غزة بين مطرقة إسرائيل وسندان التضليل

مريم القبش

 

يبدو أن الحرب بين حركة حماس وإسرائيل لا تقتصر على الميدان فقط، بل تمتد أيضا إلى مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث يحاول الطرف الإسرائيلي ومن يدعمه السيطرةَ على وصف الأحداث والتلاعب بالحقائق، فنرى أنه يتم حذف وتعطيل أغلب المنشورات المؤيدة للفلسطينيين بذريعة أن ما ينشر عن فلسطين يشجع على الإرهاب ويتنافى مع خوارزميات الشركات والمنصات الرقمية.
في الوقت الذي تتحيز فيه إدارات منصات التواصل الاجتماعي العالمية للمحتوى الصادر عن الاحتلال الإسرائيلي، يُقابَل المحتوى العربي الفلسطيني بنهج مغاير تماما من قِبل هذه المنصات بتقييده أو حظره بانحياز واضح للروايات الإسرائيلية، حيث أن المؤثرين العرب يجدون صعوبات بالغة في نقل المحتوى الداعم لفلسطين والوجه الحقيقي للصورة، إذ تحظر أغلب منشوراتهم ويتم تعطيل نشرها وانتشارها.
ولم تقتصر إجراءات فيسبوك وانستغرام على حذف المنشورات وتقويض وصولها إلى المتابعين، بل وقد وصلت إلى حظر الحسابات ومنع أصحابها من إعادة النشر، الشيء الذي رأى فيه نشطاء مواقع التواصل تعمد التعتيم الإعلامي بحجب أصواتهم الداعمة للحق والعدالة.
وفي دليل آخر على الانحياز التام من لدن المواقع للكيان الصهيوني، حذر الاتحاد الأوروبي شركات التكنولوجيا من عقوبات قانونية إذا لم تحذف أي محتوى مؤيد لحركة حماس من على المنصات، باعتبارها “منشورات مضللة ومشجعة على العنف -كما قال المتحدث باسم المفوضية بحسب وكالة رويترز- إن المحتوى المتداول عبر الإنترنت والذي يمكن أن يرتبط بحماس، يعد محتوى إرهابيا، وهو غير قانوني، ويجب إزالته بموجب قانون الخدمات الرقمية، واللائحة التنظيمية للحد من المحتوى الإرهابي عبر الإنترنت.
وفي السياق عينه أظهرت مجموعة من التقارير الحديثة أن المحتوى الفلسطيني قد لاقى انتهاكات عديدة خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2023م، حيث سجلت شركة فيسبوك ما معدله 356 انتهاكا، فيما بلغ عدد الانتهاكات على منصة إكس 68 انتهاكا، وحوالي 72 انتهاكا على منصة انستغرام، والأخرى موزعة على باقي المنصات.
وفي ظل التصاعد الأخير للأحداث الجارية في فلسطين والتقييد الواضح للمحتوى الفلسطيني، يحاول مجموعة من النشطاء التحايل على خوارزميات مواقع التواصل من خلال وضع فواصل أو رموز في الكلمات الدالة على المحتوى الخاص بالقضية الفلسطينية، ولا سيما التي تتناول أحداث قصف قطاع غزة والحدود الفلسطينية اللبنانية، أو التي تتضمن كلمات مثل القدس أو حماس، أو إسرائيل وغيرها من الكلمات إذ تتم كتابتها على سبيل المثال “إسر**ئيل“.
وعلى صعيد متصل ابتكر رواد آخرون طريقة أخرى لتمويه اللغة العربية وخداع الخوارزميات مع ضمان انتشار المنشورات دون حجب، وذلك بالاعتماد على كتابة النص باللغة العربية بلا نقاط، حيث يتم إدخال النص على أحد المواقع وتحويله إلى آخر بديل بلا نقاط مع إمكانية قراءته بسهولة.
وكان خبراء الشبكات الاجتماعية قد قدموا في ما سبق مجموعة من النصائح لتقليل حالات الحظر الذي قد يتعرض إليه الناشر إذا رغب في نشر صور ومنشورات داعمة للقضية الفلسطينية، ومن بين هذه النصائح: – تجنب إضافة أكثر من هاشتاغ في المنشور الواحد.
– إضافة محتوى إضافي في التعليق أو المنشور.
– عدم تكرار إرسال نفس الرسالة بطريقة آلية لجميع الأصدقاء والمتابعين.
الحرب الإلكترونية على انتشار المحتوى الفلسطيني ستظل محتدمة طالما نعيش تباينا واضحا في الآراء والمواقف، الشيء الذي أجج فكرة إنشاء مواقع تواصل عربية 100 % بهدف نقل الحقائق الكاملة ودون تزييف مع تفادي التداعيات السلبية للتحييد والحذف الإلكتروني، فهل فعلا هذا هو الحل؟ أم أنه من الضروري اتخاد إجراءات جديدة للتأثير على المجتمع الدولي وتغيير وجهة نظره حول الصراع؟
كاتبة مغربية

قد يعجبك ايضا