
يأتي العيد الوطني الـ 24 لقيام الجمهورية اليمنية وإعادة تحقيق الوحدة هذا العام وقد تقدم اليمنيون كثيراٍ صوب بناء الدولة اليمنية الحديثة في إطار ما تمخضت عن مؤتمر الحوار الوطني من مخرجات من شأنها أن ترسخ قيم الحرية وتضمن عدالة المشاركة في الثروة والسلطة .. كما ستعمل تلك المخرجات على توطيد عرى الوحدة الوطنية في ربوع الوطن الحبيب في إطار النظام الفدرالي (الأقاليم ) والذي من شأنه إسناد مهمة إدارة شؤون المناطق والأقاليم لأبنائها وتوظيف طاقاتهم البشرية والمادية .. إذاٍ فالعيد الوطني لقيام الجمهورية اليمنية لهذا العام سيحتفل به كافة ابناء شعبنا اليمني بفرح عارم بعد أن باتت آمالهم قاب قوسين أو أدنى من التحقق ..
جميع النخب الثقافية والسياسية والحزبية ترى وهي تحتفل بالعيد الـ 24 لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية أن مستقبل اليمن ووحدته باتا اليوم وبمشيئة الله في مأمن في ظل الدولة الإتحادية ليطوى بذلك عقدان ونيف من الاشكالات والمشاكل التي اثخنت بها البلاد بسبب أخطاء النظام المركزي.
«الثورة» أجرت الاستطلاع التالي حول هذا الموضوع فإلى الحصيلة:
* الدكتور طاهر المعمري نائب مدير مكتب الصحة بالحديدة والقيادي في التنظيم الناصري قال: حقيقة ما خرج به مؤتمر الحوار الوطني من تقسيم اليمن الى أقاليم هو تقسيم إداري وليس سياسياٍ كون اليمن واحداٍ ولا يوجد خوف على الوحدة بل على العكس فإن هذا التقسيم سيعمل على الحفاظ على الوحدة الترابية والوطنية للبلاد ..
وأضاف: ونحن نحتفل اليوم بالعيد الـ 24 لإعادة تحقيق الوحدة نؤكد ان اختيار النظام الفدرالي في هذه المرحلة يعد المخرج الوحيد والمناسب الذي سيحافظ على الوحدة وسيعمل على حل المشاكل والإشكالات التي تعصف باليمن منذ قرون من الزمن .. نحن في اليمن مشكلتنا كانت في نظام الدولة المركزية أو الدولة البسيطة الذي تسبب باحتكار السلطة وبالتحكم بوضع المناطق بينما تهمل الكوادر وتضيع المحافظات .. وهو الامر الذي أوجد نقمة وسخطاٍ على تلك الطريقة ونتج عن ذلك وجود احتقانات في العديد من المناطق ..
ترسيخ الوحدة
وقال: لأول مرة وبمشاركة ممثلين عن كل فئات الشعب السياسية والفكرية والشبابية والنقابية توافق الجميع وبعد نقاشات مستفيضة على اعتماد النظام الفدرالي والذي سيعمل على حل مشاكل اليمن المرحلة والمتفاقمة .. كما ان اعتماد هذا النوع من أنظمة الحكم سيعطي المناطق مسؤولية تطوير نفسها تنمويا وتحسين وضعها ماليا واقتصاديا بحسب الامكانات البشرية والمادية بعيدا عن هيمنة المركز وسلطة الغلبة .. كما ان النظام الفدرالي سيعمل على ايجاد استقلالية حقيقية في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وبما يؤدي الى حلحلة العديد من المشاكل التي كانت تهمل في الدولة المركزية وتفاقمت فيما بعد .. ويضاف لذلك فإن تلك الأصوات المناطقية والطائفية التي ظهرت في الفترات الماضية بمبرر التهميش والإقصاء سوف تختفي كون أبناء أي منطقة هم المعنيون بإقليمهم وحل مشاكله وليست الدولة المركزية ولهذا ليس أمامهم إلا المشاركة الفعالة في نهضة الإقليم .. حسب الإمكانات والموارد المالية الخاصة بالإقليم والتي سيضاف اليها ما يعطيه المركز من دعم مالي ..
مضيفا: إن النظام الفدرالي سوف يرسخ الوحدة أكثر وسيعمل على إيجاد حالة من التنافس والتعايش بين أبناء الوطن الواحد .. والمستقبل سيثبت ذلك ..
شراكة وعدالة
المفكر والسياسي عبدالباري طاهر الأهدل قال من جانبه: اليوم نحتفل بالعيد الـ24 لإعادة تحقيق الوحدة ونحن مطمئنون على مستقبلها ومستقبل اليمن واليمنيين ونسير الى بناء الدولة اليمنية الحديثة دولة العدالة والتنمية التي يشعر فيها كل أبناء الوطن بأنهم معنيون بصنع القرار ومساهمون فاعلون في بناء الوطن..
