ثلاثي قاتل " الموت والجوع والعطش" يلاحق النازحين في غزة من الشمال إلى الجنوب

غزة.. غياب كلي للخدمات ومصير مجهول ينتظر 2 مليون ونصف إنسان

 

الثورة / مصطفى المنتصر

غزة .. تكتب التاريخ بمعالم جديدة، يطوي فيها المؤرخون عهداً بائداً بمساوئه الفاضحة بخذلان أشقاء وخيانة الأقرباء، شلال دم يرتشف المجرمون منه ما يشبع غريزتهم الدموية دون رقيب أو حسيب، غزة حيث يعيش الإنسان حياة لاتشبه حياة من حولهم من البشر فقد باتوا اليوم دون مأوى ولا غذاء ولا ماء ولا كهرباء ولا مقابر يدفن فيها الشهداء ولا دواء يداوي جراح المرضى والمصابين في مشهد دفنت فيه الإنسانية ووضعت القوانين الدولية تحت أقدام الصهيونية الفاشية .
إحصائيات مفزعة وأوضاع خرجت عن السيطرة حيث مصير مجهول ينتظر 2 مليون ونصف إنسان يعيشون على حافة الموت فلا غذاء ولا دواء ولا ماء ولا مأوى، وعدوان دمر على مدى 44 يوماً كل مناحي الحياة وقضى على ما تبقى من الوسائل المتاحة والممكنة لبصيص أمل لملايين البشر بوحشية دامية لم يعهد لها التاريخ البشري مثيلاً.

الجوع والعطش مصير من فضل النزوح على الموت
بعد أسابيع من القتل والتدمير والمجازر الوحشية التي ارتكبتها طائرات العدو الصهيوني في مختلف قطاع غزة اجبر العدو الغاشم مئات الآلاف من المواطنين على النزوح القسري من شمال القطاع إلى جنوبه في صورة أعادت إلى الأذهان أحداث مأساوية عاشها أجداد الفلسطينيين في منتصف القرن الماضي حين اجبر العدو ملايين الفلسطينيين على مغادرة أرضهم والبحث عن مكان يأويهم ليحل محلهم قطيع من المستوطنين الذين جلبوا من مختلف إصقاع الأرض ليكونوا حياة جديدة على اشلاء وانقاض أصحاب الأرض والقضية .
وبعد 75 عاما على مأساة التهجير الأولى يجبر المحتل اليوم أحفاد وأبناء المهجرين الأولين إلى هجرة هي الأخرى لا تشبه مآسيها تلك التي عاشها أجدادهم من قبل فسجن كبير ينتظرهم لا مأوى فيه ولا ماء ولاغذاء وكل من رغب النزوح أمل بالنجاة من قصف العدوان وجد نفسه وأبنائه على حافة الجوع والعطش بعد أن دمر الاحتلال الصهيوني محطات المياه والآبار والمخابز والمطاحن ومستودعات الغذاء بعد ان كان 80٪ من سكان قطاع غزة يعتمدون على المعونات الإنسانية.
مصير مجهول ينتظر 2 مليون ونصف مواطن فلسطيني يعيشون على حافة الموت جوعا وعطشا في زمن تضج مسامع البشرية بنداءات الإنسانية وحقوق الإنسان والتي ما لبثت ان كشف النقاب مؤخرا عن حقيقة إنشائها الزائف ومشاريعها الوهمية وأهدافها الفاضحة في ظل عدوان إجرامي طال الأبرياء في غزة تخلت فيه عن واجباتها والتزاماتها تجاه الأهداف التي أنشئت من أجلها وتلك واحدة من عشرات الحقائق التي عرتها الحرب العدوانية الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني المقاوم .
منظمة حقوقية وإنسانية حذرت من مصير محتوم ينتظر ملايين البشر في غزة في ظل افتقارها لأدنى مقومات الحياة وانعدام أساسيات العيش التي باتت معدومة بعد أن تعمد العدوان الصهيوني في تدميرها بشكل كامل حتى بات مخبزا واحدا هو الباقي لتقديم خدمات بسيطة في غزة بعد تدمير 23 مخبزا على امتداد القطاع، وليس هذا الحال فقط بل امتد الإجرام الصهيوني ليستهدف “مطحنة السلام” مطحنة القمح الوحيدة لتضاف هي الأخرى لسلسلة من جرائم التجويع والإبادة الجماعية التي ينتهجها المحتل ضد الأبرياء في قطاع غزة .
وفي الوقت الذي كان فيه الغذاء منعدما بشكل كامل لم يصبح الحصول على رشفة ماء متاح في قطاع غزة، حيث شهدت الأسابيع الأولى للعدوان الغاشم توقف ضخ جميع آبار المياه البالغ عددها 10 والتي تعتبر مصدر المياه الوحيد في مدينة رفح، بينما توقفت محطة تحلية المياه في خان يونس عن العمل، والتي توفر مياه الشرب لنحو 100 ألف شخص وذلك بسبب نفاد الوقود.
وليس ذلك فقط بل توقفت 60 بئرا عن العمل في وسط وجنوب قطاع غزة ومحطتي تحلية المياه الرئيسيتين في رفح والمنطقة الوسطى، مما جعل الحصول على قارورة ماء في قطاع غزة ضربا من الخيال معتمدين بذلك على إمدادات قوارير الماء التي تأتي ونوزع عليهم من قبل المعونات الإنسانية الشحيحة التي تصل إلى القطاع .
وفي الوقت الذي تعد المياه الجوفية غير قابل للاستخدام الإنساني وتلوث مياه البحر الذي بات تحت سيطرة المحتل أصبحت مصادر الحصول على المياه في قطاع غزة منعدمة بشكل كامل وتثير مخاوف انعدامها الخطيرة تحديات كبيرة تواجه مصير حياة الملايين من الأطفال والأهالي الأبرياء في غزة.

