فلسطين.. كرامة الأمة المستباحة..!

طه العامري

 

 

إن رد الفعل الأمريكي _الغربي _ الصهيوني، على فعل المقاومة الموسوم بـ (طوفان الأقصى) أثمر عن دمار هائل ومذابح مريعة ومرعبة طالت نساء وأطفالاً وشيوخاً ومدنين عزل، ولم تطالاً مقاوماً واحداً، وهذا يدل عن العقيدة الإجرامية لعصابات الاحتلال التي اعتادت على استهداف المدنيين حين تفشل في الوصول للمقاومين، كان هذا ديدنها في جنوب لبنان حين كانت المقاومة الفلسطينية تنشط فيه، قبل عام 1991م.
كما أن رد الفعل الإجرامي جاء كمحاولة صهيونية لاستعادة هيبة مفقودة وإعادة الثقة للمؤسسة العسكرية والأمنية في الكيان، وأيضا لإعادة الثقة لمستوطني الكيان الذين فقدوا ثقتهم بكيانهم وبقدراته في توفير الحماية لهم، وهو ما دفع كثيرين من مواطني الكيان للمغادرة والعودة من حيث أتوا..!!
شخصيا لست على علم من أن معركة طوفان الأقصى جاءت بناء على تنسيق مسبق بين أطراف محور المقاومة، أو هي حصيلة اجتهاد ذاتي لفصائل مقاومة الداخل الفلسطيني، لكن وأيا كان الأمر وكانت الدوافع لتفجير معركة طوفان الأقصى وما أكثرها، فإن رد الفعل الأمريكي والغربي والصهيوني عليها تجاوز كل الحدود العسكرية والقانونية والأخلاقية والإنسانية، والأقبح طبعا في الموقف هو رد الفعل الأمريكي البريطاني الذي ذهبت أطرافه حد تسويق الأكاذيب وتحريك الأساطيل وتبني نظرية الجلاد دون التفكير بحال الضحية وحقوقه التي تعرفها جيدا واشنطن ولندن وكل المنظومة الغربية، التي تدرك جيدا حق هذا الشعب الذي سلب منه بواسطتهم منذ 75 عاما، يوم منحت بريطانيا التي استعمرت المنطقة فلسطين للصهاينة تعويضا لهم عما لحقهم على يد النازية، وكان المفترض أن يتعوضوا بأراض ألمانية وليس في فلسطين..؟!
إن أجمل ما كشفته معركة طوفان الأقصى هو هذا التلاحم المقدس بين الكيان وحلفائه الذي جعل أمريكا وبريطانيا يعلنان حالة الطوارئ ويحركان أساطيلهما لإنقاذ كيانهم المدجج بأحدث الأسلحة الحديثة والفتاكة ومنها السلاح النووي ومشتقاته من الأسلحة المحرمة دوليا والتي لم يتردد هذا الكيان في استخدامها ضد أبناء الشعب العربي في فلسطين، والكارثة المفزعة أن هذا الكيان لم يواجه دولة من دول المنطقة، ولم يواجه جيشا كلاسيكيا، بل كل هذا الجنون الأمريكي والغربي والصهيوني يأتي ضد مجموعة مقاومين سلاحهم بدائي لم يأت من شركات لوكهيد ولا أي من شركات صناعة الأسلحة بل سلاحهم مصنع ذاتيا وفي ورش بدائية وعلى أيديهم، لكن هرولة أمريكا وبريطانيا والغرب ليس دافعه سلاح المقاومة بل إرادة المقاومة إرادة الإنسان الرافض للاحتلال المؤمن بحق شعبه بالحرية والاستقلال ودولة ذات سيادة على كامل ترابه الوطني، نعم إن ما أرعب أمريكا وبريطانيا والعدو ليس الأسلحة بل تلك الإرادة التي يتمتع بها أبطال المقاومة التي جعلتهم يقتحمون معسكرات العدو المجهزة بأحدث الأسلحة الفتاكة، وهم يحملون أسلحة بدائية، لكنهم مسلحون بإرادة قدرتها تتجاوز كل أسلحة الكون، أنها إرادة طلاب حق وأصحاب حق وهي كسلاح مادي ومعنوي تفوق كل أسلحة الدمار الشامل قدرة واقتدارا، ولأجل القضاء عليها هرولت أمريكا وبريطانيا وتداعى الغرب لتبرير جرائم الصهاينة في رد فعل تجاوز المنطق العسكري والقانوني والأخلاقي، ورافق هذا تصريحات نارية وعنترية وأكاذيب وكل هذا يعكس حقيقة الضعف والارتباك الذي يعيشه العدو وأجهزته وقادته، وهو الارتباك الذي طال حلفاءه ورعاته في واشنطن ولندن، لينعكس كل هذا في حراك دبلوماسي وإعلامي زائف، وجرائم إبادة وتطهير يقوم بها الاحتلال ومحاولة التغطية على فشله وتجاوز الإهانة الساخرة التي وضعته بها المقاومة أمام مستوطنيه ورعاته والمجتمع الدولي بأسره، الذي أصبح يسخر ويتندر من هذا الكيان ومن قدراته الزائفة؟!
أن أمريكا هي المسؤولة الأولى عن الجرائم التي يرتكبها الصهاينة في فلسطين بما في ذلك استخدام ذخائر محرمة دوليا زودت بها أمريكا عبر جسرها الجوي جيش الكيان ليستخدمها ضد مواطني وأطفال ونساء فلسطين وبتشجيع مباشر ودعم علني من قبل أمريكا وبريطانيا اللذين تشجعان الكيان على القيام بحرب إبادة ضد شعب يطالب بحرية وطنه وباستقلاله من المحتل والغازي الذي يحتل أرضه منذ 75 عاما متجاهلا كل القرارات الدولية الصادرة والمؤيدة لحقه بالحرية والاستقلال وإقامة دولته المستقلة، والتي حالت دون تنفيذها أمريكا وبريطانيا اللتان تعدان المسؤولتان عما يجري في فلسطين..!
إن ما يجري للشعب العربي الفلسطيني اليوم هو بمثابة جريمة إنسانية وأخلاقية ووصمة عار في جبين الإنسانية والعالم المتحضر إن كان هناك عالم متحضر فعلا لديه بقايا من قيم وأخلاقيات، هذا العالم الذي يؤيد حق المحتلين ولا يعترف بحق المحتل الذي صودرت أرضه وحريته، وينظر لمقاومته بأنها عمل إرهابي، مع أن كل القوانين والشرائع السماوية والأرضية تعطي لكل شعب يتعرض للاحتلال حق مقاومة المحتل حتى تحرير أرضه واستقلال وطنه. إن العالم لا يمكن أن يكون صهيونيا على غرار حكام البيت الأبيض أو حكام 10دونغ ستريت، وبالتالي من العيب أن يقف هذا العالم باستجداء الصهاينة كي يسمحوا بفتح ممرات آمنة أو عدم تهجير شعب بكامله من أراضيه بذريعة عدم جواز مقاومته لمن يحتله..؟!
إن المجتمع الدولي مطالب بالوقوف بحزم أمام الغطرسة الإجرامية للكيان الصهيوني ورعاته في واشنطن ولندن اللذين يتخذان من جرائم هذا الكيان آخر أوراق بقائهما في واجهة الهيمنة التي لم تعد متاحة لهما إلا في منطقتنا العربية بعد أن تجاوزت شعوب الأرض هيمنة وغطرسة واشنطن ولندن إلا بعض أنظمة منطقتنا العربية التي لا تزال تعبد أمريكا وكأنها (اللات والعزى وهبل)..؟!
يتبع…

قد يعجبك ايضا