يحتفل شعبنا اليوم بالعيد التاسع لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المجيد، وسيقام اليوم عرض عسكري بالمناسبة تشارك فيه وحدات من جيشنا المؤمن والمجاهد في ميدان السبعين، وهو حصاد تسع سنوات من الإنجاز والبناء لهذا الجيش المبارك.
ووفق مسار وطني تحرري تمضي ثورة 21 سبتمبر بخطى ثابتة قائمة على مرتكزاتها اليمنية الأصيلة، انطلاقاً من أهدافها وقيمها وثقافتها وأصالتها ويمانيتها، وبما فرضت من إيقاعات ميدانية وسياسية ما عاد يجدي معها التزييف والتشويش الإعلامي التضليلي، ولا تحفيز العوامل الانقسامية ومحاولة صبغ الثورة بأصباغ صفراء، من خلال وصفها بالانقلاب تارة وهي التي شارك فيها كل الشعب ومختلف شرائحه، أو من خلال صبغها بصبغة مناطقية أو عرقية، ولا حتى بالمواجهة المسلحة والحروب التحالفية حتى وإن استخدموا كل الأسلحة المحرمة والفتاكة.
تمضي ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر ونحن اليوم في العيد التاسع لها، وهي تراكم الإنجازات وتضيف عليها وفق مسار ثابت من القيم والمبادئ والتوجهات الوطنية الخالصة، فيما يسير خصومها اليمنيون ومعهم أسيادهم في الخارج بكل غباء نحو منحدرات الهزيمة والسقوط، محاولين الإمساك بفقاعات الوهم والخداع التي نصبوا شراكها للثورة في ساحات المعارك الإعلامية والسياسية والعسكرية والأمنية، وفي كل جولة يخرجون بالخسائر الساحقة والتردي وفضائح الفشل المكشوفة.
طريق الاستقلال والتحرر الذي اختطته ثورة 21 سبتمبر يجتازه شعب اليمانيين بكل اقتدار وتمكن ووفق رؤية واضحة وثابتة منسجمة مع قيم الشعب وأصالته، وفي العيد التاسع للثورة نتذكر اليوم أحداثا وتحولات كبيرة خاضتها الثورة، وحققت الانتصارات رغم كبر الاحتشاد المعادي من خصوم وأعداء الثورة اليمانية المباركة، لكن بعد تسع سنوات يتأكد لهم بأن كل ما فعلوه لمواجهتها لم يكن حصاده إلا الخيبات والهزائم.
ثورة 21 سبتمبر كانت ضرورة فرضتها الأوضاع الكارثية التي وصل إليها اليمن، ولم تكن وليدة لحظتها، ولا كانت خلطا للأوراق السياسية، ولا انقلابا على نظام قائم لغرض الاستحواذ على السلطة وإلغاء للآخر .. بل جاءت كضرورة فرضتها كثير من العوامل والأحداث التي عصفت بالبلد طويلا، وجعلته مرتهنا للخارج بقراره السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولم يعد يملك من أمره شيئا .. وتحول اليمن إلى ساحة صراع لتصفية حسابات إقليمية ودولية، دفع اليمنيون ثمنها غاليا حتى اليوم، كما أصبحت مأوى ومرتعا خصبا للتنظيمات الإرهابية التي تمولها وترعاها الدول التي تدعي أنها تكافح الإرهاب، ناهيك عن الأخطار والمؤامرات التي حرفت مسارات ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر طوال العقود الخمسة الماضية .. ونتيجة لكل ذلك كان لا بد من ثورة تصحيحية تعيد للإنسان اليمني حريته المفقودة وكرامته المسلوبة .. فجاءت ثورة 21 سبتمبر، التي لم يشأ أعداؤها في الداخل والخارج نجاحها فواجهوها بعدوان غاشم لوأدها، دمروا فيه على مدى تسع سنوات كل مقومات الحياة، واحتلوا الأجزاء الجنوبية والشرقية من البلاد، وحولوها إلى سجون لتعذيب المواطنين وحاضنة للتنظيمات الإرهابية.
