لا توجد عبودية أسوأ من أن تعتقد أنك حر وأنت في الحقيقة لا تملك قرار أي شيء في حياتك..
ولمن يقول إنها مخاطرة أذكره أن اليمن وعبر إعلان رسمي سبق له وأن أعلن الحرب على الكيان مساندة للشعب الفلسطيني وقبل ذلك قام بإطلاق صواريخ ومسيَّرات على إيلات وكذا أعلن عن نيته في التصعيد في حال لم يستجب الكيان ويوقف عدوانه ومع هذا فإن اقتياد السفينة الإسرائيلية يعد تطوراً لافتا في مسار الصراع مع الكيان الإسرائيلي.
نعم العملية كبيرة بتداعياتها وتوقيتها وذات أثر كبير يتعدى حسابات الصراع الاقليمي والحرب التي تشن على غزة والمسار الذي يراد للقضية الفلسطينية وحاضر ومستقبل الشعب والأرض الفلسطينية..
فيما يخص توقيت الاستيلاء على السفينة الإسرائيلية، فقد فرضته الأحداث المتسارعة للهجمة الشرسة على غزة من قبل الكيان المحتل والتوافد السريع وغير المبرر لحاملات الطائرات والبوارج والغواصات النووية التابعة لحلف الناتو .. اليد الطولى والكيان الأبرز الرمزية الأوضح لقوى الاستكبار والهيمنة والظلم على المستوى العالمي..
نعم عملية الاستيلاء والاقتياد للسفينة الإسرائيلية عمل كبير وله عواقب ولكن ما يراد للمنطقة وشعوبها وما يجري على الأرض الفلسطينية جريمة وحشية لاقت تأييدا ومباركة من قبل دول عظمى لطالما تغنت بالإنسانية والحرية وحقوق الشعوب في تقرير المصير، ليس ذلك فحسب، بل انها قد قمعت مواطنيها وحرمت عليهم التعبير عن رأيهم وجرمت كل مظاهر التعبير عن الرأي في حال كان ضد ما يقوم به الكيان الإسرائيلي أو مساندا للشعب الفلسطيني.
نعم العملية كبيرة ولا يقوم بها إلا الكبار واليمن كبير بإيمانه وشهامته وتاريخه ومواقفه بإذن الله، كبير حين يصغر الآخرون، كبير في المحن، كبير في التحديات، كبير في اخلاقه وقيمه وخاصة حين يستدعي الموقف نصرة المستضعفين وكبير في المحن التي يتقزم امامها الآخرون.
نعم العملية كبيرة في الحسابات المادية للساسة والعسكريين والقادة وأثرها يفوق ما كان للصواريخ والمسيرات من اثر إلا أنها كانت مطروحة وواردة في سياق المواجهة في ظل ما يقوم به الكيان من جرائم وحشية وتعامٍ وتجاهل وجبن من قبل المجتمع الدولي ومن هنا ولهذا كان لها ما يبررها وفقا للممكن والمتاح وخاصة في هذه الانعطافة ومع طرق المجتمع الدولي لباب التفاوض والنقاش عن مستقبل غزة وفلسطين.. من هنا تأتي أهمية العملية كدعم وورقة ضغط تحسن وتساعد المفاوض الفلسطيني في حال فتح مسار المفاوضات، التي يتم التحضير لها عبر الأطراف الدولية والإقليمية المعنية بالقضية الفلسطينية وليس فقط في اطار إنهاء العدوان على غزة .
ومع كل هذا تأتي أهمية العملية الجريئة كرسالة قوية وعملية ومباشرة ليس للكيان فقط ولكن لكل داعميه، مفادها أن الحال لن يظل مراوحا في مكانه وان المعادلات قد تتغير في أي لحظة وأن الوضع قد ينزلق وتتوسع رقعة المواجهة لتشمل كل المنطقة.
اما لماذا يتكفل اليمن بإيصال هذه الرسالة؟ فلذلك اعتبارت ومقاربات تتعلق بعدة أمور منها:
الموقع الجغرافي وأهميته الجيوسياسية .. وتحرر القرار السياسي من التبعية المساندة والإجماع على ضرورة مساندة إخواننا في فلسطين.. البعد عن ميدان العمليات .. وحدة القرار السياسي وتحريره من القيود في ما يخص التحالفات الداخلية والخارجية التي قد تضع محاذير وتقيد القرار السيادي .