كما كان متوقعا لم يتفق القادة العرب الذين شاركوا في ما سميت بقمة السلام التي انعقدت السبت في القاهرة برئاسة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على صيغة توافقية لبيان عربي مشترك على الأقل بعد أن حالت الضغوطات الأمريكية دون صدور بيان ختامي عن القمة والتي تناغمت مع ذات الرغبة للكثير من الدول المشاركة، التي لم تحرج نفسها بأي بيان واكتفت بكلمات ممثليها والتي لم يخل بعضها من تحميل حركة حماس والمقاومة الفلسطينية كامل المسؤولية عن العدوان الذي يشنه كيان العدو الإسرائيلي والذي دخل أسبوعه الثالث .
الخيبة والخذلان العربي لفلسطين والقضية الفلسطينية معطيات ليست بجديدة على القادة والملوك والزعماء والرؤساء العرب، فقد عودونا على الخذلان والخيانة والتآمر على مدى تاريخ القضية الفلسطينية، وزادت وتيرة هذا التآمر عقب دخول بعض الدول العربية في علاقات دبلوماسية مع الكيان الصهيوني وصولا إلى حد الذهاب لفرض التطبيع مع هذا الكيان على دول المنطقة بأوامر أمريكية وضغوطات سعودية إماراتية تحت يافطة ( صفقة القرن) التي سعت الإدارة الأمريكية نحو تمريرها مستعينة بصهاينة العرب محمد بن زايد ومحمد بن سلمان والتي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وتهجير أبناء فلسطين من أرضهم، وتمكينهم من الإقامة في صحراء سيناء كوطن جديد لهم تحت إغراء الأموال السعودية والإماراتية الممول الرئيسي لتلكم الصفقة، التي بدأت حيز التنفيذ بتطبيع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان والسعودية وتسريع وتيرة العلاقات والتحالفات الثنائية بين تلكم البلدان وكيان العدو الإسرائيلي، وسط حالة من الصمت والتجاهل واللا مبالاة من قبل الجامعة العربية وما يسمى بمنظمة المؤتمر الإسلامي التي بات أمينها العام في مقدمة الشخصيات المؤيدة والمساندة للتطبيع مع الكيان الصهيوني ومن أشد المتحمسين للتقارب مع اليهود الصهاينة تحت يافطة التسامح والتعايش بين الأديان والطوائف حد زعمه .
قمة القاهرة خرجت ببيان مصري هزيل مشبع بالذلة والمهانة والعمالة والخذلان والخيانة، حيث ذكر البيان أن انعقاد القمة جاء من أجل التشاور والنظر في سبل الدفع بما أسماها (جهود احتواء الأزمة المتفاقمة في قطاع غزة، وخفض التصعيد العسكري بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني الذى راح ضحيته آلاف القتلى من المدنيين الأبرياء منذ اندلاع المواجهات المسلحة في ٧ أكتوبر الجاري)، وهو بهذا الطرح السخيف يساوي بين الجلاد والضحية، ويساوي بين ما قامت وتقوم به المقاومة الفلسطينية التي تدافع عن أرضها وعرضها وشرفها وكرامتها، بل عن العزة والشرف والكرامة العربية، وبين ما يرتكبه كيان العدو الصهيوني المحتل الغاصب في حق أبناء قطاع غزة خاصة وفلسطين عامة من قتل وتنكيل وتدمير وإهلاك للحرث والنسل، ولم يجرؤ البيان المصري على إدانة الإجرام الصهيوني الذي طال حتى المستشفيات مراعاة لمشاعر واشنطن وتل أبيب، ولا غرابة فهذا هو الرئيس العربي الذي ظهر في مؤتمر صحفي مع المستشار الألماني قبل أيام وهو يضع مقترحاً للصهاينة من أجل تهجير أبناء غزة إلى صحراء النقب كبديل لصحراء سيناء إلى حين انتهاء جيش الكيان الصهيوني من تصفية حركات المقاومة والقضاء على الإرهاب حسب وصفه .
بالمختصر المفيد، قمة القاهرة انعكاس طبيعي للواقع العربي المرير، وللتآمر العالمي الكبير على فلسطين وشعبها والقضية الفلسطينية التي تمثل قضية كل العرب والمسلمين، قطيع من القادة العملاء المنبطحين، منزوعي النخوة والغيرة والرجولة والشرف، لا دين ولا ضمير ولا قيم ولا مبادئ، تجردوا من كل ما سبق من أجل الحفاظ على عروشهم وكراسيهم، ظنا منهم أنهم بذلك في مأمن عن المؤامرة الأمريكية الإسرائيلية التي تستهدف المنطقة بأكملها، وهم لا يدركون أنهم في مرمى الاستهداف بمجرد قيامهم بإنجاز المهام الموكلة إليهم، وسرعان ما سيتم الاستغناء عن خدماتهم، حينها ستدور الدائرة عليهم، ولهم في من سبقهم من القادة العملاء المنبطحين العظة والعبرة، أما غزة وأهلها فلا خوف عليهم وليسوا في حاجة لهم، و مادام الله معهم؛ فإن النصر حليفهم بعون الله وتأييده وتوفيقه جل في علاه، هو نعم المولى ونعم النصير .
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله .