غادرنا الوتر الجميل

الملحن والشاعر ناجي الهيتمي والمشهور القدسي أحد أبناء المغتربين الذين ولدوا في السودان ودرس في معهد الموسيقي فيما درس اشقاؤه وشقيقاته الهندسة والقانون.. إلا أنه ولرهافة إحساسه اعتنق الفن رغم رفض والده لذلك لكن هاجس الابداع سكن روح ووجدان ناجي القدسي فكتب أجمل القصائد والتي تغنى بها فنانون سودانيون كبارا وأجمل اغنياته التي أحبها كثيرا (حبيت عشانك كسلا) وكسلا هي المدينة الساحرة التي سكنها اليمنيون في شرق السودان واشتهرت الأغنية كثيرا لأن ناجي سكب فيها ابداعا حقيقا.
رحل ناجي القدسي في صنعاء الأسبوع الفائت بعد أن تعب قلبه الطيب من المعاناة فهو يتعاط السياسة بالأدب, ومن طرائف حياته أنه اعتقل في عهد الرئيس السوداني جعفر نميري وفي عهد الرئيس عمر البشير وسجن و كتب عدة أغان تحمل مدلولات سياسية منها أغنية (الساقية لسه مرورة) خرج ناجي الفنان من المعتقل إلى بلاده اليمن فهو من منطقة العدين لواء إب.. عمل في وزارة الإعلام ولم يجد تقديرا يناسب حجم ابداعه تعاون مع وزارة الثقافة ولحن عددا من الأعمال ولم يكن راضيا عن وضعه فالمبدع لا يليق به أن يكون موظفا يأتي جلس على طاولة وينتظر مرتبا نهاية الشهر.
ناجي الهتمي أو القدسي قدم أعمالا للأطفال مازال يغنيها أطفال السودان وأعمالا في حب الوطن وفي قضايا عدة وفي صنعاء كان يلون جلسات أسرته بجميل الكلام وعذب الألحان.. استعانت به منظمة اليونسيف في تلحين أعمال للبراعم كانت قمة في الجمال الروحي والموسيقي.
تألم كثير من الناس على فراق ناجي الهتمي وقد فتحت سفارة السودان بصنعاء أبوابها لتقبل العزاء في فقيد السودان اليمني, وآخرون كاتحاد الفنانين في السودان واتحاد الأدباء كانوا يتلقون العزاء في شخصية جسدت عمق العلاقات بين اليمن والسودان.
شقيقته المهندسة فتحية الهتمي ذرفت دموع الحزن على رحيله وهي تقول آخر قصائده التي كان يود تلحينها بعنوان “افتقدناك” أخذها معه للمستشفى واعدا إياهم بأن يلحنها بعد إجرائه عملية القلب المفتوح لكن مشيئة الله كانت هي الفيصل.
حزنا على رحيل فنان وشاعر مبدع وإيمانا بقضاء الله وقدره نسأل الله أن يسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
على فكرة الباحث والأديب علوان الجيلاني يعد كتابا عن سيرة ناجي القدسي فيها الكثير من الأسرار والمواقف والمنعطفات أتمنى أن يرى الكتاب النور قريبا.

قد يعجبك ايضا