شكلت عملية طوفان الأقصى صدمة بل زلزالا كبيرا للكيان الصهيوني والدول الغربية الراعية له، وتلقى الصهاينة ضربة قاسية على أيدي المجاهدين الفلسطينيين، وكشفت بل عرت الكيان المدجج بأحدث الأسلحة الغربية والمدعوم إعلاميا من مختلف الوسائل الإعلامية الغربية ولأكثر من نصف قرن وهم يرسمون هالة عملاقة عن قدرات الكيان العسكرية و الأمنية والمخابراتية لدرجة ان دول المنطقة لم تعد تجسر حتى اصدار بيان إدانة للكيان حيال جرائمه التي يقترفها بحق الشعب الفلسطيني المستمرة منذ زرع الكيان على أيدي الانجليز، بل وصلت الجرأة الصهيونية بمهاجمة دول عربية وتقابل ذلك ببيان إدانة هزيل، ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل أصبحت دول عربية بعينها تهرول نحو “تل أبيب” بحثا عن دعمها أمنيا وعسكريا انطلاقا من اعتقاد ساذج ان الكيان بات بمقدوره حمايتهم وأنها لا توجد دولة يمكن أن تقف في وجه التفوق الصهيوني.. فكيف استطاعت فصائل المقاومة أن تحدث كل هذا الزلزال وهي التي تعيش تحت الركام والحصار، وتعاني من قلة الإمكانات والخذلان العربي؟
وسيبقى السؤال عالقا في أذهان قادة الكيان وداعميهم وانظمة التطبيع والخيانة عن كيف استطاعت فئة قليلة من مجاهدي فلسطين اختراق التحصينات والقلاع العسكرية الصهيونية وقتل المئات من جنود الكيان في مواقعهم العسكرية وأسر المئات وتطهير عدد من المستوطنات التي شيدت على أرض فلسطين وبمواصفات هندسية عسكرية محصنة ويتوفر فيها كل مقومات الدفاع العسكري حتى ما يسمى القبة الحديدية فشلت في صد الهجوم الصاروخي الفلسطيني؟
المقاومة الفلسطينية تعيد كشف حقيقة الكيان
لقد كان يوم السابع من أكتوبر يوما من أيام الله أعاد للعالم اكتشاف حقيقة الجيش الذي “لا يقهر” وساعات قليلة من الهجوم الفلسطيني المباغت فضحت دعاية نصف قرن وأكثر وسقطت أسطورة الآلة الحربية الإسرائيلية، وفخر صناعتها “الميركافا”، بعد تمكن مجاهدو غزة من اقتحام مستعمرات “غلاف غزة” والسيطرة على مواقع عسكرية صهيونية، في سابقة تاريخية منذ إعلان الكيان مستعمرته.
مشاهد الهروب الجماعي والهلع لدى المستوطنين أفرحت قلوب الملايين من المسلمين، وعرت أنظمة التطبيع والخيانة الذين سارعوا إلى أحضان الصهاينة على حساب المقدسات والدم الفلسطيني..
“طوفان الأقصى” عملية تاريخية بالتأكيد، وستشهد انعكاساً على الوضع الإسرائيلي الداخلي، بالإضافة إلى الانعكاس على الوضع الفلسطيني – الفلسطيني، مع استمرار الخلاف حول السلطة الفلسطينية بين حركتي “حماس” و”فتح”.
حقيقة الصدمة
كثير من القنوات الفضائية والمحللين العسكريين من داخل الكيان وخارجه تساءلوا عن كيف استطاعت حماس خداع جهاز المخابرات الإسرائيلي ووحدته 8200 التجسسية التي تتجسس على مكالمات غزة والتي تتفاخر بأنها تعرف ادق التفاصيل عن سكان غزة تلك الأرض الضيقة التي مساحتها 365 كم وطورت نظام اتصالات لا أحد يعلم سره، ومما أصاب الكيان بالذهول هو كيف استطاعت حماس من نشر 5000 صاروخ في موقعها قبل الهجوم.
ونشرت قوات برية ودخلت بهجوم مظلي دون أن تعلم “إسرائيل” المداومة بأحدث التقنيات التكنولوجية العسكرية المتعلقة بهذا الأمر.
لقد استطاعت حماس تخطي نظام الدفاع متعدد الطبقات والذي صرفت عليه “إسرائيل” مليارات الدولارات بتكلنوجيا من الحرب العالمية الثانية، وكيف موهوا على نظام الدفاع الإسرائيلي بالصواريخ التي ظل يلاحقها في حين بقيت قوات المظلات التابعة لحماس تظهر على الرادار كطيور .
ما حقيقة التكنولوجيا التي تملكها حماس واستطاعت ان تعطل بها نظام الإنذار والأنظمة الإلكترونية على الحدود، والتي استثمرت فيها “إسرائيل” مليارات الدولارات، ففي بضعة دقائق فقط أصبحت خرده غير صالحة للاستعمال.
” كيف لم يساعد العدد الكبير من الكاميرات وأجهزة الاستشعار في كشف الهجوم الفلسطيني وإيقافه، فضلاً عن الدوريات القتالية التي لم تكن قريبة لسبب ما.
وكانت الطائرات الفلسطينية بدون طيار قادرة بسهولة على ضرب المدافع الرشاشة وأبراج الاستشعار، وعبرت فرق حماس الهجومية الحدود بهدوء، وفجرت الأسوار. وقتل مئات الجنود الإسرائيليين في المعسكرات والثكنات وأثناء نومهم.
لقد فاجأت المقاومة الفلسطينية بقدرتها على ابتكار تكتيكات جديده للهجوم والاختراق في الحروب واستطاعت بكل سهولة تجاوز التحصينات العسكرية للقواعد الإسرائيلية والتي تضم مركبات مدرعة ودبابات.
وتفاجأ العالم كله بتدمير دبابات Merkava Mk.4 الإسرائيلية والتي تملك طبقات حماية متعددة ضد القذائف واسر قادتها.
في بضعة دقائق حولت حماس مناطق غلاف غزه والمستوطنات بداخلها الى مكان للرعب في درجة أظهرت هشاشة الحماية الأمنية للمستوطنات.. وهكذا استطاعت المقاومة الفلسطينية من صنع زلزال عسكري هز الكيان وصدم العالم كله وفاجأ الصديق والعدو على حد سواء بل الأهم انها كشفت إن إسرائيل بيت اوهن من بيت العنكبوت وأثبت المجاهدون الفلسطينيون حقيقة الصهاينة (ضربت عليهم الذلة)..
عملية طوفان الأقصى.. تعيد إحياء القضية الفلسطينية في وجدان الأمة
على الرغم من وحشية الصهاينة ومحاولاتهم مسح غزة من على وجه الأرض وعلى الرغم من خذلان الانظمة العربية المهين والصمت الفاضح ورغم هول المجازر والفظائع التي ترتكبها [إسرائيل] بحق شعبنا الفلسطيني في غزة، لم تفكّر أي دولة عربية وإسلامية مُطبّعة بقطع العلاقات معها! بالرغم من إعلان الدول الغربية دعمها للكيان الصهيوني بدون أي تحفظ، وأرسلت أمريكا حاملة طائرات لإسناد الصهاينة ووصل حتى وزير الخارجية الأمريكي إلى تل أبيب متحديا ٢٤٠ مليون عربي ومليار مسلم معلناً أنه لم يأت “تل أبيب” بصفته وزير خارجية أمريكا وحسب بل أيضا بصفته يهوديا.. بينما لم نسمع حتى بيان عربي مشرف من قبل الأنظمة العربية، لأنهم للأسف اصبحوا صهاينة و خرجوا من حُلّة الإسلام والعروبة بجدارة، وارتدوا ثياب الصهينة والنفاق بلا خجل..
