الثورة/ صنعاء
رفعت اليمن مستوى مؤازرتها ونصرتها لغزة، وصعّدت في مستوى الرد على حرب الإبادة الصهيونية على غزة والتي دخلت شهرها الثالث، من خلال إعلان القوات المسلحة اليمنية منع كافة السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني أياً كانت جنسيتها، من المرور في البحر الأحمر والبحر العربي، محذرة من أنها ستصبح أهدافاً عسكرية مشروعة.
وجاء إعلان القوات المسلحة بمنع مرور كافة السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني، بعدما فرضت فعلياً قرار منع عبور السفن الصهيونية في البحر الأحمر، وأكدت القوات المسلحة في تطور عملياتها التي تقوم بها ضد السفن الصهيونية عن منع مرور السفن المتجهة إلى كيان العدو الصهيوني من أي جنسية كانت، إذا لم يدخل لقطاع غزة حاجته من الغذاء والدواء.
وقال المتحدث العسكري للقوات المسلحة العميد يحيى سريع “إن هذا القرار يأتي بعد نجاح قوات صنعاء في منع السفن الإسرائيلية من الملاحة في البحرين الأحمر والعربي، وستكون أي سفينة من أي جنسية كانت تتجه إلى الموانئ الصهيونية هدفاً مشروعاً، وحذّرت القوات جميع السفن والشركات من التعامل مع الموانئ الإسرائيلية، مشيرةً إلى حرصها على استمرار حركة التجارة للدول والسفن كافة، عدا المرتبطة بالعدو الصهيوني أو التي تنقل البضائع إلى الموانئ الإسرائيلية.
تطوّر العمليات اليمنية لنصرة غزة يأتي في الوقت الذي بدأت فيه شركات شحن عملاقة بتحويل مسار بعض السفن المرتبطة بكيان العدو الصهيوني إلى خطوط شحن طويلة، وأعربت عن قلقها بشأن العمليات اليمنية المتصاعدة ضد السفن الصهيونية وضد السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني.
وجاء إعلان القوات المسلحة بمنع مرور كل السفن المتجهة إلى كيان العدو الصهيوني، أياً كانت جنسيتها، لكسر الحصار على غزة، وبعد ما نجحت القوات المسلحة في تطبيق قرار منع إبحار السفن الصهيونية في البحر الأحمر ونفذت عمليات متعددة منها الاستيلاء على سفينة شحن إسرائيلية، وضرب سفينتين إسرائيليتين كذلك، وبعد أن أدخلت البحر العربي إلى نطاق الاستهداف العملياتي، أعلنت يوم أمس عن استهداف كل السفن التي تتجه نحو الكيان الصهيوني.
قرار اليمن بمنع كل السفن من الإبحار نحو الموانئ الصهيونية، يجعل أمر وصول الشحن إلى الكيان الصهيوني صعباً ومعقداً، وحسب مراقبين، فإن القرار بمثابة حصار بحري شامل على الكيان الصهيوني، يضيف إلى ما تكبده العدو الصهيوني من خسائر جراء منع السفن الصهيونية من الإبحار في البحرين الأحمر والعربي.
قرار اليمن بمنع مرور السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني يهدف إلى كسر الحصار على غزة، التي تتعرض لحرب إبادة منذ نحو سبعين يوماً، مع حصار إجرامي يفرضه الكيان الصهيوني على القطاع ويمنع دخول كل الاحتياجات الضرورية إليه، جريمة الإبادة التي تتعرض لها غزة جعلت اليمن يعلن هذه المعادلة الجديدة التي يرى مراقبون بأنها بمثابة حصار كامل على العدو الصهيوني.
وتهدف اليمن في نصرتها لغزة إلى فرض معادلة حصار بحرية شاملة على الكيان الصهيوني، ومن شأن توسيع معادلة إغلاق البحار أمام العدو الصهيوني من خلال منع السفن الصهيونية، وإضافة كافة السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني أن توسع من التداعيات الاقتصادية على الكيان نفسه ومضاعفة خسائره.
