إعداد / عبد العزيز أبوطالب
يعرف الشعار بأنه مجموعة من الألفاظ التي تصاغ للتثقيف الجماهيري والذي يعبر عن مفهوم أو هدف معين وهو ما يسمى «المعنى المفهوم»، وتنبع أهمية أي شعار من المضامين التي يحتويها والقضية التي يخدمها، فهو يعتبر عنواناً للتوجه ودالاً على المواقف، فالشعار ليس هدفاً أو غاية في حد ذاته أكثر مما هو أداة ووسيلة لتحقيق غاية يراد للشعار أن يهيئ لها ويدعو إليها.
وعند الحديث عن الشعار الذي أطلقه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه، نجد أنه استقى مضامينه وصاغ عباراته من القرآن الكريم في انسجام وتناغم مع ضرورة الواقع ومتطلبات المرحلة فهو يتضمن:
معاني التكبير لله
يصف محددات العلاقة مع الآخر (العدو)
يسعى لتحقيق العزة والنصر للإسلام.
وعادة ما تكون مضامين أي شعار داعية لتحقيقها من قبل معتنق هذا الشعار، فكثير من الحركات والتنظيمات والجماعات على مدى التاريخ وامتداد الجغرافيا اتخذت لها شعارات انتقتها بعناية وصاغتها وفق ما تسعى لتحقيقه من وراء تلك الشعارات كشعار ثورة معينة، أو شعار في معركة أو عملية عسكرية محددة، أو شعار لحزب أو حركة فإن المضامين تلزم المقتنعين بها أن يلتزموا بمحتواها ويسعوا لتحقيقها.
يدرك صائغو الشعار أهمية وقوة الكلمة في تأثيرها على النفس والوعي، فالقناعات عادة ما تكون نتيجة لسيالات من الثقافات المتراكمة يستقبلها الوعي ويعيد إنتاجها علي شكل قناعات، والبداية تأتي من الكلمة التي تفعل أثرها، وذلك لما تحمله الكلمة من معانٍ عميقة تعكس رؤية الإنسان للأمور، وتطلعاته إليها، وكيفية تعامله معها، كما أنّها تُعتبر مؤشراً على الأفكار التي يحملها الشخص، وعند صياغة الشعار يتم التركيز على المعاني التي يراد ترسيخها في الوعي والتي تتحول بالتالي إلى موجهات يُتنظر أن تترجم إلى تحرك عملي يقوم به من يردد الشعار ويلتزم به.
يأتي بعد الكلمة أهمية المصطلح في:
تشكيل الوعي
التأثير على السلوك
تغيير القناعات
فالمصطلح أداة التعبير والبيان ووسيلة لغرس المفهوم المراد ترسيخه في الوعي.
تعيش مجتمعاتنا العربية والإسلامية حالة من التلقي المستمر لتيارات متدفقة بشكل مستمر من المصطلحات المصنوعة من قبل الإعلام الغربي ومراكز الدراسات التي تصوغها وتبثها لنتلقاها دون تمحيص أو إدراك لحقيقة مهمة؛ وهي أن تلك المصطلحات -الإعلامية منها بشكل عام، والسياسية منها بشكل خاص- ليست دائماً بريئة، بل إن كثيراً من هذه المصطلحات يكاد يُخالف المفهوم الذي أُعطي لأجله، أي يجب أنْ ندرك أن «المصطلح» و«المفهوم» الكامن وراءه ليسا دائماً الشيء نفسه، ولذا يجب ألا نقنع بالمصطلح المُعطى مباشرة، بل يجب أن نلجأ إلى سبل كثيرة للوصول إلى المفهوم الصحيح وتفعيل الحس النقدي لمعايرته للقبول والتداول.
