نعمةُ المطر ورئتُنا المهدَّدة

عبد الكريم الوشلي

 

 

نعمة المطر الإلهية العظيمة رسمت هذا العام لوحة بديعة.. وجددت رئة الأرض والطبيعة في يمننا الحبيب، فأصبحت تتنفس اخضراراً وقشابة وبهجة تختلج بها الأرواح قبل العيون والحواس..
سبحانه وتعالى والحمد له.. أرسل سماءه المدرار على صنعاء والكثير من المحافظات والمناطق ..
وفي هذا الشهر الفضيل شهر النفحات الإلهية السخية والخيرات والبركات المضاعفة، رأينا الخير خيرين، وشواهدَ اليُمن والانبساط تجمع في حاضنتها الحفية الأرض والإنسان معاً..
ولا شك في أن المُعطى الجميل الذي جاد به الغيث على الطبيعة في ربوع بلدتنا الطيبة عموماً، والضواحي المحيطة بالعاصمة صنعاء على وجه الخصوص، قد منح الكثير من العوائل فرصة للحصول على قسط متميز من أريحية الأوقات المستمتعة بالأجواء الرائعة التي جدد المطر شبابها وأعاد إليها صفوها ونقاءها في المناطق المخاصرة لكبريات المدن، بما فيها عاصمة العواصم وموئل الروح صنعاء.. حيث الطبيعة في ذروة البهاء والقشابة بفعل البصمة الجميلة التي أضفاها المطر على السُحنة البيئية والطبيعية لهذه الضواحي ذات الدور الرئوي والتنفسي المهم كضلاع همدان ووادي ضهر وقرية القابل وحدة وسعوان وسنع.. وغيرها من الضواحي التي – للأسف الشديد يلتهم التوسع العمراني غير المنضبط مساحاتها الخضراء سنة بعد أخرى مهدداً صنعاء وسكانها بالحرمان من رئة تنفس طبيعي تتمتع بها العواصم والمدن في الدول الأخرى التي تحظى بتنظيم فعال للنمو الحضري، وهذا ما نأمله وندعو إليه الجهات المعنية في بلدنا باستمرار، وطبعا في مقدمة المعنيين حكومة الإنقاذ وأمانة العاصمة صنعاء، المعنيتان على نحو أساسي بالتوجه المبادِر إلى خطوات وإجراءات جادة وتشريعات تنقذ ضواحي صنعاء الزراعية ومحيطاتها الخضراء من غول التصحر الإسمنتي والترابي والتمدد العمراني العشوائي الزاحف بلا هوادة، والناتج عن استمرار الهجرة غير الرشيدة من الأرياف.. قبل فوات الأوان..
في السياق أو في مقامنا هذا، من الطبيعي القول، إنه لايكفي أن تتذكر حكومتنا الموقرة في كل موسم مطر أهمية التخطيط الحضري الذي يركز خطط الإسكان والبناء في التلال والمرتفعات ،ويحافظ على الوديان والسهول والقيعان كمساحات زراعية ..بل إن الأمر يتطلب سياسات عملية وإجراءات جدية مؤطرة بقوانين وتشريعات صارمة ومفعلة ،دون تسويف أو إبطاء، لمنع البناء في الأراضي التي هي في قلب الضرورة الأساس للنهضة الزراعية، وتأمين رئاتٍ ومتنفسات خضراء كافية ولاغنى عنها للعاصمة والمدن المكتظة ..وهذا ماتمثله الضواحي المحيطة بها ،والتي ،كما قلنا -وللأسف الشديد-إلتهم التمدد العشوائي للعمران مساحات شاسعة منها ،بسبب اللامبالاة والفساد والإهمال والاستهتار بالمسؤولية في مامضى..؟!
إضافة إلى واجب الإسراع في اجتراح ما أمكن من حلول لمشكلة ضياع كميات هائلة من مياه السيول والأمطار، في كل موسم، في بلد حظُّه الحصري والوحيد من المورد المائي الحيوي هو الأمطار وما تجود به السماء في كل موسم..
والكل في بلدنا العزيز الطيب يأمل أن تلقى هذه القضايا الملحةُ ما تستحقه من جدية ومبادرة من قِبل الجهات المعنية في الدولة والحكومة..
ندعو الله دائماً، أن يحفظ هذه الضواحي، وهي بقايا الجهاز الرئوي التنفسي للحبيبة صنعاء وسكانها.. من مخاطر الزحف العمراني الجامح الذي التهم بعشوائيته وجنونه الكثير..!
ولا نمل من مناشدة كل الجهات المعنية.. آملين المزيد من الترشيد والضبط الواعي والحازم لإيقاع توسع العمران ومخططاته الإسكانية الحضرية، بما يحفظ ما تبقى من هذه المساحات الزراعية المحيطة بصنعاء، ويصون طابعها البيئي الجمالي الأخضر البالغ الأهمية للأجيال، وهذه أمانة في أعناقنا جميعاً.

قد يعجبك ايضا