وقد أدت العمليات البحرية التي استهدفت السفن التابعة للكيان الصهيوني إلى إحداث تداعيات كبيرة، لكن ثمة تداعيات اقتصادية أوسع نطاقاً بكثير مع الإعلان عن منع كل السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني، قد تتضح لاحقاً على نحو أوضح، ومن المؤكد أنها ستستمر حتى يدخل الغذاء والدواء إلى غزة.
وتفيد البيانات البحرية إلى أن العمليات البحرية اليمنية دفعت بعض الشركات إلى تحويل مسار سفنها بعيداً عن قناة السويس ومضيق باب المندب الاستراتيجي، وشوهدت هذه السفن وهي تسلك طريقاً أطول حول رأس الرجاء الصالح للوصول إلى أوروبا وآسيا، مما يزيد من وقت عبورها ومضاعفة أسعار التأمين والشحن وتكاليف النقل أيضا.
ويوم أمس وعقب بيان القوات المسلحة اليمنية، قالت وسائل إعلام صهيونية بأن إعلان اليمن منع أي سفينة من الوصول إلى موانئ «إسرائيل» هو ارتقاء درجة وحدث جدي جداً، وكان معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، قد تناول مخاطر حدوث تعطيل كبير للتجارة العالمية بسبب استهداف السفن التجارية التي تديرها شركات من جنسيات مختلفة.
آثار كبيرة على التجارة الصهيونية والسفن غيّرت مسارها
تؤكد ردود الفعل الأولية لشركات التأمين البحري وشركات الشحن بأن العمليات اليمنية تؤثر على عملية صنع القرار في قطاع الشحن العالمي، بشأن السفن ذات العلاقة الإسرائيلية، لكن إعلان القوات المسلحة يوم أمس بإضافة كل السفن المتجهة إلى كيان العدو الصهيوني سيوسع من الأضرار بكل تأكيد.
وكانت شركة Freightos الإسرائيلية التي طورت منصة رقمية لإدارة تكاليف الشحن من خلال الخوارزميات، قد أفادت بأن خمس سفن إسرائيلية على الأقل غيرت مسارها بالفعل بعيداً عن قناة السويس المصرية حول رأس الرجاء الصالح في أفريقيا، بما في ذلك سفينتا حاويات من طراز «ميرسك» مستأجرتين من الملياردير اليهودي «عيدان عوفر»، والسفن التي تحمل مركبات يملكها «رامي أونغر» مالك جالاكسي ليدر، وسفينة حاويات “ZIM”.
إلى ذلك قال موقع كالكاليست الإسرائيلي المعني بشؤون الاقتصاد، إن مواقع البناء أُغلقت بالكامل في أسابيع الحرب الأولى وحتى الآن، وأن شركات البناء الآن على رأس قائمة الشركات المعرضة للخطر، وبحسب بيانات الجهاز الإسرائيلي للإحصاء، فقد تم بيع 22.430 شقة جديدة منذ بداية العام، بانخفاض قدره 33% مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي.
من جهتها، ألغت شركة رايان إير، التي تمتلك أكبر أسطول طائرات في أوروبا، جميع رحلاتها من إسرائيل وإليها في يناير 2024، في حين يتم حالياً تشغيل عدد قليل من الرحلات الجوية لبعض شركات الطيران الأجنبية – موقع غلوبس الإسرائيلي.
وكانت صحيفة «غلوبس» الاقتصادية العبرية – قد أكدت بأن شركة الشحن الألمانية Hapag-Lloyd” ” تعتزم فرض علاوة حرب إضافية على كل حاوية لجميع أنواع البضائع المرسلة إلى الكيان الصهيوني، فيما أكدت بأن مسؤولي التأمين في لندن، يؤكدون ارتفاع أقساط «التأمين ضد مخاطر الحرب» إلى ثلاثة أضعاف.
صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية – قالت قبل يومين بأن عملاق الشحن في العالم، شركة «ميرسك» الدنماركية، تعلن أنها ستفرض «ضريبة حرب» على كل حاوية تشحن إلى الكيان الصهيوني، وأنها مضطرة إلى زيادة سعر الشحن لتغطية الزيادة في أقساط التأمين بسبب الوضع الأمن.