الشعار ضرورة لا ترفاً فكرياً:
عندما أطلق الشهيد القائد -رضوان الله عليه- الشعار كان ذلك استشعاراً لخطورة الهجمة التي شهدتها المنطقة العربية والإسلامية في بداية الألفية الثالثة وبالتحديد في العام 2001 والمؤامرة الكبرى التي نسجت خيوطها الولايات المتحدة الأمريكية بتفجير برجي التجارة في نيويورك وإطلاق ما أسمته الحرب على الإرهاب والذي رأى فيه الشهيد القائد مصطلحاً خطيراً لاستهداف الأمة الإسلامية، وهو ما تم بالفعل فقد قامت الولايات المتحدة بغزو أفغانستان ثم العراق، وتحققت مخاوف الشهيد القائد، ما جعله يتنبأ بدخول القوات الأمريكية اليمن، فحذر من دخولها في محاضرة معروفة بعنوان «خطر دخول أمريكا اليمن» بتاريخ: 3 /2 /2002م أي بعد غزو أمريكا لأفغانستان بأشهر (أكتوبر 2001) وقبل غزو أمريكا للعراق بعام (مارس 2003)، وقد استقرأ الشهيد القائد ما حدث لبلدين إسلاميين، وتوقع أن النزعة الإمبريالية للولايات المتحدة لن تقف عند حد وقد تطال بلدان أخرى منها اليمن خاصة أن المجرم بوش صرح أنها حرب صليبية.
حينها تأمل الشهيد القائد في وضع الأمة المتردي والهزيمة النفسية التي تعاني منها الأنظمة والنخب وعامة الشعوب، التي تشاهد الهجمة الشرسة على المنطقة مع عجزها عن مواجهتها بسبب الفارق الكبير في القدرات العسكرية والإمكانات الأخرى، ومن واقع تجارب حركات مقاومة كثيرة أخفقت في المواجهة، أدرك الشهيد القائد رضوان الله عليه أن الرهان سيكون على وعي الشعوب بخطورة ما تتعرض له من مؤامرات وما ينبغي عليها في جانب بناء القدرات والاستعداد النفسي للمواجهة، والتي تبدأ من خلال:
الوعي
تصحيح القناعات الخاطئة
إعادة تعريف العلاقة بين الأمة المستهدفة والآخر (المعتدي).
هنا كان اختيار الشهيد للشعار بالمضامين التي تعبر عن مدى إدراكه لأهمية «الوعي الجمعي بالعدو، وبالتهيئة الفكرية لمواجهته… فالقدرة على التغيير في الوعي وبالوعي، التي يمتلكها هذا الشعار كانت حاضرة منذ اللحظة الأولى لانطلاقته، وقد وعى العدو ذلك جيداً، فتحرك عبر أدواته لمواجهة عنيفة لهذا الوعي الذي ينذر بمتغيرات جديدة كامنة في تحديد العدو وتحفيز الوعي بالقضية وإعلان المواجهة.
ومن يتأمل عبارات الشعار يجد أنها تشير في مجملها إلى خطورة المشروع الصهيوني في المنطقة باشتماله على عبارات تمثل الموقف الرافض للسياسة الأمريكية والصهيونية في المنطقة ودور اليهود (الأشد عداوة للمؤمنين)، في تحريك هاذين الكيانين وهما أمريكا و”إسرائيل”. باتجاه العداء والحرب المتعددة الأوجه على شعوب وأراضي المنطقة العربية والإسلامية.
ولا مانع هنا أن نقف قليلاً مع أهمية المصطلح بشكل عام ومن ثم نعرج على مصطلح التطبيع.
المصطلح أحد أسلحة المشروع الصهيوني الناعمة:
نبه القرآن الكريم منذ اللحظات الأولى إلى خطورة المصطلحات، وتمثل ذلك في مواطن منها النهي عن استخدام مصطلحات معينة والإرشاد إلى البديل، ومن ذلك ما جاء في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيم} [البقرة:104]. ووجه النهي عن ذلك أن هذا اللفظ (راعنا) كان بلسان اليهود سباً، بينما كان المسلمون يقولون للنبي صلى الله عليه وآله وسلم راعنا طلباً منه أن يراعيهم من المراعاة وهي الإمهال، لذلك جاء النهي عن استخدام مفردة عربية تم اختزال معناها وتشويهها بالنية السيئة لليهود، كما حفلت السنة النبوية بالتنبيه على أهمية اختيار المصطلح كقوله صلى الله عليه وآله وسلم لمن وصف غيره بقوله «ما أراه إلا مؤمناً»، فقال صلى الله عليه وآله وسلم «أو مسلماً».