وأردف: إن الحكم الفدرالي هو انجح نظام حكم يمكن أن ينجز فيه اليمنيون الكثير فهو يعمل على اقامة شراكة سياسية وتقاسم للسلطة والثروة بين أبناء المناطق كما أنه يعطي كل المناطق وكل أبناء اليمن حق المشاركة السياسية وحق اتخاذ قرارات تتعلق بمناطقهم .. فأبناء الجنوب حينما يعطون حق إدارة إنفسهم سيعملون على معالجة الكثير من الاختلالات التي أوجدتها السلطة المركزية التي عاثت في البلاد بمشكلاتها ومشاكلها المتعددة والكثيرة .. وكان أبرز تلك المشاكل تهميش كل ابناء الوطن وفي مقدمتهم أبناء الجنوب الذين اصبحوا اليوم يعيشون حالة احتقان غير مسبوقة بسبب تلك الممارسات. وحينما يعطون حرية إدارة أنفسهم والتحكم بثرواتهم المحلية فإن الوضع ولا شك سيتغير وسيكونون اكثر اهتماماٍ بمناطقهم والإرتقاء بها.
وأضاف: وأنا حقيقة اؤكد انه لا خوف على مستقبل الوحدة اليمنية في ظل النظام الفدرالي بل كان الخوف عليها في استمرار النظام المركزي الذي مارس الأخطاء وصنع المشاكل ولم يعمل على حلها .. فالفيدرالية تؤسس لدولة حقيقية تضمن الوحدة بخلاف الدولة التي تقوم على القهر والإرغام وهي بالإساس ليست بدولة ولا يمكن أن تصنع وحدة حقيقية ولا أخوة بين أبناء الوطن الواحد .. وحقيقة الوحدة هي أن تعطي أبناء حضرموت وأبناء تعز وأبناء الحديدة حق المشاركة في إدارة أنفسهم وتنمية مناطقهم .. وأن يكون لهم نصيب من ثرواتهم وأن توكل لهم إدارة أنفسهم لا أن يعين لهم من يديرهم .. الوحدة اليمنية اليوم ونحن في عيدها الرابع والعشرين نقول أنها سوف تعالج كل المشاكل والإشكالات التي كانت موجودة في السابق .. وعلى الجميع اليوم أن يتجهوا الى بناء الوطن بناء دولة النظام والقانون ..
من الاحتقان الى التنمية
* من جهته تحدث الشيخ علي صلاح قائلاٍ: إن الدولة البسيطة والتي جربناها خلال عشرات السنين سواء في شمال اليمن أو في الجنوب قبل إعادة تحقيق الوحدة لم تفلح .. تلك الدولة التي تعتمد المركزية كنظام حكم لم تنجح في حل مشاكل اليمنيين بل كانت سببا في وجود مشاكل أخرى ما زلنا نعاني منها الى اليوم .. وعندما توحد اليمن في العام 1990م طالب الكثير من أبناء الوطن بأن يتم تغيير نظام الحكم إلا أنه لم يتم التجاوب مع تلك المطالب .. كما أن وثيقة العهد والاتفاق التي وقعت في الأردن قبل حرب صيف 1994م نصت في أحد بنودها على النظام الفدرالي كأحد بنود الحل بين شريكي الحكم آنذاك إلا أنه لم يتم تطبيقها وظلت البلاد تحت سلطة الفرد الواحد الذي يعين المسؤولين والمحافظين ومدراء المديريات …. الخ وهكذا شعر الكثير من أبناء الوطن في بعض المحافظات بتهميش حقيقي لهم .. ومن ثم سمعنا تلك الأصوات سواء التي طالبت بمطالب مقبولة أو تلك التي تجاوزت ذلك بمطالب فك الارتباط .. لكن الحقيقة أن كل المطالب التي كانت في المحافظات الجنوبية أو تلك الاحتقانات التي كانت تحدث في المحافظات الشمالية وفي مقدمتها تهامة والتي تعرضت للتهميش والإقصاء كانت نتيجة للسياسات الخاطئة والإدارة السيئة في ظل الدولة المركزية الفردية .. واليوم ومع اعتماد النظام الفدرالي اعتقد بأنه سيتم معالجة العديد من المشاكل والتي بعضها يتم فعلاٍ الوقوف عليها من قبل الرئيس هادي مثل مشاكل الأراضي في المحافظات الجنوبية وكذا أراضي تهامة المنهوبة .. مع تأكيدنا على أنه يجب في ظل الدولة الإتحادية أن يشارك أبناء المناطق في تعيين مسؤوليهم ومحاسبتهم .. وحل مشاكلهم وتوظيف طاقاتهم والوقوف على أخطائهم وسيكون بالتأكيد الوضع أحسن كونه لا وجه للمقارنة بين كل النظامين فذلك ( النظام المركزي ) يدير الدولة فيه مجموعة بسيطة .. بينما في النظام الفدرالي تكون المشاركة واسعة في إدارة شؤون الدولة الإتحادية وأقاليمها.
