فلسطين : أسطورة نضال وجرح أمة..! (4)

طه العامري

 

 

على مدى عقود خلت ظلت قضية فلسطين شبه مغيبة عن ذاكرة (جماعة الإخوان) وهي كذلك كانت في أجندات قوى (اليسار العربي وخاصة التيارات الاشتراكية ذات التوجه الماركسي) وفيما كانت جماعة الإخوان منشغلة بمحاربة (الشيوعيين) وقضية (كشمير) ومنهمكة في مصارعة الأنظمة العربية والتآمر عليها وخاصة الأنظمة القومية، كانت أنظمة (ثيوقراطية متسلطة) ترى في فلسطين -مشكلة – مقلقة لسكينتها وتتمنى لو أن الشعب العربي في فلسطين ينسى قضيته ويسلم بما حل به ويقبل عروض (التوطين) التي عرضت عليه من كل دول العالم العربية منها والإسلامية والدولية..!
على خلفية هذه العوامل واجهت القوى الفلسطينية الفاعلة الكثير من التحديات كي تحول قضيتها وقضية وطنها فلسطين من قضية شعب لاجئ يبحث عن مساعدات إغاثية وإنسانية، إلى قضية شعب ثائر يتطلع لتحرير وطنه من دنس الاحتلال الاستيطاني الذي زرعته (بريطانيا) ثم تولت رعايته أمريكا، ليتحول هذا الكيان إلى رأس حربة للقوى الاستعمارية والحارس الأمين على مصالحها وديمومة نفوذها في الوطن العربي، وأضيفت له مهمة أخرى هي التغلغل في أوساط المجتمعات العربية وخاصة تلك التي تتشكل من أقليات عرقية طائفية ومذهبية وقبلية والعمل من خلالها على إحداث فجوات تؤدي إلى تمزيق هذه المجتمعات وإثارة الفوضى وتكريس قيم الفرقة في أوساطها، ولم تتردد الدول الاستعمارية في تعزيز وتكريس هذا المشروع الصهيوني والمساعدة الفعالة في إنجاح هذا المخطط التمزيقي للنسيج الاجتماعي العربي..!
كانت مرحلة المد القومي العربي التي عمت الوطن العربي خلال زعامة الرئيس جمال عبدالناصر، قد أيقظت المارد العربي من سباته وبدت قيم ومفاهيم قومية تسود سماء الأمة وبوصلتها فلسطين والوحدة والحرية والتكامل العربي، والمؤسف أن هذا المد القومي وجد نفسه يواجه من داخله سلسلة من المؤامرات الذاتية دوافعها الغيرة والتنافس والمشاريع الضيقة والأحلام والطموحات الشخصية..!
فكان قدر الثائر العربي الفلسطيني المتطلع لتحرير وطنه واستعادة أرضه وإعلان دولته وسط كل هذه الخلافات البينية أن يشق طريقه نحو تطلعات وأهداف الشعب العربي الفلسطيني في الحرية والاستقلال والدولة، وسط جبال من الأزمات والتناقضات الداخلية الفلسطينية والعربية الفلسطينية والعربية العربية..!
هذه التناقضات أدت إلى تمزيق الوعي تجاه القضية فلسطينيا وعربيا، فعلى الصعيد الفلسطيني ذهب اليسار الفلسطيني بعيدا في أحلامه الطوباوية لدرجة أنه اجتمع هذا اليسار مع اليسار الصهيوني في عضوية (مؤتمر الاشتراكية الدولية) الذي كان يضم في عضويته الأحزاب الشيوعية العالمية بمن فيها (حزب العمل الصهيوني)..!
عربياً تحولت القضية إلى عنوان للتنابز الرسمي العربي وورقة مزايدة يحاول كل نظام توظيفها لخدمة أهدافه وطموحاته السياسية، خاصة بعد رحيل القائد العربي جمال عبدالناصر الذي كان يتعامل مع القضية كقضية مصيرية مرتبطة بوجود الأمة وأمنها واستقرارها وتقدمها الحضاري.
يتبع،،

قد يعجبك ايضا