نشير هنا إلى أن عزل المصطلح الفكري عن مضامينه الصحيحة يصدق على صور متعددة؛ أولها وأخطرها عزل ما كان منها دالاً على الخير، والفضيلة، أو كان يحمل أبعاداً إيجابية مثل كلمة «راعنا»، ومن أهم نتائج عزل المصطلحات عن دلالاتها الصحيحة:
وقوع التلبيس
تشويه الحقائق
وبالتالي التأثير على تغيير القناعات ومن ثمّ السلوك.
يستخدم الصهاينة والغرب عموماً مصطلحات يتم صياغتها بعناية أثناء هجمتهم على المنطقة لعملهم بأهمية المصطلحات في تشكيل الوعي وتحديد السلوك المتوقع تجاه قضية معينة وخاصة القضية الفلسطينية التي ترافق معها نحت الكثير من المصطلحات التي جنى الصهاينة ثمارها في:
تحييد الكثير من المواقف
استعطاف بعض شرائح في مجتمعات المنطقة
تبرير جرائمه
شيطنة المقاومين له
حيث لعبت المصطلحات دوراً بارزاً في تحقيق ذلك.
ومن أهم تلك المصطلحات مصطلح «التطبيع» الذي يستخدمه الكيان الصهيوني والغرب عموماً في الإشارة إلى إقامة علاقات بين الكيان الصهيوني والدول العربية بينما يستخدم مصطلح علاقات دبلوماسية مع الدول الأخرى غير العربية والمسلمة.
تكمن خطورة هذا المصطلح في أنه يختزل المعنى الإيجابي لكلمة تطبيع والتي تعني العودة إلى الوضع الطبيعي، فيشعر المستمع لمفردة تطبيع أن ثمة علاقة سابقة فقط طرأ عليها حالة من الانقطاع أو الفتور والآن تعود لطبيعتها وفي الحقيقة أن ذلك اختزال وتشويه وخداع فلا علاقة سابقة ولا علاقة منطقية ممكنة مع العدو المغتصب والمجرم.
فاستخدام المصطلح يخدم فكرة «التطبيع» نفسها؛ فالإقرار بمفهوم «التطبيع» وقبوله في التداول الثقافي والسياسي يجعل الرأي العام لا يمانع فكرة التطبيع ما دامت هذه (العلاقة) عودة – فقط – إلى أمر سابق، كما سيقبل الفكرة لأنها تحمل مصطلحاً إيجابياً محبباً للنفس وهو: «الطبيعي» المضاد لمفاهيم الشاذ والطارئ وغيرهما.
اعتمد العدو الصهيوني على التأثير الثقافي والتلاعب بالمنظومة الفكرية لشعوب المنطقة عبر عدد من الخطوات المدروسة من الحرب الثقافية تجاه العقل العربي أهمها السيطرة على الإعلام الذي أصبح اليوم يشيطن الضحية ويبرئ الجلاد، وعبره يتم تسريب المفاهيم والمصطلحات المستهدفة إلى ثقافة ووعي شعوب المنطقة التي تم تفريغ وعيها الجمعي ومنظومتها الفكرية والثقافية لتحل محلها الثقافة البديلة، واستمرت تلك الخطوات حتى أصبحنا نتوقع أن تلك الدولة ستقيم علاقة مع الكيان الصهيوني دون أن نتوقع رد فعل أو غضب أو رفض لهذا التصرف، وخير دليل هو الموقف السلبي من اقتحام الصهاينة لباب العامود في القدس بما يسمى مسيرة الأعلام التي كان يفترض أن تخرج الشعوب العربية في مظاهرات غاضبة وتضغط على الأنظمة بقطع علاقاتها واتخاذ مواقف جادة وصارمة.
ولكن لماذا نستخدم مصطلح «التطبيع» سواء من محور المقاومة أو مما يسمى محور الاعتدال؟
هل تمت شيطنة المصطلح حتى أصبح وصفاً يخجل من يوصف به؟
أم أننا بحاجة لمراجعة هذا المصطلح واستبعاده من قاموس التداول السياسي والإعلامي.