تعزيز للوحدة
* وفي ذات السياق تحدث الإعلامي يحيى يوسف الحودلي بالقول: إن احتفالنا اليوم بعيد الوحدة الرابع والعشرين له مذاق آخر فبالرغم من أن هذه المناسبة غالية على قلوب كل اليمنيين وجميعهم معني بالاحتفال بها .. إلا أن ما مرت به البلاد من اشكالات خلال السنوات الماضية جعل الجميع يعتريه الخوف على مستقبل الوحدة وذلك للسياسات الخاطئة التي كانت تمارس بفعل الدولة المركزية وكذا التصرفات التي أساءت للوحدة وأوجدت شرخاٍ في اللحمة الوطنية وما نتج عن ذلك من ظهور بعض الأصوات النشاز التي حملت الوحدة هذا الوضع الذي لا علاقة لها به وهو ما جعل أبناء اليمن يخشون على وحدتهم في ظل تلك الأوضاع ..
وأضاف: الجميل أننا نحتفل هذا العام بالعيد الوطني الـ 24 لقيام الجمهورية اليمنية بعد أن بدأنا سلك الطريق الصحيح نحو بناء الدولة السوية . . نحتفل وقد تم ترسيخ الوحدة وتقوية أعمدتها وترميم تشققاتها وذلك بما تضمنته مخرجات مؤتمر الحوار الوطني والذي أفرد للقضية الجنوبية محوراٍ خاصاٍ بها لمعالجة بعض الإشكالات والمشاكل التي وجدت والعمل على إصلاح ما أفسدته التصرفات والسياسات الخاطئة .. بل أن المتحاورين قد اتفقوا على أن يكون النظام الفدرالي هو النظام المعتمد لليمن في المرحلة القادمة وأنا أؤكد أن اختيار هذا النظام سيعمل على إزالة ما تبقى من احتقانات وحل المشاكل التي ما تزال باقية رغم المعالجات التي تتم الآن ..
تناقس وبناء
وقال الحودمي: في النظام الفدرالي سيشعر المواطنون في ربوع الوطن بدورهم في بناء الوطن وسيعملون على توظيف طاقاتهم والاستفادة من إمكاناتهم البشرية والمادية بعيدا عن عملية التهميش والإقصاء التي كانت تمارس في ظل النظام المركزي .. وسيكون كل أبناء اليمن كل في إقليمه معنياٍ بالبناء والتنافس متجنبين الصراعات التي كانت تحصل في السابق .. كما أن الدولة الإتحادية ستوجد حالة من الارتياح والرضا لدى أبناء الوطن وهو ما سيعزز حبهم للوحدة وسيعملون على تقوية أعمدتها ..
تنمية حقيقية
* الدكتور نبيل الشرجبي -أستاذ العلاقات الدولية في جامعة صنعاء- قال من جهته: من المعروف ان الشكل السابق للحكم أوجد العديد من الأزمات والمشاكل بسبب تكريس القائمين عليه للفساد وللأهواء والأمزجة الشخصية مما اوجد حالة شرخ بين النظام والكثير من المؤسسات والأفراد وأوجد معه حالة أشبه بالفساد المؤسسي الدائم وبالتمرد والعصيان عليه ولذا فإن ثورة 11 فبراير كانت ضرورية لإنهاء تلك الحالة وإزالة هذا الوضع ودخل اليمنيون في مؤتمر الحوار الوطني لمحاولة إنهاء الكثير من الأزمات والإختلالات التي سببها النظام السابق فكان أحد هذه الحلول هو تغيير شكل النظام السياسي في اليمن من الشكل البسيط الي الشكل الفيدرالي والذي يعني أنه سوف يوفر لأبناء المناطق جميعاٍ الكثير من الخدمات والحقوق الأخرى التي حرموا منها في فترة النظام السابق ومن تلك الحقوق مشاركتهم في عملية صناعة واتخاذ القرار وكذا سوف يحيل القرارات الخاصة بكل اقليم لأبنائه وليس للمركز كما كان في السابق .. كما أنه سيؤسس لإختبار قيادات سواء محلية أو قومية تعبر تعبيراٍ حقيقياٍ عن واقع الأقاليم بعيد عن التعيينات أو المحاباة من المركز والذي كان يدير ويعين من يراه من المقربين والمحسوبين عليه بغض النظر عن الكفاءة وعن القدرات .. إضافة الى أن أبناء المناطق سيكونون مشاركين في نصيب كبير من الثروات التي في اقاليهم يستفيدون منها في إيجاد تنمية حقيقية في مناطقهم وفي أقاليمهم ..
والأهم من ذلك هو أن الدولة الإتحادية تقوي أشكال الرقابة المالية والاقتصادية والسياسية والتشريعية في إطار الإقليم وعلى مستوى الدولة الإتحادية الأمر الذي سيحد إن لم يقض على الفساد الذي كان مستشرياٍ في ظل الدولة المركزية ..
وأردف الشرجي: وهو ما يعني في الأخير أن الكثير من المشكلات والمشاكل التي كان الوطن يعاني منها في ظل النظام المركزي سيتخلص منها الوطن وسيدخل الجميع في خوض التنافس الحميد والشريف بين الاقاليم في جوانب تطوير وتنمية ونهضة الأقاليم والاستفادة من الإمكانات المادية والبشرية فيها.
