استهداف المصحف الشريف في الغرب

حسام باشا

 

الإساءة للإسلام واستهداف مقدساته ومحاولات تشويهه، ليست وليدة اللحظة، بل حرب قديمة ضاربة في أغوار التاريخ، وكما استمر ذلك في حياة النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقي بعد مماته وصولا الى وقتنا الحاضر.
مؤخرًا أصدرت السويد حكماً يسمح بإحراق المصحف الشريف في المظاهرات، متخذة بذلك كغيرها من دول الغرب خطوة عدائية تجاه المسلمين، ومع تكرار واستمرار عمليات حرق القرآن الكريم في ستوكهولم وغيرها من مدن السويد والغرب عموما، جاء هذا القرار ليؤكد التماهي الكامل والواضح مع اللوبي الصهيوني لاستهداف مقدساتنا كمسلمين والتهجم على قيمنا الدينية.
لقد أحزننا وأغضبنا هذا العمل الحاقد الذي يستهزئ بكتاب الله ويستهدف عقيدة أكثر من ملياري مسلم ومكانة القرآن في حياتهم، والذي يجب علينا أن لا نفهمه وما سبقته من عمليات حرق للمصحف الشريف على أنه مجرد تشكيك في قيمة القرآن، بل ينبغي فهمه على أنه نهج متعمد لاستهداف المسلمين في مقدساتهم ومعتقداتهم التي تدور وتتمحور عليها حياتهم.
فالقرآن هو كتاب الله، الذي يحمل في طياته الكثير من العظمة والإلهام، فهو كلام الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ويعتبر الركن الأساسي للإسلام ومصدر التشريع والحكمة والهداية والتوجيه والهداية للمسلمين في تنظيم حياتهم اليومية وشؤونهم الشخصية ويوجههم في التعامل مع الآخرين وفي الوصول الى التقدم الحضاري وتحقيق العدل والرحمة والسلام، وباعتباره يحمل في طياته بركة الله ونوره الذي يضيء دروب الحياة الدنيا والآخرة، ولأنه يشكل نواة المعتقد والدين والحياة، فإن الخطورة الحقيقية لهذه الخطوة السويدية تكمن في ترويض المجتمع المسلم على التقليل من شأن المقدسات من جهة، وتشكل تهديداً واضحاً لاستقامة الإيمان والعقيدة الدينية التي نؤمن بها من جهة أخرى.
لقد جاء ذلك القرار ليكشف عن حجم التوافق بين السويد واللوبي الصهيوني والتآرز الكبير مع الكيان الإسرائيلي، فليس المقصود بتلك الخطوة استهداف المسلمين في السويد وحسب، بل جميع مسلمي العالم كله بغض النظر عن جنسيتهم أو مكان إقامتهم، كما جاء ليفضح الازدواجية التي تتبعها السويد، فإذا كان حرق المصحف مسموحًا باسم حرية التعبير، فهل ستسمح السويد بحرق علم إسرائيل أو رمز حركة المثلية؟ بالطبع لا، إذ ستتخذ إجراءات قاسية ضد أي شخص يقوم بذلك، وهو ما يكشف التفضيل والانحياز والتآرز السويدي مع اللوبي الصهيوني والتحامل على الإسلام ومقدساته.
علاوة على ذلك، فإن تجاهل السويد لمشاعرنا كمسلمين في أهم مناسباتنا – عيد الأضحى المبارك – يعبِّر عن احتقارها وكراهيتها لنا، فبإصدار قرار يسمح بإحراق المصحف الشريف تكون ستوكهولم قد تجاوزت حدود الحرية في التعبير، والتي لا يمكن أن تكون بدعوى الإساءة لمقدساتتنا واستفزاز مشاعرنا، فأي نوع من التسامح والاحترام هذا الذي تحاول هذه الدولة تقديم نفسها عليه.
وأمام هذا العمل الاستفزازي والمشين بستوجب رد فعل جاداً وحازماً منا كمسلمين، فالصمت عن هذه الجريمة تفريط كبير يحمل في طياته غضب الله وسخطه، كما يفتح المجال لاستمرار هذه الأعمال العدائية بحق مقدساتنا، وهو ما ينبغي أن نتعامل معه بكل جدية وأن نعبِّر عن استيائنا ورفضنا لهذا الفعل الاستفزازي باستخدام كافة الوسائل المتاحة، كما يجب على الدول والمؤسسات في العالم الإسلامي أن تتحد وتؤكد رفضها واستنكارها لهذه الجريمة المروعة بحق الإسلام بقطع العلاقات الدبلوماسية ومقاطعة المنتجات السويدية والأمريكية والإسرائيلية، فكأمة إسلامية تسير وفق منهجية القرآن وتتمسك بشعائر الله، علينا ألَّا نقبل أن تنتهك قدسية مقدساتها بمحاولات التقليل منها، ما يستوجب أن نتخذ موقفًا قويًا وحازمًا ضد المظاهر المهينة التي يتعرض لها نبينا الكريم وكتاب الله العظيم على أيدي أعداء الله، وأن نتضامن معًا في الدفاع عن مقدساتنا بكل الوسائل المتاحة.

قد يعجبك ايضا