فلسفة الشعار في مواجهة «التطبيع»:
عند اقتناع الإنسان بثقافة معينة تتغير مواقفه ويختلف سلوكه تجاه القضايا بما ينسجم مع ذلك الموقف، فمثلاً اقتناع منظمة التحرير الفلسطينية بأن الكيان محتل وغاصب ترتب عليه اتخاذ موقف معادٍ ورافض لوجوده، وعليه كان سلوك فصائل المنظمة هو الكفاح المسلح لتحرير الأرض، وبعد اتفاقيات أوسلو 1993م وقبول السلطة الفلسطينية بالاعتراف بالكيان الصهيوني تغيرت «ثقافة الكفاح المسلح» إلى ثقافة المفاوضات، وعليه تغيرت المواقف إلى التعاون المشترك، وإلى حجب ثقافة الكفاح المسلح من ميثاق وأدبيات المنظمة، ولعل أبرز ما تم حذفه من الميثاق هو المادة السابعة التي أكدت ضرورة تنشئة الفرد الفلسطيني على ثقافة التحرير وتأهيله على الكفاح المسلح.
نلاحظ هنا أهمية التهيئة والتنشئة على الثقافة التي بدورها تحدد شكل المواقف والسلوك تجاه قضية ما، وهو ما أدركه الشهيد القائد رضوان الله عليه وعمل على ترسيخه عبر الشعار الذي يضمن تنشئة جهادية وتهيئة مقاومة وتحصيناً فاعلاَ ضد أي محاولة لاختراق الوعي. فكيف استطاع الشعار بعباراته أن يواجه التطبيع؟.
لا شك أن الإعلام هو القناة التي يعتمد عليها العدو لإيصال رسائله ودعاياته -المضللة والمشككة- والمبررة إلى وعي الشعوب العربية والإسلامية، وقد استثمر العدو فيها أموالاً طائلة ووظف قدرات كبيرة فأنشأ ترسانات وإمبراطوريات إعلامية يسيطر على أغلبها اليهود، فعلى طول تاريخهم يعتمد اليهود على قوة الكلمة وتأثيرها ونشر الشائعات والأكاذيب والإيقاع بين الآخرين، ووسيلتهم الفاعلة في ذلك هو الإعلام.
الإعلام في أبسط تعريفاته هو الكلمة والمصطلح والخبر، وقليلاً ما يقاوم الإنسان الكلمة ويستهين بمفعولها أو يحاول العدو أن يقنعه بذلك، وخاصة إذا لم يمتلك المتلقي ثوابت مسبقة تمكنه من نقد وتمحيص ما يلقى إليه وما يسمعه وما يقرأه ويُخضِع المصطلح والخبر والشائعة للتساؤل والنقد.. عندها يصبح المتلقي فريسة سهلة لعملية تغيير ثقافته وبالتالي التنبؤ والتحكم في سلوكه.
في بداية الحرب العالمية الثانية كان الشعب الأمريكي كارهاً للحرب بشدة ويرفض الانخراط فيها ويتمسك بثوابت الانعزال والاهتمام بالداخل الأمريكي فقام الرئيس ويلسون حينها بإنشاء لجنة سميت لجنة كريل قامت وخلال ستة أشهر بتحويل الأمريكيين المسالمين إلى متحفزين تتملكهم الهستيريا، والتعطش للحرب، والرغبة في تدمير كل ما هو ألماني، وقد حققت ذلك عن طريق بث الذعر داخل المجتمع، وإثارة المشاعر القومية المتطرفة، ونشر قصص مختلقة تحمل قدراً كبيراً من الفبركة والتزييف للمذابح التى ارتكبها (الألمان)، والتى كانت في معظمها من اختراع «وزارة الدعاية البريطانية» التى كانت مهمتها آنذاك توجيه فكر معظم العالم وخاصة الأمريكيين وهكذا تم تحويل المجتمع المسالم إلى بلد تحكمه هستيريا الحرب.
وقد أدرك اللوبي الصهيوني مبكراً أهمية الحملات الدعائية الممنهجة والتى يمكن تطويعها لخلق الإجماع بجعل الرأي العام يوافق على أمور لا يرغبها بالأساس، عن طريق وسائل الإعلام.
