شركات شحن عالمية وتخرج الكيان الصهيوني من الشرق
إغلاق اليمن للبحر الأحمر أمام السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني ، حتى رفع الحصار عن غزة ، أحدث تطورات متسارعة في البحر الأحمر ، وجعل الكيان الصهيوني أمام حصار غير مسبوق في تاريخه ، وكبدته خسائر كبيرة وأربكت الحركة الاقتصادية والتجارية للكيان.
وخلال أربعة أيام وقعت عدة سفن متجهة إلى الكيان الصهيوني تحت نيران القوات البحرية اليمنية ، التي استهدفتها وهي في طريقها إلى الموانئ الإسرائيلية متجاهلةً التحذيرات من المرور عبر مضيق باب المندب ، رغم أن هيئة العمليات التجارية البريطانية UKMTO حذرت السفن باستمرار من المغامرة بالمرور عبر البحر الأحمر ، وتطالبها بالتوقف عند العبور.
ومن السفينة النفطية النرويجية «ستريندا» يوم الثلاثاء، إلى سفينة الحاويات «ميرسيك جبرلاتر» الخميس، وصولاً إلى يوم الجمعة التي شهدت عملية بحرية ضد سفينتين ترفعان علم «ليبيريا» هما «إم إس سي ألانيا» و»إم إس سي بالاتيوم 3»، نفذتها القوات البحرية لعدم استجابة السفينتين بالنداءات التحذيرية.
استهداف السفن خلال أسبوع من قرار اليمن بعدة عمليات نفذتها القوات البحرية اليمنية، دفع كبريات شركات الشحن البحري ، لوقف عمليات الشحن إلى الكيان الصهيوني ، حيث أعلنت يوم أمس شركة الشحن الفرنسية العملاقة CMA CGM، ثالث أكبر شركة شحن في العالم، وقف مرور سفنها من البحر الأحمر وتحويلها إلى رأس الرجاء الصالح.
قبل ذلك أعلنت شركة الشحن الألمانية «هاباغ لويد» تعليق إبحار سفنها عبر البحر الأحمر ، قرار الشركة جاء عقب قرار مماثل لشركة الشحن الدنماركية «ميرسك»، التي أوقفت جميع عمليات الشحن بالحاويات عبر البحر الأحمر حتى إشعار آخر، وقررت أن تسلك مساراً حول أفريقيا، نتيجة قرار القوات المسلحة بمنع مرور سفن الشحن المتجهة إلى الكيان الصهيوني..
وتقول وكالة بلومبيرغ إن قرار «ميرسك» من شأنه توسعة الرحلات لآلاف الأميال للإبحار حول أفريقيا، ويعطل تدفقات الطاقة إذا جرى اعتماد تلك التغييرات على نطاق واسع في السوق ، وتقوم شركة «ميرسك» بتشغيل وإدارة 131 سفينة تابعة لشركات أخرى، وهي كيان منفصل عن شركة الحاويات العملاقة «إيه بي مولر ميرسك إي إس»، عملاق شحن الحاويات.
إلى ذلك أعلنت شركة الشحن التايوانية العملاقة «يانغ مينغ» التوقف عن زيارة ميناء أسدود الإسرائيلي، مع حذف بعض أصحاب السفن للميناء من مسارهم نتيجة عمليات القوات البحرية اليمنية.
وبينما تحاول الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني الترويج بأن عمليات القوات المسلحة اليمنية تهدد حركة الشحن الدولية، تؤكد القوات المسلحة بأن عملياتها البحرية لا تستهدف إلا السفن التابعة للكيان الصهيوني أو المتجهة إلى موانئه ، وأنها تحاصر الكيان الصهيوني في البحر الأحمر حتى يرفع الحصار عن غزة.
خنق الكيان الصهيوني من البحار نصرة لغزة
لأول مرة يجد الكيان الصهيوني نفسه محاصرا من البحار بشكل خانق ، القرار الذي اتخذته اليمن ، يسقط استراتيجية الكيان الصهيوني وأحجيته حول بحر داوود ، فقد أراد الكيان الصهيوني أن يكون البحر الأحمر ممره المفتوح ، ففي العام 1950 وقف بن غوريون ليقول إن أساطيل داوود وسليمان ستشق طريقها من جديد في البحر الأحمر بعد توقف دام أكثر من ألفي عام ، وطيلة عقود كان الحضور الأمني والعسكري الصهيوني يتعزز في أهم الممرات المائية التي تصل جنوب العالم بشماله ، ثم عمل الكيان من خلال التطبيع على تعزيز امتداداته البحرية ، لكن اليمن بقراره اليوم قلب كل تلك المعادلات وأسقطها أرضا.