هذه الثورة المباركة، لم تأت من فراغ بل هي تحرك مشروع استحقاقي مسؤول وواعٍ وهي ضرورة فرضتها تلك الأوضاع الكارثية التي عانى ويعاني منها الشعب اليمني، وهي نتاج لمعاناة حقيقية لكل أبناء هذا الشعب وهي نتاج للإحساس بالظلم ونتاج للشعور بالمسؤولية، للسعي نحو التغيير، فكان هذا التحرك الشعبي الواسع، من حيث طبيعة الاستهداف والتركيز الخارجي على هذا البلد والذي كشفه بوضوح تام العدوان في نهاية المطاف وأدواته في الداخل التي كانت نافذة وكانت مسيطرة وكانت متحكمة بمقدرات هذا البلد.
وبالفعل فما إن خطت الثورة خطوتها الأولى، حتى بدأوا حربهم العدوانية التي ما تزال وتيرتها مستمرة إلى اليوم، وتحالف الأعداء جميعا ضد الثورة، وللحرب عليها تحالفت كل قوى الشر والخبث والنفاق على رأسها أمريكا ومن ورائها الصهاينة وبمعاونة الأدوات الإقليمية والمحلية.
وفي إطار هذه الثورة المباركة، التي أتت كضرورة، واستمرت كضرورة، تحقق على خطها إنجازات مهمة، يريد البعض أن يقفز عليها، ويريد أخرون أن يسخفوها ويسقطوها من الوعي، لكنهم لن يفلحوا مهما فعلوا، وبهذه المناسبة لا بد من الإشارة إلى بعض مما أنجزته هذه الثورة المباركة.
من الإنجازات ذات الأهمية الكبيرة لهذه الثورة، هو الدفاع عن هوية الشعب اليمنية القائمة على أساس إيماني منذ قالها سيد الخلق رسول الله محمد صلوات الله عليه وآله “الإيمان يمان والحكمة يمانية” وشعبنا مستهدف ليس فقط في وطنه، وأرضه، وثرواته، وقراره السياسي، بل هو مستهدف حتى في هويته، لقد أرادوا أن نكون شعباً بلا هوية، بلا انتماء، بلا مبادئ، بلا قيم؛ حتى تسهل لهم السيطرة علينا دون أي عوائق، أو مشاكل، وكانت الثورة المباركة ثورة وعي حفظت لهذا الشعب هويته، وترسخ هذه الهوية بشكلٍ مستمر، في إعلامها، في أنشطتها التوعوية والتعليمية، واهتمامها الواسع.
الحرية والاستقلال من أكبر الإنجازات التي حققتها الثورة، ومعروف ما كان عليه الوضع قبل الثورة من ارتهان وتبعية للخارج، لكن الثورة أسقطت تلك الحالة وانتزعت القرار من الأجانب ومكنت هذا الشعب من أن يقرر ويمضي في خياراته الصحيحة، واليوم لم يعد للأمريكي ولا لحلفائه وأدواته أي تأثير بعدما كانت البلاد رهنا لقراراتهم وتوجيهاتهم، نحن من نتخذ قراراتنا، ونحدد مواقفنا، على أساسٍ من هويتنا وانتمائنا الإيماني الأصيل، وبشكلٍ صحيح، ووفق مقتضيات الحكمة والمصلحة الحقيقية لشعبنا العزيز، ومن إنجازات هذه الثورة التي هي حاضرة وتستمر: العمل المستمر على تعزيز الروابط بين أبناء هذا البلد، مقابل العمل الشيطاني الكثيف لتفكيك الروابط بين أبناء هذا البلد، تحت كل العناوين، من جانب أعدائهم ، والحفاظ على مؤسسات الدولة، وعلى تماسكها، وتحقيق الأمن والاستقرار إلى مستوى جيد، ويتحسن أكثر فأكثر، وهذا شيء ملموس، إذ لا يمكن المقارنة بين مستوى الأمن والاستقرار في المحافظات الحرة، وبين مستوى الأمن والاستقرار في المحافظات المحتلة، التي ينعدم الأمن والاستقرار فيها، وتسودها الفوضى.
ومن أهم الإنجازات للثورة الشعبية هو بناء الجيش المتطور والمقتدر والمتسلح بالإيمان والقدرات العسكرية المتطورة، والعمل دؤوب في بناء الجيش، وما تحقق في هذا المجال يعد من أهم المنجزات، وأعظمها وهو ما تفاخر به الثورة اليوم ويفاخر به الشعب اليمني العظيم.
