البارحة نقلت وسيلة إعلام عربية ( قناة الميادين ) خبراً عن وسائل إعلام إسرائيلية مفاده كالآتي:
“ تم توقيع اتفاقية في ظل الحرب يتم بموجبها تشغيل جسر بري بين ميناء دبي وميناء حيفا من أجل تجاوز تهديد اليمن بإغلاق الممرات الملاحية”.
وهذا يعني أن الجسر البري سيمر من دبي وعبر أراضي المملكتين السعودية والأردنية ومن خلال أراضي سلطة عباس في الضفة صوب ميناء حيفا.
هذا يعني أن دول التطبيع تتداعى إلى إيجاد مخرج للكيان من التضييق الذي فرضته القوات المسلحة اليمنية حين أغلقت باب المندب أمام سفن الكيان الصهيوني أو السفن المتعاونة معه.
السؤال: لماذا تسعى الإمارات والمملكتان السعودية والأردنية وسلطة عباس إلى إنقاذ الكيان والتخفيف عنه؟، في الوقت الذي يذبح هذا الكيان الإجرامي شعبنا الفلسطيني من الوريد إلى الوريد؟!
التخادم بينهم جميعاً يهدف إلى تمكين الكيان الصهيوني من حماس والقضاء عليها.
ولقد صرّح جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، أن السلطة الفلسطينية الحالية ( يقصد سلطة عباس ) تفتقر إلى المصداقية اللازمة لحكم غزة بمجرد انتهاء الحملة العسكرية الإسرائيلية لطرد حماس من القطاع.
ليس المطلوب القضاء على حماس وإنما القضاء على القضية الفلسطينية من الأساس، والقضاء على فكرة المقاومة ، أي كسر إرادة سكان قطاع غزة وثقافة المقاومة.
هذا الأمر طبقته الولايات المتحدة الأمريكية في الكثير من حروبها.
في حرب فيتنام مثلاً بررت أمريكا تدخلها بالخشية من انتشار الشيوعية، واستخدمت نظرية الدومينو في التدليل على خشيتها، وجوهر هذه النظرية يقول “إذا تشابهت الدول في نظام الحكم، فإن أي تغيير في نظام إحدى الدول المجاورة سيؤدي إلى تغييرات متتالية في بقية الأنظمة”، وقد ترجمتها السياسة الأمريكية على الشكل التالي:
إذا سقطت فيتنام في أيدي الشيوعيين، فهذا سيؤدي إلى سقوط الأنظمة الأخرى في الهند الصينية في أيدي الشيوعيين أيضاً. وقال الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور معبراً عن نظرية الدومينو في مؤتمر صحفي له عقده في 7 أبريل عام 1954:
“انظر لأحجار الدومينو واطرق واحداً منها، وانظر ماذا سيحدث لآخر حجر دومينو بالتأكيد سيسقط بسرعة أكبر، ومن هنا يمكن أن يتفكك النفوذ الشيوعي في الهند الصينية إذا أنقذنا فيتنام الجنوبية من الغزو الشيوعي، وإلا فإن تركنا فيتنام للسيطرة الشيوعية فإن ذلك سيؤدي إلى انتصارات شيوعية مماثلة في الدول المجاورة في جنوب شرق آسيا (بما في ذلك لاووس وكمبوديا وتايلاند) وغيرها كـ (الهند، اليابان، الفليبين، إندونيسيا، وحتى أستراليا ونيوزيلندا)، ولذا فإن العواقب المحتملة لفقدان الهند الصينية لا تحصى بالنسبة للعالم الحر”.
وقال جون كينيدي عضو مجلس الشيوخ الأمريكي آنذاك، في خطاب ألقاه أمام أصدقاء أمريكا في فيتنام:
بورما وتايلاند والهند واليابان والفلبين، ومن الواضح أن لاوس وكمبوديا من بين أولئك الذين سيتعرض أمنهم للتهديد إذا غمر المد الأحمر الشيوعي فيتنام.
ومن أجل مقاربة بين ما حدث في فيتنام وما يحدث في منطقتنا ، فإن انتصار حماس وثقافة المقاومة سيكون لها هزات ارتدادية على ما جاورها من أنظمة الخنوع والاستسلام والتطبيع ، ولأجل ذلك تتعاضد هذه الكيانات مع بعضها البعض حفاظاً على بقائها ، ولذا فإن الصراع الراهن في المنطقة هو صراع بين محورين يحملان ثقافتين يحكمهما التناقض الحاد.
اليوم باتت قوى الهيمنة الغربية تعيش أزمة وجودية مع دولها الطرفية، يشبه أزمة الاتحاد السوفيتي في سنواته الأخيرة، حيث أفصح انهيار جدار برلين في 9 نوفمبر1989م عن ملامح ذلك الانهيار ، وقد تكون عملية طوفان الأقصى وانهيار جدار العزل العنصري أمام مجاهدي المقاومة في 7 أكتوبر الماضي مؤشراً على انهيار الكيان ومن خلفه قوى الهيمنة الغربية التي تداعت لإنقاذه ودعمه دعماً مطلقاً. نحن أمام معركة ستعيد رسم خرائط العالم وتدشن لنظام عالمي جديد.