الثورة /
اعتقدت إسرائيل لفترة طويلة أن الجدار الأمني عالي التقنية الذي يفصلها عن قطاع غزة، والمعزَّر بالكاميرات وأجهزة الاستشعار، لا يمكن اختراقه. لكن عملية طوفان الأقصى اخترقته. وقبل وقت قصير من تدفق المهاجمين من غزة إلى الأراضي المحتلة فجر ذلك السبت، اكتشفت المخابرات الإسرائيلية زيادة في نشاط بعض شبكات المسلحين في غزة التي تراقبها.
وبعدما أدركوا حدوث شيء غير عادي، أرسل العملاء تنبيهاً إلى الجنود الإسرائيليين الذين يحرسون حدود غزة، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز، نقلاً عن اثنين من كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين. لكن التحذير لم يُنفّذ.
أرسلت المقاومة طائرات من دون طيار لتعطيل محطات اتصالات خلوية وأبراج مراقبة تابعة للجيش الإسرائيلي على طول الحدود، ما منع الضباط المناوبين من مراقبة المنطقة عن بعد بكاميرات الفيديو.
وفشل ضباط المخابرات في مراقبة قنوات الاتصال الرئيسية التي يستخدمها المهاجمون الفلسطينيون. وسمح الاعتماد المفرط على معدّات مراقبة الحدود التي يسهل على المهاجمين إيقافها، بمداهمة القواعد العسكرية وقتل الجنود في أسرّتهم.
وفي المكالمات التي رصدها عملاء المخابرات الإسرائيلية، أعطى ناشطو حماس الذين تحدثوا مع بعضهم البعض إحساساً بأنهم يسعون إلى تجنب حرب أخرى مع إسرائيل، بعد فترة وجيزة من صراع مدمر استمر أسبوعين في مايو/أيار 2021، وفقاً لـ”نيويورك تايمز”، عن مسؤولَين إسرائيليَين، أضافا أن المخابرات الإسرائيلية تبحث الآن في ما إذا كانت تلك المكالمات حقيقية أم مفبركة.
وقال مسؤولان للصحيفة إن نظام مراقبة الحدود الإسرائيلي يعتمد بشكل شبه كامل على الكاميرات وأجهزة الاستشعار والمدافع الرشاشة التي تعمل عن بعد.
وبسبب فرط الثقة في هذه التكنولوجيا، قلّل الجيش الإسرائيلي عدد القوات على حدود غزة. وقال اللواء المتقاعد، إسرائيل زيف، إن “تضاؤل القوات بدا معقولاً بسبب بناء السياج والهالة التي خلقوها حوله، وكأنه لا يُقهر، ولن يتمكن أي شيء من تجاوزه”.
لكن نظام التحكم عن بعد كانت فيه ثغرة أمنية: يمكن أيضاً تدميره عن بعد. استغلت المقاومة هذا الضعف من خلال إرسال طائرات من دون طيار لمهاجمة الأبراج الخلوية التي تنقل الإشارات من نظام المراقبة وإليه.
ومن دون الإشارات الخلوية، كان النظام عديم الفائدة. لم يتلّقَ الجنود المتمركزون في غرف التحكم خلف الخطوط الأمامية إنذارات تفيد بأن السياج الذي يفصل بين غزة وإسرائيل قد اختُرق، ولم يتمكنوا من مشاهدة مقطع فيديو يظهر لهم المكان الذي كان فيه مهاجمو المقاومة يهدمون المتاريس بالجرافات.
وسمح ذلك لأكثر من 1500 مقاتل من غزة بالتقدم عبر ما يقرب من 30 نقطة على طول الحدود، بعضهم في طائرات شراعية، والوصول إلى أربع قواعد عسكرية إسرائيلية على الأقل من دون اعتراضهم.
الفشل العملي الثاني، كان تجمع قادة فرقة غزة في الجيش في مكان واحد على طول الحدود. وبمجرد اجتياح القاعدة، قُتل أو جُرح أو أُخذ معظم كبار الضباط كرهائن، وفقًا لمسؤولَين إسرائيليَين.
وقد حال هذا الوضع، إلى جانب مشاكل الاتصال التي سببتها ضربات الطائرات من دون طيار، من دون الاستجابة المنسقة. وقد منع هذا أي شخص على طول الحدود من فهم النطاق الكامل للهجوم.
وتقول الصحيفة إنه، لساعات طويلة، أصبح أقوى جيش في الشرق الأوسط عاجزاً عن القتال ضد عدو أضعف بكثير.
وقال المسؤول الكبير السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، يوئيل جوزانسكي، “إننا ننفق المليارات والمليارات على جمع المعلومات الاستخبارية عن حماس. ثم، في ثانية واحدة، انهار كل شيء مثل قطع الدومينو”.