مستشفيات غزة تتحول إلى مقابر جماعية
في الوقت الذي يشهد فيه قطاع غزة عدواناً همجياً غاشماً تسبب في استشهاد وإصابة عشرات الآلاف من المواطنين والأطفال الأبرياء كانت المستشفيات هي الأخرى التي وضعت ضمن بنك الأهداف المشروعة للكيان الغاصب وتحت غطاء أمريكي وغربي ودولي تبنى روايات العدو وروج لمشروعيتها المزيفة حتى باتت أرواح الملايين من البشر تحت رحمة سفاح لا يعترف سواء بالقتل والتنكيل والإرهاب .
وبعد ان روج المحتل أكاذيبه المزعومة تجاه المستشفيات وادعائه بأنها تحوي اسفلها انفاق وغرف عمليات عسكرية لرجال المقاومة، وعزز أكاذيبه تلك بضوء أخضر استمده من ممولة وراعيه الأول ورأس الشر والنفاق في البيت الأبيض بأمريكا التي تبنت تلك الروايات الصهيونية وأكدتها حتى باتت تلك الإشاعات الهزلية هي البرهان والحقيقة التي استند عليها المجرمين في ارتكاب مجازرهم وجرائمهم الوحشية بحق المرضى والمصابين والنازحين داخل مستشفيات غزة .
مستشفى الشفاء بغزة اكبر المشافي في فلسطين واعرقها تاريخا حتى ان تاريخ نشأتها أقدم من تاريخ نشأة الكيان الغاصب في 48م من القرن الماضي وشاهدة على حقيقة هذا الاحتلال وأكذوبة دولته الهالكة، تعيش حتى سطوة المحتل الذي نشر مقاتليه داخل أروقتها وحاصر مرضاها والنازحين والكوادر الطبية التي باتت معزولة عن العالم دون وجود أدنى مقومات الحياة وفي ظل انقطاع تام للتيار الكهربائي مما تسبب بوفاة عدد كبير من المرضى والمصابين والأطفال الخدج نتيجة هذا الحصار الظالم .
ويتواصل مسلسل الإجرام بحق المستشفيات في قطاع غزة حتى تحولت من مركز طبي خدمي يقدم الخدمات للمرضى والمصابين الى مقبرة جماعية دفن في باحتها أكثر من 200 جثة قبل دخول المحتل اليها فيما ظلت عشرات الجثث مكدسة في أروقة وغرف المستشفى بعد أن عجز القائمون عليها من دفن باقي الجثث المتعفنة في المستشفى نتيجة حصار العدوان الظالم وعلى مرى ومسمع من العالم .
وخلال فترة الحصار الصهيوني لمستشفى الشفاء بغزة التي امتدت لأقل من أسبوع تسبب فيه الاحتلال لقتل أكثر من 40 مريض بينهم 27 مريضا في العناية المكثفة و7 من الأطفال الخدج، مما تسبب في تحول المستشفى الرئيسي في القطاع إلى مقبرة جماعية ينتظر فيه الآلاف من المرضى والمصابين والنازحين والكوادر الطبية الموت المحتوم نتيجة انقطاع التيار الكهربائي وانعدام الغذاء والماء والدواء .

الكهرباء والاتصالات والإنترنت خارج الخدمة في غزة
في كل خطوة يسعى من خلالها المحتل إلى توسيع عملياته الوحشية في قطاع غزة يعمد إلى قطع الاتصالات والإنترنت والكهرباء على القطاع بشكل كامل حتى يسهل عليه إشباع غريزته الدموية بالقتل وارتكاب المجازر وجرائم الإبادة الجماعية دون صوت أو صورة أو خبر عن ذلك .
وبعد أكثر من شهر على انقطاع التيار الكهربائي بشكل كامل وبعد عدة انقطاعات للاتصالات والإنترنت في قطاع غزة منذ أكثر من شهر خرجت شبكات الاتصالات والإنترنت في قطاع غزة نتيجة نفاذ الوقود وبعد منع قوات الاحتلال من إدخال الوقود إلى قطاع غزة المحاصر منذ بدء عدوانه الظالم في الـ7 من أكتوبر الماضي.
وفقا لما أكدته الأمم المتحدة والشركتان المشغلتان للاتصالات في قطاع غزة، فإن شركتا الاتصالات الرئيسيتين في القطاع، “بالتل” و”جوال”، قد أعلنتا الخميس الماضي في بيان، “إن جميع الخدمات تعطلت بعد منع إدخال الوقود ونفاد كافة مصادر الطاقة الاحتياطية لتشغيل عناصر الشبكة الرئيسية”.
وأكدت المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني أن الاتصالات انقطعت تماما مع قطاع غزة مجددا، بسبب نفاد الوقود.
وخلال مؤتمر صحفي أوضحت المنظمة أن هذه الخطوة تأتي في سياق محاولات الاحتلال الصهيوني المتعمدة لخنق العمليات الإنسانية في قطاع غزة المحاصر والتي تأتي بالتزامن مع الحرب الوحشية والمدمرة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من 43 يوماً على التوالي.
الاحتلال الإسرائيلي اعتبر الوقود احد أسلحته الوحشية القاتلة التي استخدمها في قطاع غزة ومنع دخول الوقود والمشتقات النفطية طيلة 43 يوماً عقب عملية طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة في محاولة منه إلى تكميم الأفواه وتغطية الجرائم التي يمارسها بشكل يومي ضد الأبرياء والمدنيين في قطاع غزة .

قد يعجبك ايضا