إلا أن الشعوب العربية والإسلامية مسكت زمام المبادرة وخرج الملايين إلى الشوارع دعماً للمقاومة الفلسطينية وتنديداً بجرائم الصهاينة، وإعلان استعدادهم لنصرة إخوانهم في فلسطين مطالبين فتح الحدود للدخول إلى فلسطين ومشاركة أهلها مواجهة آلة القتل الصهيونية.. حيث خرجت مظاهرات في مختلف الدول العربية والإسلامية إلا في السعودية والإمارات فقط..
اليمن في مقدمة الشعوب العربية نصرة لفلسطين
كان الشعب اليمني وما يزال في مقدمة شعوب الأمة في نصرة القضية الفلسطينية وفي ظل قيادة السيد عبد الملك أعلن اليمن وعلى لسان السيد القائد نفسه استعداده للمشاركة العسكرية إلى جانب الشعب الفلسطيني وضمن محور المقاومة مؤكدا أن دخول أمريكا المباشر إلى جانب الصهاينة بمثابة خط أحمر لن يتردد اليمن في استخدام كل إمكاناته في دعم الشعب الفلسطيني وسيوجه ضربات عسكرية بالصواريخ والطائرات المسيرة لقصف أهداف صهيونية وأمريكية في أي مكان في المنطقة ولن تكون هناك حواجز تمنع اليمنيين من دعم اخوة الجهاد والدم..
وعلى المستوى الشعبي خرج الملايين من أبناء اليمن الأحرار في مختلف المحافظات معلنين استعدادهم للمشاركة في نصرة أبناء فلسطين، داعين لفتح الحدود والحواجز الجغرافية للوصول إلى فلسطين .. محملين الانظمة الخائنة مسؤوليتها إزاء استمرار الجرائم الصهيونية بحق أبناء فلسطين ومحاولات الصهاينة تهجير أبناء غزة وابادتهم..
وخلال المسيرات المليونية التي خرجت في المدن والمديريات هتف اليمنيون لفلسطين مؤكدين أنها قلبهم النابض وأنهم لن يسمحوا للصهاينة بالاستفراد بغزة معلنين الجهاد ضد الصهاينة ومناشدين الدول العربية التي تدثرت ثوب الذل والعار أن تفتح لهم فقط مسارات للوصول إلى فلسطين..
لقد أحيت “عملية طوفان الأقصى” القضية الفلسطينية في وجدان الأمة من جديد رغم المليارات التي بذلها الصهاينة وبذلتها أمريكا وأدواتها في المنطقة من أجل تصفية القضية الفلسطينية وتهيئة الأمة لتقبل الكيان الصهيوني كشريك لهم، بل قائد للمنطقة برمتها بعد أن أوجدوا عدوا وهمياً هو إيران، وأثبتت العملية أن القضية الفلسطينية لم تمت في وجدان الأمة وانها باقية حتى زوال الكيان الذي بات زواله أقرب من أي وقت مضى..
كما نسفت العملية مؤامرة التطبيع وأعادت البوصلة إلى مكانها الصحيح والانهيار المعنوي الاسرائيلي لن يترمم، فقد شكلت “طوفان الأقصى” زلزالا غير من موازين القوى التي سادت منذ بدء الصراع في المنطقة، واثبت ان المقاومة ومحورها لديهم العقول والإرادات التي تدرس وتحلل وتخطط، ولديهم القدرات الهائلة التي تنفذ تقتحم تطهر، والنتيجة انهيار بنية العدو المعنوية والمادية العسكرية والمدنية..
وما تزال العملية مستمرة، ومحور المقاومة يتوثب لأي تطورات، فمن المؤكد انهم لن يسمحوا بهزيمة غزة لأنها هزيمة المحور، وكما يقول قادة الغرب انهم أصبحوا إسرائيليين، فإن احرار الأمة هم اليوم فلسطينيون أكثر من أي وقت مضى..
إن حتمية زوال الكيان الصهيوني قد بدأت وأن فلسطين ستنتصر وأن ثقتنا بالله أكبر من الغرب وقدراته العسكرية وهو خير الناصرين…