دخلت المفاوضات اليمنية السعودية لوقف العدوان ورفع الحصار القائمين منذ تسع سنوات وضع المراوحة والجمود ، فبعد أن كان مقررا عودة الوفد السعودي إلى صنعاء لاستكمال المناقشات برعاية الوساطة العمانية ، يماطل السعوديون في استكمال المناقشات التي بلغت مرحلة حاسمة آنذاك .
تقرير / إبراهيم الوادعي
نائب وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ بالعاصمة صنعاء حسين العزي أكد أن قطار السلام لم يبرح مربع الكلام من جانب التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والسعودية منذ الفين وخمسة عشر للعدوان على اليمن والقضاء على ثورة الـ 21 من سبتمبر الشعبية .
واستهجن العزي تخفيض عدد الرحلات من مطار صنعاء باتجاه عمان، وهي الوجهة الوحيدة المفتوحة، إلى ثلاث رحلات بعد أن سمح التحالف برفعها إلى ست رحلات أسبوعيا وبواقع رحلة يوميا للتخفيف معاناة المرضى غير الممكن علاجهم في اليمن نتيجة تراكمات الحصار ووضع القطاع الصحي المتداعي نتيجة الحرب والحصار .
العزي وصف مطالب صنعاء لبناء الثقة والمضي في طريق السلام بالسهلة والواضحة وهي تتعلق بالحقوق الإنسانية للشعب اليمني تتمثل في رفع الحصار عن المطار والميناء ورحيل القوات الأجنبية عن البلاد ومعالجة ملفات الحرب الإنسانية والاقتصادية .
وكان الطرفان السعودي واليمني اتفقا على خارطة واضحة لبناء السلام في اليمن تتضمن المرحلة الأولى وقف العدوان والحصار بما ينفس الوضع إنسانيا ، تليها المرحلة الثانية وتتضمن رحيل القوات الغازية عن الأراضي اليمنية ودفع التعويضات الناجمة عن العدوان والحصار ، يليها مرحلة تبدأ خلالها الأطراف اليمنية حوارا غير مشروط تحت سقف الأمم المتحدة .
في ابريل 2022م نجحت الأمم المتحدة في تحقيق أطول هدنة إنسانية في اليمن لاتزال سارية ضمن خفض تصعيد ، لكن التراجع عن تنفيذ الشق الإنساني المتعلق بالهدنة لجهة تسليم الرواتب أو فتح وجهات عدة من مطار صنعاء يهدد فرص استمرار خفض التصعيد بعد عام ويزيد .
نائب وزير الخارجية أكد أن تسليم الرواتب هو ملف حساس بالنسبة إلى صنعاء ، ومن شأن المماطلة فيه أكثر من جانب الرياض دفع الأولى إلى خيارات أخرى ، وأضاف : صنعاء تصبر حتى اللحظة ، وتلتزم أعلى درجات ضبط النفس في إشارة إلى عدم تنفيذ الشق الإنساني المتعلق بالهدنة أو التراجع عن خطوات نفذت كفتح وجهات أخرى غير الأردن من مطار صنعاء لسفر اليمنيين ، ويواصل العزي القول « نحتفظ بخياراتنا وهي خيارات حرب إلى الفصل الأخير ، وآلمنا أن يدرك الطرف الآخر مدى حساسية ملف الرواتب دون أن نصل إلى هذه الخيارات «.
وتابع: المنطقة والعالم ينشد السلام وصنعاء جادة بعكس تحالف العدوان في بناء السلام ، متهما الأمريكيين الذين يقودون التحالف بمنع الوصول إلى سلام في اليمن لتحقيق مشاريعهم في المنطقة وضمان أمن إسرائيل .
وأكد العزي أن السلام في اليمن يحتاج من المجتمع الدولي إلى تغيير نظرته لجهة التعاطي والتوصيفات للملف اليمن ، وان تكون هناك مرجعيات سلام جديده كون الموجودة حاليا والمتمثلة بالقرارات الأممية 2216 تمثل مرجعيات استسلام لا منطلقات للسلام .
نهاية الأسبوع الماضي وفي خطابه لمناسبة عاشوراء وذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، دعا السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي تحالف العدوان إلى وقف عدوانه ورفع الحصار وإنهاء الاحتلال ومعالجة ملفات الحرب من الأسرى والأعمار والكف عن المؤامرات الهادفة إلى استقطاع أجزاء من البلاد .
وقال السيد : أدعو شعبنا إلى التصدي للعداء لردعهم وإنقاذ البلد من شرهم وأن يستلهم من مدرسة الإسلام وسيد الشهداء دروس الثبات والوفاء لافتا إلى أن الشعب اليمني قدم خلال 9 سنوات نموذجا في الثبات وأفشال مؤامرات الأعداء التي تستهدف الداخل واصفا ذلك بالعون الإلهي الكبير
ويعد هذا التحذير الأحدث بين سلسلة التحذيرات التي يطلقها السيد عبد الملك على مدى عام ويزيد من الهدنة وخفض التصعيد الذي تبعها باتجاه حث تحالف العدوان على الرشد وأنهاء العدوان والحصار الذي لم يعد مجديا سوى في حصد مزيد من أرواح المدنيين اليمنيين الذين يسقطون بفعل تبعات الأزمة الإنسانية الأكبر عالميا الناجمة عن الحصار .