ومن أهم منجزات الثورة الشعبية، أنها أحدثت في مجال الصناعات العسكرية نقلات نوعية كبرى وعظيمة، فما حققه التصنيع العسكري منذ الثورة إلى اليوم هي معجزات حقيقية لم تكن لتتحقق لولا التوكل على الله والاستعانة به، وما تحقق من إنجازات يفتخر بها الوطن ويفتخر بها الشعب العظيم، وبالفعل فإن الإنجازات في التصنيع العسكري ليست إنجازات عادية، بل كبيرة وعظيمة، بدءاً بصناعة الذخائر والأسلحة الخفيفة من المسدس، إلى الكلاشنكوف، إلى المدفع، إلى قاذف الآر بي جي، إلى مستوى أكبر، إلى الأسلحة الاستراتيجية بمستوى الطائرات المسيَّرة، والصواريخ الباليستية والمجنحة والاستراتيجية، والتي باتت اليوم نموذجا يحتذى ويتحدث عنه العالم.
واليوم وإذ نحتفل بالعيد التاسع لثورة 21 سبتمبر المباركة، تنظم القوات المسلحة عرضا عسكريا ضخما بهذه المناسبة، ويكشف فيه عن أسلحة استراتيجية جديدة ومتطورة وعن ترسانات كبيرة وهائلة من الأسلحة النوعية التي تفوق قدرات دول الأقليم وتنافس قدرات دول متقدمة.
هذه الصناعات أنجزتها الثورة المباركة في إطار الوضع الراهن بكل ما فيه من صعوبات، في ظل العدوان الشامل على بلدنا، والحصار الخانق المفروض علينا، وتحت الاستهداف المكثف لكل شيء، وبدأ العمل من نقطة الصفر، وكتب الله «سبحانه وتعالى» بفضله وكرمه التوفيق العجيب لجيل الثورة المبارك ممن يعملون في مجال التصنيع، فأمدهم الله بتوفيقه وهدايته، واستفادوا من كل ما يفيدهم في تطوير هذه القدرات، واليوم بلدنا يصنع مختلف أنواع الأسلحة، من أسلحة المشاة، إلى الأسلحة المتوسطة، إلى الأسلحة المتطورة، الصاروخية التي هي بعيدة المدى، وتطوير القدرات في السلاح البري، والجوي، والدفاع الجوي أيضاً، والبحري، بشكل لافت ومتصاعد بحمدالله، بل وأصبح المجال في هذا الجانب مفتوحاً للتطوير إلى مستويات متقدمة، وهو واعدٌ في المستقبل بإذن الله «سبحانه وتعالى».
والمستقبل واعد إن شاء الله في أن تتحقق النهضة الشاملة بعون الله وفضل هذه الثورة وقيادتها، فبعد أن كان اليمن لا يصنع طلقة مسدس، هو اليوم يقدم صناعات تعجز الكثير من الدول العربية والإسلامية عن تصنيعه، وتواجه أعتى الترسانات العسكرية وأحدثها تطورا، وهذا إنجاز كبير ومستحق لشعب قدم الغالي والنفيس في سبيل الحرية والكرامة، ومتاح اليوم أن نتقدم في تحقيق نهضة شاملة، بل وهو أمر تمضي عليه الثورة في النهوض الشامل، وبناء البلاد اقتصادا وزراعة وصناعات مدنية وتحويلية وغيرها، وسيتحقق الإنجاز الكبير ولو تحت ظروف قاهرة ما دامت الإرادة صادقة في الاستعانة بالله «سبحانه وتعالى»، وما دامت الأيادي تعمل عملا دؤوبا متوكلة على الله ومستعينة به.
هذه بعضٌ من الإنجازات وفي المقابل هناك أيضاً استحقاقات لا زالت قائمة على عاتق هذه الثورة وأحرار هذه الثورة، وهي استحقاقات للحاضر وللمستقبل، وفي مقدمتها مواصلة الدفاع عن استقلال اليمن، وتحرير كافة المناطق والمحافظات من الاحتلال الأجنبي، وبناء دولة قوية بقوة الثورة ومشروعها العظيم.