وحتى أمس كانت شركة إدارة المخاطر «أمبري» تنصح أصحاب السفن بالتحقق مما إذا كانت سفنهم مملوكة أو مُدارة من قبل شركات لديها روابط إسرائيلية، وقد تعمدت شركات الشحن الصهيونية التخفي وربما قامت بالتغيير في بيانات السفن وعمليات التسجيل والارتباط خلال الفترة الماضية، لكن إعلان القوات المسلحة استهداف أي سفينة تتجه إلى موانئ الكيان الصهيوني ينسف كل المحاولات الصهيونية للتخفي والتمويه ويكرس معادلة الحصار البحري على نحو أشمل.
قرار اليمن بمنع كافة السفن المتجهة إلى كيان العدو الصهيوني، وتحذير شركات الملاحة من التعاقد مع الموانئ الصهيونية، يفرض كلفاً باهضة على الكيان الصهيوني في عمليات الاستيراد، ومن شأنه أن يغلق البحر الأحمر والبحر العربي بشكل كامل من كل سفن الشحن التي تريد التوجه إلى الكيان الصهيوني، وفي المقابل سيؤدي إلى توقف شركات الشحن العالمية من التعاقد مع الكيان الصهيوني وموانئه لإيصال الشحنات المستوردة، أو تصديرها من الكيان وإليه.
وخلال الأسابيع الماضية ومنذ 19 نوفمبر، حوّلت سفن العدو الصهيوني مسارات الشحن إلى مسارات طويلة، حيث تشير بيانات الموقع الخرائطي «مارين ترافيك» إلى أن السفن التي لديها صلات إسرائيلية تسلك طرقاً طويلة وتتجنب المرور البحر الأحمر منذ حادثة «غالاكسي ليدر»، مثل سفينة «غلوفيس سيغما» التي ترفع علم جزر البهاما وتحمل السيارات، والتي غيّرت وجهتها قبل أسبوع بعد مغادرتها ألمانيا، حيث شوهدت وهي تبحر قبالة سواحل إسبانيا، بينما كانت تشير إلى أنها تتجه نحو قناة السويس، لكن في اليوم نفسه، وبناءً على بيانات من «مارين ترافيك»، غيّرت وجهتها إلى سنغافورة وشوهدت وهي تغير اتجاهها نحو أفريقيا بدلاً من جبل طارق، وهي تغييرات تعكس التنفيذ الفعلي لقرار اليمن بمنع سفن الشحن الصهيونية من المرور في البحر الأحمر.
سفينة أخرى هي سفينة الحاويات «زيم باسيفيك» التي ترفع علم ليبيريا، وترتبط بشركة “ZIM” الصهيونية للشحن، وأبحرت هذه السفينة في 4 ديسمبر في الطريق الأطول حول رأس الرجاء الصالح بدلاً من البحر الأحمر وهي في طريقها من ماليزيا إلى ميناء مرسين التركي. وسبق أن أفادت الشركة أن الأحداث الأخيرة دفعتها إلى تغيير مسار بعض سفنها.
هناك أيضاً سفينة «غارديان ليدر» (وترفع علم جزر البهاما وترتبط بشركة «راي شيبينغ» التابعة لليهودي رامي أنغر)، وغادرت السفينة في 16 نوفمبر الماضي ميناء «لايم شابانغ» في تايلاند متجهة إلى إسبانيا، وبدلاً من الإبحار إلى أوروبا عبر قناة السويس أبحرت السفينة حول رأس الرجاء الصالح، ما يشير إلى أنها ربما غيرت مسارها في منتصف الرحلة بسبب الأخبار المقلقة القادمة من البحر الأحمر.
ومن شأن فترات العبور الأطول أن تتسبب في تكاليف إضافية، منها حرق المزيد من الوقود، وأجور النقل، ويمكن أن تؤثر هذه التكاليف على البائعين والمشترين على حد سواء، وفقاً لنوع اتفاقية الشحن التي يبرمونها، ويشير معهد الدراسات الأمريكي إلى أن تصاعد العمليات اليمنية سيؤدي إلى توجيه ضربة قاضية للاقتصاد الصهيوني.