وقد نجح الإعلام الصهيوني والغربي في تحويل قناعات بعض النخب وأبناء المنطقة العربية من رافضين للتطبيع والعلاقة مع الكيان الصهيوني إلى مطبعين أو قابلين به ومتماهين مع خطواته وخاصة في منطقة الخليج العربي.
فما هو دور الشعار في مقاومة هذا العمل الإعلامي الخطير على الأمة ومستقبلها وسلامة أراضيها وسيادتها وثرواتها؟
يمثل الشعار ما يمكن تسميته بالعقيدة القتالية للإعلامي الذي ينطلق في معركته الإعلامية فهو يضع أسساً وثوابت تحدد توجهاته وتؤطر سلوكه، باعتبار أن العدو يخوض الجيل الخامس من الحروب والتي لا تقتصر على العسكري فقط بل يشمل الإعلامي والسياسي والدبلوماسي والنفسي إلخ…
كما يمثل الشعار جرعة تحصينية فاعلة في مواجهة «التطبيع» والهجمات الإعلامية بشكل عام إذا أنه يفترض أن الطرف الآخر (وهو الأمريكي والصهيوني المتزعم للهجمة الشرسة على المنطقة) «عدو» وفق النص القرآني: «لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَٰوَةً لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ) وكثير من الآيات التي تحذر منهم ومن موالاتهم وخطورة ذلك على الدين والدنيا.
كما أن ذلك النص القرآني ينسجم تماماً مع الواقع فنجد أن كل مآسي الشعوب المنطقة برمتها هي من صنع اليهود وفريق من النصارى، بدءاً بالحملات الصليبية مروراً بالاستعمار وانتهاءً بغرس الكيان الصهيوني والشكل الجديد للاستعمار واحتلال وتدمير كلاً من الصومال والعراق وأفغانستان وليبيا وسوريا وإغراق بقية البلدان في الفوضى والصراعات وتغذية النزاعات في اليمن وتونس والسودان والبنان وإشغال بلدان كمصر والأردن في أزمات اقتصادية لا تغادرها.
هنا يقدم الشعار التوصيف الحقيقي لهذا العدو المتمثل في الولايات المتحدة والغرب كواجهة لفريق من النصارى هم أبعد مودة، والكيان الصهيوني الممثل لليهود في عصرنا الحالي، وقد اشتمل الشعار على كلمة الموت لأمريكا الموت لإسرائيل كتبنٍ لموقفٍ رافض لسياسات تلك الدول تجاه الأمة والمنطقة، وتوعية بخطورة مشاريعها التي نلمسها كل يوم على شكل المآسي والحروب والحالة الاقتصادية المتردية يوماً بعد يوم ونهب لثرواتنا.
إن تبني هذا الشعار يصنع ثقافة مختلفة عن تلك الثقافة السابقة التي تم الترويج لها عبر الإعلام بصداقة تلك الدول لشعوب المنطقة وحرصها على تنميتها وتقديم المساعدات لها ورغبتها في رؤية شعوبها متقدمة مزدهرة، وبالتالي يصنع الشعار المستمد من توصيف القرآن الكريم قناعات جديدة ويؤطر السلوك وفق ثقافة حقيقية واقعية هي أنهم لا يودون الخير لهذه المنطقية برمتها، قال تعالى (مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ وَلَا ٱلْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍۢ مِّن رَّبِّكُمْ ۗ) فكيف نثق بعدها بادعاءاتهم بالسعي للخير وتحقيق مصالحنا؟
يقف الشعار حاجزاً أمام إعلام العدو المضلل، فبمجرد التبني للشعار يجد الإنسان نفسه يقف موقف الشك والريبة من كل ما يأتي من قبل اليهود والمسيحيين المتطرفين – نستعبد هنا فريقاً وصفهم الله بأنهم أقرب مودة)-
ويمكن تلخيص آثار الشعار في الوعي الجمعي بالتالي:
يعمل على تعزيز الثقة بآيات القرآن الكريم التي تتناول طبيعة العلاقة مع أهل الكتاب (اليهود والنصارى).
