معاً لإفشال المخططات الأمريكية في المنطقة

صادق صالح الهمداني

 

 

تمرّ امتنا العربية والإسلامية في مرحلة استثنائية حرجة تتطلب العمل على رفع مستوى وعي وإدراك أبنائها وتنمية وقدراتهم على تقييم تطورات الأحداث ومستجداتها واستشعار المسؤولية الملقاه على عواتقهم تجاه ما يحاك ضد الأمة ومقدساتها من مؤامرات وابرزها تمرير خدعة التطبيع…
ما يتطلب تهيئة الشعوب العربية والإسلامية للقيام بانتفاضة ضد أنظمة الذل والخنوع والإستسلام، ممن انساقوا وراء وهم التطبيع بوعي أو بدون وعي بالترغيب أو بالترهيب..
وأجراء مراجعة سريعة لمجريات الأحداث في المنطقة.. ومنها مناصحة تلك الأنظمة أولاً لرفع الحرج عنها ووضعها أمام الحقائق، فالتطبيع لم ولن يجلب الأمن والرخاء والرفاه الاقتصادي لتلك الدول بل تحول إلى وسيلة ابتزاز كما هو حاصل للمثلث السعودي القطري الإمارتي الذي تم تحويله إلى أدوات واذرع طولى لتمرير مخططات ودسائس صهيونية ضد دول وشعوب المنطقة، و من جهة أخرى، تصفية القضية الفلسطينية تحت مبررات وحجج واهية ومنها السلام المزعوم ، وإقامة دولة فلسطينية، فلا السلام تحقق ولا الدولة الفلسطينة تم الاعتراف بها.. وصولاً لما عرف بصفقة القرن المشؤومة التي كشفت القناع عن مؤامرة كبيرة، وزيف لسلام خانع ذليل لم يجلب الحرية والعيش الكريم للشعوب التوقة للانعتاق والتحرر من الوصاية الخارجية ووقف استغلال مقدراتها..
لأن السلام العادل لا يٌستجدى بل ينتزع باستعادة الحقوق المسلوبة والأراضي المغتصبة..
وهذا لن يتحقق الا بالقوة فما اخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة..
فاليهود عبر مراحل مختلفة من تاريخهم يمجدون القوة والدليل على ذلك تحولهم من الحماية البريطانية التي مكنتهم من احتلال ارض فلسطين إلى الحماية الأمريكية بمجرد انتها دور بريطانيا، وتقليم اظافرها، وهي التي كانت تسمي نفسها بالامبراطورية التي لا تغييب عنها الشمس..
واليوم أمريكا تترنح في مواجهة روسيا والصين ناهيكم عن فشلها الذريع في اليمن والعراق وأفغانستان والصومال وسوريا..
وكيف خرجت تجر أذيال الخيبة من تلك الدول في محاولات يائسة للاحتماء بأدواتها من تلك الأنظمة التي زرعتها في جسد الأمة تحسبًا لتك الظروف ومن ثم العودة لممارسة أساليبها المفضوحة تحت شعارات في ظاهرها الرحمة وفي باطنها الجحيم ومنها السلام، والشرق الأوسط الجديد، والشفافية، وحوار الحضارات وصولاً للحرب الناعمة بالاستفادة من التقنية الرقمية ومحاولة تطويعها للنيل من هوية الأمة.. وتفجير الصراعات وخلق التباينات لإدارة المعركة بالوكالة من خلال أدواتها كم حدث في اليمن وسوريا ولكن وعي الشعبين في اليمن وسوريا كان في مستوى تلك التحديات إذ لم تجن أمريكا سوى المزيد من الخيبات..
وها هي أمريكا اليوم لم تستفد من تلك الدروس والانتكاسات والهزائم المتلاحقة التي منيت بها وتحاول أن تعيد تكرار ذات الفعل الذي ارتد عليها في السابق لإنقاذ حليفتها إسرائيل من خلال القيام بإرسال بوارج حربية وحاملات طائرات لرفع معنويات الكيان الصهيوني بعد تلقيه هزيمة نكراء على أيدي فتية من ابطال المقاومة الفلسطينية لم يتلقاها منذ بداية احتلاله لفلسطين وهو ما عرف ب « طوفان الأقصى».
وهي العملية التي أفقدت قادة الكيان الصهيوني صوابهم وأظهرتهم أمام العالم بحالة هستيرية وتخبط دفعهم إلى ردة فعل انتقامية من الأبرياء في قطاع غزة..
ما يؤكد أن الكيان الصهيوني ومن ورائه أمريكا وبريطانيا ومن دار في فلكهم يعيشون انتكاسة ومفاجاءات لم تكن في حساباتهم ووضعاً مختلفا لم يألفوه من قبل..
ما يستدعي مراجعة تلك الأحداث مما يجري، وهي فرصة سانحة أمام الشعوب العربية والإسلامية في دول محور المقاومة من جهة لإعلان التعبئة العامة.. وتوجيه رسائل قوية لأمريكا وحلفائها تتمثل في المزيد من التلاحم والتنسيق ووحدة الموقف الرسمي والشعبي الدعم والمساند للشعب الفلسطيني وفي مقدمة ذلك سرعة إيصال المساعدات إلى قطاع غزة وأفشال الحصار الذي يحاول العدو الصهيوني فرضه بهدف عزل قطاع غزة والعمل على وقف التهجير القسري مهما كانت التضحيات والنتائج..

ومن ثم استغلال تخبط أنظمة التطبيع ونقاط الضعف في مواقفها التطبيعية المخزية والضغط عليها من خلال تهيئة الشارع العربي للخروج إلى الشارع، وتنظيم مسيرات وتظاهرات شعبية احتجاجاً على مواقفها المتخاذلة بالتزامن مع تنظيم حملات إعلامية تتناول تحركاتها ومواقفها المشبوهة وتعزيز مواقف الشعوب المتضامنة والمؤييدة للشعب الفلسطيني.. وإدانة تلك المواقف المتخاذلة، ومطالبة أنظمة تلك الدول بإيقاف التطبيع مع إسرائيل بكل صوره وأشكاله وتفعيل سلاح المقاطعة السياسية والإقتصادية للدول الداعمة للكيان الإسرائيلي وهو سلاح فعال يمكن من خلاله منع تلك الأنظمة من الاستمرار في سياسة التخذيل ، والعمل على تخفيف الضغط الذي تمارسه أنظمة التطبيع والعمالة والانبطاح والموالاة للكيان الصهيوني على فلسطين ودول محور المقاومة .. كل هذه المقومات عوامل قوة للإجهاز على الدور الامريكي المساند للكيان الصهيوني ووأده قبل أن يحقق أهدافه في عزل المقاومة عن محيطها العربي .. وبالتالي فإن المقاومة الفلسطينية ستتكفل بإطالة امد المواجهة والتنكيل بقوات العدو وقطعانه..
إضافة إلى الدور المؤامل والمطلوب من الدول العربية غير المطبعة مع الكيان الصهيوني في مساندة ودعم الشعب الفلسطيني ومقاومته البطلة، بالتنسيق مع دول وشعوب محور المقاومة في تعزيز التضامن والتأييد والقيام بأدء دور دبلوماسي وإعلامي في المناصحة وكشف الحقائق والأبعاد المترتبة على تلك السياسيات، وايضاح حقيقة ما يجري في الأراضي الفلسطينية وما يرتكبه الكيان الصهيوني من مجازر وحرب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني وإيصال مظلوميته إلى العالم…

قد يعجبك ايضا