أزمة جديدة بين الأمم المتحدة والكيان الصهيوني بشأن المادة 99 من ميثاق المنظمة
خبراء أمميون يحثون الدول الأعضاء في المنظمة الأممية على تكثيف جهودها لإنقاذ غزة
الأونروا: استشهاد 273 فلسطينياً داخل مراكز الإيواء منذ بدء العدوان على غزة
الثورة / إسكندر المريسي
برغم النداءات المتكررة من قبل المنظمات الدولية المطالبة بوقف العدوان على غزة، لا يزال العدو الصهيوني يواصل جرائم الإبادة بحق الشعب الفلسطيني والقتل والتدمير وهدم المنازل والتهجير القسري على مرأى ومسمع العالم .
حيث كثفت سلطات الاحتلال من قصفها الجوي والمدفعي على قطاع غزة وسط تفاقم الأزمة الإنسانية التي تجتاح القطاع بالإضافة إلى الحرب الصامتة التي يمارسها العدو في الضفة الغربية.
حيث أثار الإجراء الذي اتخذه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بإخطار مجلس الأمن بتفعيل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة لعقد اجتماع لمجلس الأمن لوقف الحرب على غزة ردود فعل دولية متباينة، ومن المتوقع أن يجتمع المجلس، لمناقشة الحرب في غزة، بعد أن حث “غوتيريش” رسميًا، وفى “خطوة نادرة”، المجلس المؤلف من 15 عضوًا على “استخدام كل نفوذه” لمنع “كارثة إنسانية” في القطاع.
وقال نائب السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، روبرت وود، إن واشنطن لا تؤيد أي إجراء آخر من جانب مجلس الأمن في الوقت الحالي، وأضاف أن الولايات المتحدة تركز على الدبلوماسية الصعبة الرامية إلى إطلاق سراح المزيد من الرهائن وتدفق المزيد من المساعدات إلى غزة وتوفير حماية أفضل للمدنيين .
وتعارض الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل وقف إطلاق النار، وتقولان إنه لن يعود بالنفع إلا على حماس، وبدلًا من ذلك تدعم واشنطن إعلان هدن لحماية المدنيين والسماح بالإفراج عن الرهائن الذين احتجزتهم حماس في هجوم السابع من أكتوبر على إسرائيل.
واتهم سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، غوتيريش بأنه بلغ “انحطاطًا أخلاقيًا جديدًا” بإرسال الرسالة إلى مجلس الأمن، مضيفًا أن “دعوة الأمين العام لوقف إطلاق النار هي في الواقع دعوة لإبقاء حكم حماس في غزة”.
بينما انتقد وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، الأمين العام للأمم المتحدة، معتبرًا أن ولايته تشكل تهديدًا للسلام العالمي.
وأضاف على موقع “إكس”: “إن طلبه تفعيل المادة 99 والدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة يشكل دعمًا لمنظمة حماس وتأييدًا لقتل المسنين وخطف الأطفال واغتصاب النساء.
وقال أستاذ العلاقات الدولية، أحمد عجاج، إن الأمين العام للأمم المتحدة يتصرف وفق التوصيف القانوني لوظيفته، كون مهمته الأساسية تتمثل في إنقاذ الأجيال من كوارث الحرب.
وأوضح أن ما تفعله إسرائيل يعيد الكوارث التي عانت منها البشرية في الحرب العالمية، حيث يقتل المدنيون بدون سبب، والأمين العام بهذه الخطوة يقول للإسرائيليين توقفوا عن هذه الأمور.
وأكد أن هجوم إسرائيل على غوتيريش لن يؤثر على موقفه لأنه يحمي مبادئ وظيفته وكل من يقرأ ميثاق الأمم المتحدة سيكون نصيرا له، لأنه يتحدث عن حقوق الإنسان وتقرير المصير واحترام القانون الإنساني وقوانين الحرب واتفاقيات جنيف، لذلك هو يذكر إسرائيل بأن عليها واجبات يجب احترامها.
إلى ذلك قال خبراء الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان، إنه يجب على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة استخدام جميع التدابير المتاحة لها ونفوذها، لتعزيز وقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة.
وقال الخبراء الأمميون، في بيان لهم، أمس الجمعة، “يجب على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تحشد جهودها، وأن تعمل بشكل جماعي لإنقاذ قطاع غزة من الدمار الشامل والوفيات الجماعية، من أجل الحفاظ على سبب وجود الأمم المتحدة”.
وأضافوا: “يجب على الدول الأعضاء أن تتحرك في مجلس الأمن، أو الجمعية العامة حسب الاقتضاء، للضغط من أجل وقف دائم لإطلاق النار في غزة”.
ورحبوا برسالة الأمين العام أنطونيو غوتيريش إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، استنادا إلى المادة 99 لميثاق الأمم المتحدة، التي تدعو المجلس إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتجنب الانهيار التام للنظام العام والنظام الإنساني في غزة.
وعبروا عن دعمهم الكامل للأمين العام غوتيريش، وهو يتولى قيادة أكبر في الجهود المبذولة لإنهاء الكارثة الإنسانية التي تتكشف في غزة.
وأعربوا عن أسفهم لانهيار وقف إطلاق النار الإنساني المؤقت، واستئناف العمليات العسكرية الإسرائيلية واسعة النطاق في غزة في الأول من ديسمبر، مؤكدين أنه “على مدى الأيام السبعة الماضية، أدى القصف الإسرائيلي إلى استشهاد أكثر من 2000 فلسطيني، ما رفع العدد الإجمالي للشهداء الفلسطينيين منذ بدء الأعمال العدائية إلى أكثر من 17000”.
وقال الخبراء إن “التقارير تفيد بأن 70% من الشهداء في غزة هم من النساء والأطفال، في حين أدت العمليات العسكرية المستمرة وأوامر الإخلاء المتزايدة باستمرار إلى نزوح 85% من سكان القطاع”، مشددين على أن “هذه الأفعال قد ترقى إلى حد النقل القسري للسكان، وهي جريمة ضد الإنسانية”.
وأعربوا عن قلقهم من تضاؤل دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بسبب النقص في الإمدادات الأساسية، ونقص الوقود، وانقطاع الاتصالات، والقيود على الحركة، وانعدام الأمن الشديد.
وأشاروا إلى أن “مثل هذه الأعمال يمكن أن تكون بمثابة عقاب جماعي، وهو أمر محظور بموجب القانون الإنساني الدولي”.
وأكد الخبراء الأمميون أنه “يجب على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تفعل كل ما في وسعها لإنهاء المعاناة في غزة واستعادة السلام والأمن الدوليين، قبل أن نصل إلى نقطة اللاعودة”.
وفي سياق آخر، وثقت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” في تقرير لها، استشهاد 273 فلسطينيا داخل مراكز الإيواء التابعة لها في مناطق متفرقة من قطاع غزة، بعد استهدافها بشكل مباشر من طائرات الاحتلال الإسرائيلي، كما أصيب 966 بجروح مختلفة، وذلك منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع في السابع من أكتوبر الماضي.
وأكدت “الأونروا” في تقرير صدر عنها، أمس الجمعة، أن 33 مؤسسة تابعة لها أصيبت بشكل مباشر من القصف، كما تضررت 57 مؤسسة بسبب عمليات القصف المستمرة لليوم الـ63 على التوالي، لافتة إلى أن 1,2 مليون نازح ممن فقدوا منازلهم أو تعرضت مناطقهم للقصف، لجأوا لـ 155 مركز إيواء تابعاً لها.
وأشارت “الأونروا” إلى أن 132 من موظفيها استشهدوا في عمليات القصف المستمر على القطاع، مؤكدة وجود 11388 مريضا داخل مراكز الإيواء يحتاجون لرعاية طبية، إضافة لوجود 50 ألف امرأة حامل بحاجة ماسة للعلاج والرعاية الصحية.
من جانبها، وثقت منظمة الصحة العالمية، 212 هجوما على مرافق الرعاية الصحية في قطاع غزة، منذ بدء العدوان.
وأسفر القصف المدفعي والجوي الإسرائيلي، وكذلك التوغل البري الذي ينفذه جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ ذلك الحين، عن استشهاد ما لا يقل عن 565 شخصا وإصابة 732 آخرين من القطاع الصحي، مثلما طال 56 منشأة صحية و59 مركبة إسعاف.
وحسب إحصائيات المنظمة التي صدرت، أمس الجمعة، فإن 60% من الهجمات على المرافق الصحية، و58% من المستشفيات المتضررة كانت في مدينة غزة.
ودعت المنظمة إلى احترام القانون الدولي، والتدخل الفعلي لضمان حماية المرافق الصحية.
وفي ذات السياق، صرحت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس”، أمس الجمعة، بأن اعتقال الجيش الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين المدنيين هو “جريمة مفضوحة للانتقام من أبناء الشعب المدنيين”.
وقالت “حماس” في بيانها على “تلغرام”: “اعتقال جيش الاحتلال النازي لمجموعة من المواطنين المدنيين النازحين في إحدى المدارس في قطاع غزَّة، وتجريدهم من ملابسهم بصورة مهينة، هو جريمة صهيونية مفضوحة للانتقام من أبناء شعبنا المدنيين العزّل، نتيجة الضربات التي تلقاها جنوده وضباطه على أيدي رجال المقاومة الفلسطينية”.
وأضافت: “وهي محاولة لن تفلح في محو هزيمته النكراء وفشله الاستراتيجي يوم السابع من أكتوبر”.
وتابع البيان: “إنَّ جريمة الاعتقال وتفتيش المعتقلين وتجريدهم من ملابسهم وتصويرهم هو عمل لا يقوم به إلا مرتزقة ومليشيات إرهابية منفلتة من كل القيم والأعراف والقوانين، وهي الصفة التي تنطبق على هذا الجيش النازي”.
وخلال اعتقال الشبان من قبل القوات الإسرائيلية، تقوم هذه القوات بإعدام عدد منهم ويهان عدد آخر، ثم تقوم بتعريتهم وتجريدهم من الملابس في ظل البرد القارس.
وقالت “حماس” في البيان: “إننا لنحمّل الاحتلال المسؤولية عن حياتهم وسلامتهم، وندعو كل المؤسسات والمنظمات الحقوقية والإنسانية إلى التدخل الفوري لفضح هذه الجريمة النكراء بحقّ مدنيين أبرياء عزّل نازحين في مدرسة تحوّلت إلى مركز إيواء بسبب العدوان والمجازر الصهيونية، والضغط بكل الوسائل للإفراج عنهم”.