ما يجري في قطاع غزة لم يعد يحتمل، وما يجري لأطفال فلسطين وأطفال قطاع غزة ولنساء وشيوخ غزة وكل فلسطين ليس جريمة الصهاينة والأمريكان والغرب الاستعماري، بل هو جريمة بحق الإنسانية والمجتمع الدولي والمنظمات الدولية وكل إنسان على هذا الكوكب مسؤول عما يجري في قطاع غزة وفلسطين من جرائم على يد الصهاينة وبرعاية ومساندة كاملة من أمريكا والغرب وبتواطؤ بعض الأنظمة العربية المحورية..
منطقيا يجد المتأمل والمراقب للمشهد بأنه مشهد غير منطقي، فالجيش الصهيوني يعد بنظر العالم وأنظمة المنطقة بأنه الجيش الأقوى وهو المعد ليكون حارسا للمصالح الأمريكية _الغربية في المنطقة وقاعدة عسكرية متقدمة لواشنطن، التي به ومن خلاله تطوع المنطقة وتتحكم بكل مجرياتها وأنشطتها وعلى مختلف المجالات.
ما حدث في صباح 7 أكتوبر الماضي لم يكن فعلا عابرا، بل هو كارثة للصهاينة وكارثة لأمريكا والمنظومة الغربية، فالحادث كان بمثابة وصمة عار للجيش الصهيوني، وهذا العار لن يمحى ولو هدم الصهاينة منازل غزة منزلا منزلا وحجرا حجرا، بل لو أبادت حكومة نتنياهو سكان غزة وكل فلسطين فإنها بفعلها هذا لن تمحو العار الذي لحقها يوم 7 أكتوبر، ولهذا ما يجري في قطاع غزة ليس حربا بل جرائم بربرية وحشية يرتكبها جيش منظم بحق المدنيين العزل من النساء والأطفال والشيوخ، فيما المقاومة تواصل التصدي لهذا العدو ميدانيا بثقة واقتدار وفق ما لديها من ممكنات القوة المتواضعة إلا أن قوتها الحقيقية كامنة في حقها الذي تقره كل قوانين العالم وتشريعاته وهو مقاومة المحتل، فحماس أو الجهاد ليستا منظمات إرهابية بل هما حركتا مقاومة وطنية لهما الشرعية والحق مكفول لهما دوليا وإنسانيا وأخلاقيا، ومن يصف المقاومة بالإرهاب هو إما عدو أو متواطئ مع العدو، لذا ما يجري في فلسطين وقطاع غزة هي حرب انتقامية جائرة وغير أخلاقية وجريمة يتحمل العالم بأسره وزرها وتبعاتها الإنسانية.
طبعا أمريكا حضرت بأساطيلها وبوارجها وغواصاتها للمنطقة، ليس دفاعا عن الصهاينة وحسب، بل دفاعا عن مصالحها التي كان يفترض من جيش العدو أن يرعاها، وحادث 7 أكتوبر أرعب أمريكا لأن حارسها الأمين شاخ ولم يعد محل ثقة أو مأموناً على رعاية مصالحها، فحضرت كأصل محل الوكيل، دون أن تغفل حق الوكيل برد اعتباره من الإهانة التي تلقاها وأن بصورة انتقام وحشي وإجرامي ينافي كل قوانين وتشريعات الحروب المتعارف عليها..؟!
ومن الطبيعي لجيش بحجم الجيش الصهيوني أن يقوم بكل هذا الدمار بقطاع غزة بدافع انتقامي إجرامي مشفوعا برغبة تلمودية تتحكم بعقلية قادته وأفراده عنوانها أرض الميعاد ووطن شعب الله المختار، والرغبة في تطهير الأرض من سكانها الأصليين حاضرة في معتقدات الصهاينة على غرار ما قام به المستعمرون البيض في أمريكا بإبادة السكان الأصليين والإحلال محلهم بسكان وافدين، وهذا ما يحاول الصهاينة إعادة تطبيقه في فلسطين، يعني لحرب غزة صهيونيا دوافع مركبة، لكن هذه الدوافع محكومة بالفشل والخسارة والهزيمة، لأن في فلسطين اليوم قوى غير تلك التي كانت عام 1948م ووعي يتجاوز وعي أجدادهم ولهذا لن يفلح المخطط الصهيوني وإن استعان ببعض أنظمة الذل العربية أو حضرت معه كل قدرات أمريكا والغرب، ففي النهاية سيفشل المخطط الصهيوني وسوف تنتصر المقاومة التي هي منتصرة أخلاقيا وإنسانيا وحضاريا وعسكريا على ضوء قدراتها مقارنة بقدرات الجيش الصهيوني.