وفي التداعيات في محاصرة اليمن للكيان الصهيوني من البحر الأحمر نصرة لغزة ، سبب في زيادة النقص والتأخير في البضائع القادمة إلى الكيان الصهيوني ، حيث تفيد بيانات الموانئ الإسرائيلية ، بأن السفن تتأخر لأسبوعين إلى ثلاثة أسابيع نتيجة سلوكها ممرا طويلا عبر رأس الرجاء الصالح، وأكدت بأن هذا الأمر أدى إلى زيادة الضغط على أسواق المواد الغذائية والكهربائية والإلكترونية، التي بدأت تنعطف نحو أوروبا كبديل للتوريد رغم ارتفاع الكلف.
واضطرت شركات الشحن المتجهة إلى الكيان الصهيوني إلى تحويل مسارات سفنها ، وعوضاً عن عبور البحر الأحمر ، تلتف السفن حول رأس الرجاء الصالح، وتدخل عبر مضيق جبل طارق، وصولاً إلى مياه البحر المتوسط، مما يؤخر وصول السفن لمدة تتراوح بين 14 إلى 21 يوماً فأكثر.
ومع قرار كبريات شركات الشحن تعليق عمليات الشحن البحرية في البحر الأحمر، أكدت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية أن الأسواق الصهيونية أصبحت تواجه تزايداً في النقص والتأخير في البضائع القادمة من الشرق الأقصى، في أعقاب القرار اليمن بمنع السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية من المرور.
وأبلغ مستوردو المواد الغذائية عن وجود نقص بالفعل، وأن سلاسل المنتجات الإلكترونية والكهربائية تتأخر، فيما يخشى تجار التجزئة من استغلال المستوردين للوضع لرفع الأسعار، وأوردت الصحيفة أن الشحن من الصين أصبح أقل أهمية، بينما جرى التوقف عن العمل من تركيا، وأصبحت أوروبا هي الوجهة المفضلة ، ويوم أمس أعلن الكيان الصهيوني عن وصول أول شحنة تجارية برية محملة بالخضار والفواكه عبر موانئ دبي وصولا إلى السعودية ثم الأردن ثم الكيان الصهيوني.
ومع ذلك فإن الكيان الصهيوني معزولا عن الشرق بشكل كامل ، وذلك ما أشار إليه كبير الاقتصاديين في شركة BDO الإسرائيلية، تشين هرتزوغ، الذي قال إن توقف الشحن البحري من البحر الأحمر يعني إخراج «إسرائيل» من الشرق إلى الغرب، وهو قرار يتخطى منع وصول السفن إلى موانئ إلى العزلة التامة ، وأما قرار شركة «ميرسك» الدنماركية الكبرى للشحن، فوفقاً لهرتزوغ، سيؤخر مواعيد تسليم الشحن البحري إلى إسرائيل لمدة شهر كامل، ويرفع تكاليف النقل.
ويبلغ حجم التجارة البحرية إلى الموانئ الإسرائيلية من شرق آسيا نحو 22 مليار دولار، ما يعني خسائر جسيمة للتجارة الإسرائيلية، حسب تقديرات الشركة ، ويذكر موقع «كالكاليست» الإسرائيلي، أن قرار «ميرسك» بإيقاف الشحن المؤقت، إذا تم اتخاذه أيضاً من قبل شركات أخرى، فإن ذلك سيزيد من رفع تكاليف التأمين، وقد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، بسبب تمديد رحلات الناقلات التي ستضطر إلى الإبحار حول أفريقيا، ما سينجم عنه زيادة في استهلاك الوقود.
من ناحية الواردات التي يستوردها الكيان ، إذا كنا أمام تأثيرات كبيرة خلال أسبوع من بداية القرار اليمني ، فإن المتوقع خلال الأسابيع المقبلة أن التداعيات ستكون أوسع ، وسيكون هناك نقص كبير لدى شركات المنتجات المختلفة وأبرزها شركات المنتجات الغذائية والكهربائية، إذ إن كل شركة ليس لديها ما يكفي من المخزون ستكون في ورطة، وفقاً ليديعوت أحرونوت ، وبلغت واردات الكيان الصهيوني في عام 2022، وفق بيانات البنكالدولي 107.2 مليارات دولار، وتحظى الدول الآسيوية بأهمية كبيرة في ميزان التعاملات التجارية مع إسرائيل، وخصوصاً الصين وكوريا الجنوبية و اليابان وفيتنام والفلبين.
وتعد الصين ثاني أكبر شريك تجاري للكيان الصهيوني بعد أمريكا، حسب المعلومات الرسمية الإسرائيلية، ففي عام 2022 بلغ حجم التبادل التجاري مع الصين قرابة 24.45 مليار دولار، بزيادة قدرها 11.6% عن العام السابق، وفقاً لصحيفة غلوبس الاقتصادية الإسرائيلية ، ولهذا فإن إغلاق البحر الأحمر يضع الكيان أمام مشكلة خطيرة.
الكيان الصهيوني أمام حرب وجود
خلال أسبوع من قرار اليمن بإغلاق البحر الأحمر أمام كل السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني ، وخلال شهر من قرار اليمن بمنع السفن الصهيونية من المرور ، بات الاقتصاد الصهيوني أمام حرب وجود حقيقية ، كما وصفتها صحيفة “ذاماركر” الاقتصادي الإسرائيلية.