أعقب ذلك تحذيرات أطلقها الرئيس مهدي المشاط خلال زيارته إلى محافظة المحويت غرب العاصمة صنعاء أكد فيها أن صنعاء تبني ترسانة عسكرية وتطويرها ، كاشفا عن تحضيرات لإجراء تجارب صاروخية إلى الجزر اليمنية التي تقبع تحت الاحتلال الإماراتي والسعودي والإسرائيلي كما هو الحال في جزيرة سقطرى حيث أقام الإماراتيون والإسرائيليون هناك قاعدة عسكرية بمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في أرخبيل عبد الكوري المجاور والواقع على مفترط طرق التجارة الدولية طريق رأس الرجاء الصالح وباب المندب قناة السويس .
كما تشهد جزيرة ميون الاستراتيجية على باب المندب هي الأخرى إنشاءات عسكرية تحت يافطة إماراتية ، وتدور حاليا اشتباكات بين فصائل المرتزقة المنقسمة بحسب التمويل بين الإمارات والسعودية للسيطرة على الضفة الشرقية لمضيق باب المندب ، حيث تقبع تلك المنطقة منذ عام 2018م تحت سيطرة إماراتية عبر عميلها طارق عفاش ، والتي ذكرت مصادر صحافية مؤخرا أنه استقبل وفدا إسرائيليا في مقر قيادته بالمخا لبحث التعاون بين الطرفين .
وتملك “ إسرائيل “ قاعدة عسكرية قرب مضيق باب المندب أقامتها على جزيرة فاطمة ودهوك الاريتريتين ، فيما تملك الامارات قاعدة عصب العسكرية على الضفة الغربية للبحر الأحمر وقريبا من باب المندب .
وفي لقاء سابق اتهم رئيس حكومة الإنقاذ عبد العزيز بن حبتور الرياض وواشنطن بتبادل الأدوار لكسب الوقت في اليمن دون أن تكون هناك إرادة جدية للسلام ، وقال أن صنعاء لن تتوقف متى عادت المواجهات العسكرية حتى تحقق النصر الحاسم ولديها النفس الطويل لتحقيق ذلك .
متوعدا السعوديين بعضَّ أصابع الندم حين تطال الصواريخ اليمنية المتطورة بكثافة أهدافها في العمقين السعودي والإماراتي .
يؤكد عسكريون يمنيون أن الأهداف المنتخبة في العمق السعودي ستصيب رؤية محمد بن سلمان بالشلل ، ومن غير المسموح للنظام السعودي أن يبني اقتصادا ويحقق نموا يهنأ به فيما يواصل الحرب والحصار على جيرانه .
وتضيف مصادر بأن صنعاء تخفي مفاجآت عسكرية ، ولن يكون بمقدور الأنظمة الدفاعية التي يعمل على شرائها النظامان السعودي والإماراتي من هنا وهناك لن يمكنها توفير الحماية أمام الضربة اليمنية القاصمة والتي لن تشابه أبدا مثيلاتها خلال سني الحرب .
الانفراجات التي شهدها خفض التصعيد تقتصر على ملف الأسرى دون استكمال ، وتامين وضع الخزان العائم صافر ، وفتح ميناء الحديدة ، وتلك خطوات لم تستكمل كليا ودون اتفاقات مسقط وما تبعها ذات الصلة بالهدنة ، فيما لا يزال مطار صنعاء تحت الحصار باستثناء نافذة صغيرة فتحت نحو الأردن لا تكاد تذكر بواقع 3 رحلات أسبوعين لسد احتياج نحو 20 مليون يمني ، وملف الرواتب الذي يتلكأ التحالف في تسليمها لإبقاء معاناة ثلث السكان في اليمن قائمة ، وقد يكون ملف الرواتب الفتيل الذي سيشعل المواجهة من جديد.
بنك صنعاء العسكري في المعركة المقبلة ثري للغاية ومليء حد التخمة بالأهداف ، في المقابل بنك أهداف فقير للتحالف استنفذته نحو مليون غارة تقريبا على مدى تسع سنوات وبامتداد الجغرافيا اليمنية.
على الأرض صنعاء في موقع القوة بوجه مرتزقة التحالف الذين يتقاتلون فيما بينهم وتعصف بهم الأزمات نتيجة اختلاف شريكي الحرب الإقليميين وتضارب مصالحهما وتطوق قوات الجيش اليمني مدينة مارب آخر معاقل التحالف شمال شرق اليمن .
السنوات ظل المجتمع الدولي قابعا في موقف المتفرج أن لم يكن مشاركا في العدوان على اليمن بالصمت المدفوع أو صفقات الأسلحة المباعة للسعودية والإمارات ، العالم وفقا لتصريحات مستويات قيادية عليا في صنعاء لن يكون هذه المرة في مأمن من الضرر متى اندلعت المواجهات مجددا وانهار خفض التصعيد في اليمن ، إذ طورت صنعاء بشكل كبير من ترسانتها البحرية ، وتستعد لإغلاق الملاحة الولي لإجبار العالم على ترك موقع الصمت المشترى سعوديا وأمريكيا والضغط لوقف معاناة الشعب اليمني ووقف العدوان الظالم عليه .
الضربة التي وجهتها صنعاء إلى ميناء الضبة في أكتوبر 2022م ومنعت تهريب النفط اليمني لصالح تحالف العدوان تؤتي ثمارها على صعيد إضعاف حكومة المرتزقة ومليشيات التحالف ، وتحميل الخزينة السعودية من جديد عبء الداخل اليمني بعد أن اعتمدت لسنوات على إيرادات النفط اليمني المسروق والتي يجري إيداعها في البنك الأهلي السعودي.
صنعاء لا تنام وتكسب الوقت إذن لمواجهة تتزايد مؤشرات وقوعها يوما بعد يوم ، سعوديا لا يعرف على ماذا تراهن الرياض أمام التحذيرات اليمنية الجدية والمتتالية بعد 9 سنوات من الإخفاق في اليمن وإخفاق المظلة الدفاعية الأمريكية عن حماية العمق السعودي .