يعمل على تحصين الوعي من قبول أي محاولة لاختراقه بواسطة الإعلام والمصطلحات المضللة.
يعمل على تفعيل الحس النقدي تجاه كل المواقف والتصريحات والإجراءات الآتية من قبل الآخر (المعادي).
يعزز الثقة بالنفس في إمكانية التغيير والقدرة على الدفاع والمواجهة.
يعمل على التخلص من الثقافات الدخيلة ويطهر الوعي من رواسبها.
يصنع ثقافة جديدة قائمة على الانسجام بين النص والواقع.
التأثير المباشر للشعار على «التطبيع» (علاقات الخيانة)
يمثل الشعار من حيث المصدر خطاباً محلياً ولكنه في مضمونه صالحٌ لكل مجتمع، ويتميز بأنه يتلاءم مع الثقافة المحلية والوطنية، فالمخاطبة الإقناعية في أي بيئة تتطلّب الانطلاق من قواسم مشتركة، وهذا ما يقوم به الشعار.
يقوم الشعار بمواجهة «التطبيع» على مسارين الأول استباقي تحصيني والآخر معالجة مصاحبة أثناء المواجهة القائمة.
ويمكن أن نشير إلى التأثير الذي يصنعه الشعار في مواجهة «التطبيع» كالتالي:
التحصين الاستباقي: تقتضي مضامين الشعار أن يعزز المناعة الثقافية في مواجهة التطبيع ما يمنع الجهود التطبيعية من إحراز السبق والدفع به إلى مربع ردة الفعل المفتقرة إلى المبادرة.
يقف سداً مانعاً من حيث المبدأ من محاولات تسلل إعلام «التطبيع» إلى الوعي.
يساعد على التهيئة الذهنية والتكييف المعنوي لمواجهة سيالات الإعلام المطبع التي تعمل على ترويض الأذهان والوجدان.
استطاع الشعار أن يسقط صنم الخوف من عدم القدرة على مواجهة المشروع الأمريكي الصهيوني الذي يعتمد في الأساس على الدعاية الإعلامية المضخمة لقوته وهيمنته ويروج لـ «عجز الآخرين في مواجهته».
يعمل على تعزيز الثقافة الرافضة للتطبيع لدى الجماهير، ويدفع باتجاه تطوير خطاب إعلامي علمي قادر على المواجهة وتفنيد إعلام «المطبعين»، فترديد عبارة «الموت لإسرائيل» تجعل من غير المنطقي أن من يدعو إلى زوال الكيان الصهيوني يمكن أن يقبل بالتطبيع أو إرهاصاته.
يعمل الشعار على إيجاد حالة من الانشداد والانجذاب المستمر إلى القرآن الكريم وما فيه من تحذير من اليهود وأهل الكتاب بشكل عام وعداوتهم ووجوب الحذر من كل ما يأتي من قبلهم.
يساعد على تطوير الحس النقدي إذ أن من شأن تبني موقف حازم من قبول الإعلام «المطبع» يجعل المستقبِل في حالة من الاستعداد لمواجهة ما قد يتعرض له من إعلام بعقلية ناقدة بخلاف القبول الذي يصنع حالة من الاسترخاء القائمة على الثقة المنسجمة مع حالة القبول.
باعتباره حرباً نفسية على العدو يعمل الشعار على محاصرة الانخراط التطبيعي الفعلي الذي يسعى الصهاينة لتكريس حضوره وتوسيع نطاقه، إذ يعمل الشعار على محاصرة أي تمدد لهذه الحالة مع قدرته على فتح ملفات المضامين التطبيعية في الخطاب الإعلامي وفضح أبعاد متكتم عليها وتأجيج حالة الرفض المجتمعي لها.
يعمل على إزالة الرواسب الثقافية في الوعي عبر مراجعة المحتوى الثقافي المسبق وعرضه على المبادئ التي تنسجم مع مضمون الشعار والواقع ومن ثم التخلص من تلك الرواسب.
عرقلة التفاعلات والتداعيات المترتبة على بعض وجوه «التطبيع» التفصيلية: إن ترافق مضمون الشعار مع حركة المقاطعة كفيل بالتأثير على الشركات والمؤسسات والشخصيات لدفعها للتنصل من «التطبيع» وحثها على فسخ الشراكة مع المشاريع التطبيعية.