وقالت إن حالة الهلع والطوارئ التي تعاني منها القطاعات الاقتصادية في كيان العدو الصهيوني تفاقمها خسائر التجارة الإسرائيلية ، الخسائر البالغة التي يتكبدها العدو الصهيوني خرج الحديث عنها للعلن بعد تكتم اسرائيلي وغربي متواصل.
منذ قرار القوات المسلحة في 14 نوفمبر بمنع مرور السفن الصهيونية ، بدأت الدوران حول الكرة الأرضية للوصول إلى الكيان الصهيوني عبر المرور برأس الرجاء الصالح وصولا إلى جبل طارق ، وبعد أسبوع من تصعيد القوات المسلحة اليمنية بمنع مرور كافة السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني بات لزاما على كافة السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني الدوران في الطريق الطويل نفسه ، من رأس الرجاء الصالح أو عبر قناة بنما إلى جبل طارق، وصولاً للموانئ الإسرائيلية على البحر المتوسط.
المسارات البحرية البديلة التي تسلكها السفن الصهيونية وكل السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني ، فرضت أعباء اقتصادية كبيرة وضخمة تضرب القطاع التجاري الصهيوني ، وأضافت أيام أطول للشحن وتكاليف نقل أكثر ارتفاعاً.
صحيفة «غلوبس» الاقتصادية الإسرائيلية قالت إن توجيه المسار حول إفريقيا ، يعني 13 ألف كيلومتر كمسافة إضافية “هذه المسافة تعني عدة أسابيع من تأخير تسليم الشحنات ، وتكاليف إبحار إضافية تفرض ارتفاعات على أسعار الشحن”.
وقد دفع إغلاق اليمن للبحر الأحمر أمام السفن الصهيونية شركة «زيم» الإسرائيلية للشحن إلى رفع أسعار النقل ، وأوقف كل شركات الشحن الصهيونية من المرور في البحر الأحمر ، والتحويل عبر طريق رأس الرجاء الصالح ، وامتد الطريق من آسيا إلى البحر الأبيض المتوسط بشكل كبير.
أما قرار القوات المسلحة اليمنية بمنع مرور كل السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني فقد دفع شركات الشحن إلى وقف إبحارها إلى الموانئ الإسرائيلية عن طريق البحر الأحمر ، حيث أعلنت شركة “ميرسك” الدنماركية للشحن وقف العمليات البحرية من البحر الأحمر ، وأعلنت مجموعة الشحن الفرنسية (سي.إم.إيه سي.جي.إم) وقف عبور جميع شحنات الحاويات من البحر الأحمر ، كما أعلنت شركة شحن المانية اوقفت شحنها الى الكيان الصهيوني.
إلى ذلك فرض قرار اليمن تكاليف إضافية ، حيث طلبت شركات التأمين تكاليف تأمين إضافية على السفن المتوجهة إلى الأراضي المحتلة ، ورفعت تكاليف التأمين على السفن الاسرائيلية بنسبة 250%.
وأدى القرار اليمني بإغلاق البحر الأحمر امام الكيان الصهيوني إلى زيادة كبيرة في الأسعار ، حيث وصل حجم الزيادة في الأسعار إلى 50 دولاراً للحاويات سعة 20 قدماً في تقديرات أولية ، و100 دولار للحاويات مقاس 40 و45 قدماً”، تقدّرها “غلوبس”.
ومن شأن زيادة تكاليف النقل تعني حكماً زيادة أسعار المنتجات المستوردة بحرياً التي سيتحمل عبئها المستوطن الإسرائيلي ، فيما تؤكد اليمن أن المرور ممنوع للسفن الإسرائيلية والسفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية أيضا ، حتى يرفع الحصار على غزة ، يسعى الكيان الصهيوني إلى تأمين طرق شحن برية كما حدث مؤخرا عبر دويلة الإمارات والسعودية والأردن ، لكنها بكل حال ستكون مكلفة وغير مجدية.
وفي وقت يستورد كيان العدو نحو 70% من طعامه عبر البحر ، فإن القرار اليمني الذي جاء بهدف كسر الحصار على غزة ، يمثل ضربة للأمن الغذائي الإسرائيلي ، وفي ذلك حذر رئيس غرفة الشحن الإسرائيلية يورام سيبا حذّر من أن ، الأسعار ستقفز بنسبة 30% في الكيان بفعل قرار اليمن.
وحول بعض الخسائر التي كبّدها اليمن لكيان العدو الصهيوني بالجملة ، فإن ميناء إيلات بات متوقف بشكل كامل عن استقبال الشحنات وتصديرها ، ويقول مسؤولون بأن الميناء توقف تماما عن عمليات الشحن والتصدير لأول مرة في تاريخ الكيان الصهيوني.