التوصيف الذي قدمته القمة للحرب على اليمن يعد عدواناً سافراً، يضاف إلى التعدي على حق اليمن في إحضار العليمي إلى القمة ليتحدث باسم اليمن وشعبه، ولا حضور زيلنسكي إلى قمة جدة بتوجيهات أمريكية سيمنح قمة جدة قيمة عربية أو معنى عربياً، ولا المخرجات البيانية الباهتة والهزيلة للقمة التي تناولت القضايا العربية ضمن الرؤية والتوجهات الأمريكية ستجعلها قمة عربية، وإذا كانت القمة عربية الشكل من حيث حضور بعض القادة العرب، فهي هزيلة المضمون لأن الأغلبية عرباً مطبعون أو عملاء يتجندون لأمريكا والصهاينة، وهي قمة فاقدة لمشروعيتها لأن بعض من حضروها هم قادة مزيفون باسم بلدانهم وشعوبهم نُصِّبوا في الخارج بمناصب مزيفة، ومُنحوا صفات وألقاباً غير حقيقية.
لم يُبْدِ الشارع العربي اهتماماً بنتائج القمة بقدر اهتمامه بحضور الرئيس السوري بشار الأسد، ذلك أن القمة هزيلة وخاوية المعنى، واليمن ليس غائباً عنها فحسب، بل وبتنصيب ممثل لها لا علاقة له بالشعب اليمني ولا بالجمهورية اليمنية، قمة عربية لكن بتوجهات أمريكية وغربية لا تحقق استقراراً للمنطقة ولا تصالحا بين دولها.
يمكن تسميتها بقمة زيلنسكي لإلقائه محاضرة في المجتمعين لا أحد يدري ما مناسبتها وما هي عروبة زيلينسكي، وقد أحسن الرئيس السوري بشار الأسد الذي أغلق سماعته خلال محاضرة زيلينسكي المعروف بالتهريج والتمثيل الدرامي في المسلسلات والأفلام.
لا قيمة للقمة وآثارها سلبية، من حيث أنها لن تسهم في أمن المنطقة حين لم تخرج بقرار لوقف الحرب العدوانية على اليمن، وما دامت الحرب العدوانية على اليمن مستمرة، والحصار متواصلاً، وما دام التنصيب للمرتزقة كممثلين لليمن مستمراً أيضاً، فلا أمن ولا استقرار في المنطقة إلا باستقرار اليمن وإحلال السلام فيه بوقف العدوان ورفع الحصار، والتوقف عن تزييف سلطاته وممثليه، والتوقف عن استهداف وحدة أراضيه.
أي قمة تلك التي استمع فيها المجتمعون لكلمة من زيلنسكي الذي يتجند للإدارة الأمريكية وللغرب في حرب مدمرة مع روسيا، ويغيب فيها صوت الجمهورية اليمنية، أي قمة عربية تلك التي أحضرت مرتزقاً اسمه رشاد العليمي ليتحدث باسم الجمهورية اليمنية والشعب اليمني، وتمنطقت بالاستقرار والسلام للمنطقة فيما لم تخرج بفقرة واحدة تتعلق بوقف الحرب العدوانية على اليمن ورفع الحصار عنها!
لا قيمة عربية للقمة التي حملت رؤية أمريكية إزاء القضايا العربية الراهنة وعلى وجه أخص فلسطين واليمن، إذ لا قيمة للفقرات المتعلقة بالقضية الفلسطينية إذا كانت مجرد كلام إنشائي مضلل، ولا لبعض الحضور العربي في القمة إذا كانت أغلبية الأنظمة المشاركة في القمة منهمكة الآن في التعاون مع العدو الصهيوني بشكل مباشر معلن وغير معلن، ومستمرة في موقفها العدائي والعدواني ضد الشعب اليمني.
الضمانة الحقيقية لنجاح القمة كان يتمثل في اتخاذ قرار بوقف العدوان على اليمن ورفع الحصار عن شعبه، والتأكيد على وحدته وسيادته على ترابه، أما جلب المرتزق العليمي إلى القمة فلن يحقق استقرارا للمنطقة ولن يحقق أمانا للسعودية ولا لغيرها، وإذا كانت مملكة العدوان تنوي مراجعة مواقفها وتوجهاتها حسب ادعاءات محمد بن سلمان في كلمته بالقمة، فكان الأحرى بها أن توقف العدوان على اليمن، وترفع الحصار وتصرف رواتب اليمنيين.
قمة هزيلة وبائسة، لا عرب فيها ولا عروبة ولا قضايا عربية ولا موقف عربي حقيقي، شكلاً تبادلوا المديح والثناء والتراحيب والابتسامات، واختتموها بفقرات بيانية، الأقوال فيها أعلى من الأفعال والمواقف، وهي في النهاية لا تعنينا لا من قريب ولا من بعيد.
قمم عربية تعقد منذ العام 1964، والسيرة لا تتغير رغم الظروف التفصيلية المتباينة، وقمة السعودية لم تختلف في الجوهر إلا في أنها كانت الأسوأ مما سبق، مواقف في فلك الأمريكي تدور دوائرها، وتأكيد على التضامن وآخر على أهمية حل القضايا العربية العالقة في فلسطين والعراق والصومال ولبنان والسودان واليمن، والحال كما قال الشاعر البردوني – رحمه الله – الذي تنقل بخيالاته الخصبة بين القمم، في قصيدة عنوانها «اجتماع طارئ للحشرات» :
وبإعلان البيان اقتنعوا
غير أن الصمت لم يُبدِ اقتناعا
وبهذا اختتموا أعمالهم
وابتدت سلطانة القمل الوداعا