يعزز التوجه النقدي والمتوجس تجاه المصطلحات التي تدعو «التطبيع» فالمجتمعات اليوم تعيش أمية المصطلحات أكثر منها أمية القراءة والكتابة، فتزود الإنسان بحالة من الرفض والتوجس المسبق يخلق شعوراً بالتردد نحو كل ما يلقيه الإعلام من مصطلحات يهدف من خلالها كيّ الوعي وترويضه للقبول بالتطبيع وما بعد «التطبيع».
شكل الإطار الفكري والمسار العملي للحركات والتنظيمات التي تتبنى مواجهة التطبيع ومقاومة المشروع الأمريكي والعدو الصهيوني فقد وجد فيه الكثير فرصة للتعبير عن مواقفهم وهو ما يفسر انتماء الكثير من أطياف الشعب اليمني إلى الحركة من خارج تشكيلتها النمطية.
الالتزام بمضمون الشعار يدعو إلى مقاطعة الإعلام الصهيوني أو العربي المتصهين انطلاقاٌ من المرجعية القرآنية التي تحذر من الاستماع للكذب وجعله علامة للنفاق، وهذا يغلق باب وقناة الإعلام التطبيعي.
رفع كلفة التطبيع مادياً ومعنوياً: عبر ما يقوم به الشعار من التثبيط للتوجهات التطبيعية وثني الجماهير عن القبول به ومحاصرة تحركاته وتحصين الوعي المجتمعي تجاهه وهو ما يؤدي بالضرورة إلى كلفة مضاعفة على دعاة التطبيع ثم الفشل في النهاية.
يعمل الشعار كمعيار ومحك توضع أمامه أي ثقافة أو مصطلح أو مقولة أو خبر إعلامي أو توجه رسمي أو شعبي ليتم اختبار مدى توافقها مع المبادئ الإسلامية والأخلاقية فمثلاً يروج الإعلام لمقولة أن اليهود أبناء عمومة للعرب، أو أنهم يريدون التعايش والعيش بسلام أو أنهم لا يمثلون عدواً للعرب والمسلمين، فإن تلك المقولات تسقط عندما يشدنا الشعار إلى ثوابت القرآن التي تقول لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود، وعندما يقول ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم. ولقائل أن يقول وما هو دور الشعار فهذه آيات قرآنية موجودة منذ قرون عديدة نقول له فعلاً هي آيات في كتاب الله ولكن تأثير وإعلام اليهود والغرب هو الذي حرفنا عن الكتاب الكريم بينما يقوم الشعار بإعادة المسلم إلى مصدر هدايته الحقيقي والصادق.
على المستوى الخارجي يعمل الشعار على تعزيز حالة المقاومة والجهاد وهو ما ظهر جلياً من تبني جماعات وحركات مقاومة للشعار نصاُ ومضموناً في العراق ولبنان وسوريا وفلسطين وتونس وغيرها كما أنه أعاد الأمل إلى الجماهير العربية التي تدجنت بالمواقف الرسمية للأنظمة والتي أقنعتها بعدم جدوى المقاومة والجهاد وضرورة القبول بواقع التطبيع مع الكيان.
توصيات
العمل على دراسة مضامين الشعار بتجرد وتوضيح أهميته في المواجهة القائمة مع الغرب والصهاينة.
الالتزام بالشعار ترديداً وحضوراً في أدبياتنا لضمان إيصال رسالة أنه لا مجال لتسويق التطبيع أو مشاريع الغرب والصهاينة، كما أوضح الشهيد القائد رضوان الله عليه.
توظيف الشعار في تطوير جهود التعبئة والتكتل وحشد التأييد والمناصرة والإبداع في ابتكار آليات الضغط والتأثير المكثفة في مواجهة التطبيع بكل أشكاله.
الترويج للشعار في المحيط العربي والإسلامي لمواجهة موجة التطبيع.
التنبه عند استخدام المصلحات القادمة من الإعلام الغربي والصهيوني ومقاطعة المصطلحات المريبة.