معتقلون مدنيون تعرضوا لأبشع أساليب التعذيب والإخفاء القسري من قبل سلطات حكومة الفنادق

 

أم عبدالله:
أخذوا ولدي وما بحوزته من سيارة وجنبيه لمجرد أن وجدوا في جواله صورة تجمعه بـ»ابو علي الحاكم»
المعتقلان الجشمي والحيي
يتعرضان للتهديد في ز وجتيهما وبناتهما فيضطرا للاعتراف بالإرهاب
د. بشرى:
تم استدراج أختي بقرار ضمها إلى حملة تحصين ضد وباء كوفيد19، ليتم اختطافها والزج بها في سجون الأمن السياسي في مارب بتهمة التجسس والعمالة وتجارة اليورانيم

ما كشفت عنه منظمة للحقوق والحريات بشأن المعتقلين في سجون مارب يُظهر صورة تأسف لها الانسانية، ولو لم يأت الأمر موثقا كما عرضته المنظمة لكان فيه جدل.
صور تعكس قصصا إنسانية تكشف مقدار المعاناة جراء التعرض لأشكال من الامتحان والانتهاكات، تسبقها تلك القصص التي تُبين فداحة الانتهاك، حين كان يجري اعتقال البعض من الشوارع واحيانا بعد اقتحام غير مبرر لمنازلهم، كما حكى ذلك العديد من أهالي الاسرى.

الثورة/ يحيى الربيعي

نماذج من قصص التعذيب والإهانة والانتهاك لحقوق المواطنة، وحقوق الإنسان والطفل والمرأة.. قصص تجاوز مرتكبوها كل حد بغطرسة وتعسف وحب الإذلال كل نص وعرف وأخلاق نصت عليه دساتير السماء والأرض.. قصص عرضتها منظمة إنسان للحقوق والحريات في مؤتمر صحفي حضرته وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وكان لـ«الثورة» فرصة حضوره، والالتقاء ببعض من أسر مدنيين اعتقلتهم سلطات حكومة الفنادق وأخفتهم قسرياً في غياهيب سجون مظلمة، ومارست بحقهم أنواعا شتى من العذاب والتنكيل.. فإلى الحصيلة:
ومع البداية التي تروي فيها (فندة علي عبدالله أحمد الجشوش)، حكاية أبنها المعقتل (عبد الله أحمد محمد الجشوش)، بدأت الحكاية باعتقاله في شهر أكتوبر 2019، على إثر قصة استدراج حبكها له– كما تحكي أمه- ابن عمته، والتي سردت القصة كما يلي: «كان ولدي- ما شاء الله- نشيط في عمله، وكان بن عمته يجازعه.. جلس عنده أكثر من ثلاثة أشهر في البيت، وهو يأكله ويشربه، ويدفع عنه الإيجار.. وكان كل ما يسير معه العمل، يصوره ويرسل من صوره نماذج إلى هناك (تقصد مارب)».
وتواصل « قبل مولد الرسول صلى الله عليه وآله، كان ولدي مموه سيارته.. حينها جاء إلى عنده ذيه أبن عمته، وقال له: أمي مريضة، فيها مرض خطير، لازم تجي مع نسفعها إلى مارب.. اشتيك فقط تخرجها من نقاط «أنصار الله»، وأخي سيكون في انتظارنا بسيارة من مارب في قانية».
وفي قانية، وتحديدا في أكتوبر 2019م، «ابني قال له: أنا عاد أوصلكم إلى رداع وارجع.. قال ابن عمه: لا قدمنا يااامنعاه.. خرجنا من عفار.. قد أمنّا لك الطريق.. أنت، فقط، نزل أمي وعيال أخي، ونحن- إن شاء الله- نرد لك الجميل؟ خلاص، نطرحهم ونرجع أنا وأنت، وأخي سيأخذ أمي والجهال ويرجع من قانية.. وأكد له: لا تقلق، قد بلغوا وأمنوا الطريق». الأم تقول.
وتواصل: «قبل ذلك، عمته لها ما بين 6 – 7 أشهر، وهي تتردد مع ابنها إلى البيت إلا يجي أبن أخوها ينزلها مارب تقطع جواز تسافر الخارج.. «آثار»!! هي كانت لعبة مطبوخة، وهذا ما اتضح في الأخير، فقد كان معهم صاحب معتقل.. هم قالوا إن «أنصار الله» اعتقلوه، من البيت في قريته.. وإن هذا الصاحب ظهر إنه كان متعاون كبير مع هؤلاء اللي يسمو أنفسهم «الشرعية»، وإنهم لفوا وداروا كيف يخرجوه؟ قصدهم يشتوا بديل يفاوضوا به من خبرة «أنصار الله».
وتضيف: ابن عمة ولدي أخذ يستدرجه، علشان يكون هو البديل الذي يمكن يفاوضوا به عن ذلك الشخص. فجاء له بطريقة صحبة، أكل معه وشرب، وكان يربط شعارات «أنصار الله «على رأسه، وفي المولد يسير ويجي مع ولدي بحسب أنه واحد من «أنصار الله».
وتتذكر الأم «ولدي كان يحتفظ بصورة في جواله، وهو مع «أبو علي الحاكم» جمعته به الصدفة في أحد زيارته لمعسكر النجدة حينها وولدي كان عسكري»، لتشير بذلك إلى أن ابن عمته أخذ هذه الصورة ورسلها لهم، تقصد ما يسمى بشرعية مارب.
على أي حال، تواصل الأم الرواية لتأكد «ولدي، قبل ما يسافر، حتى لم ينتبه يطرح تلفونه بما يحتويه من أشياء متعلقة بعمله مع «أنصار الله».. المولد والصور، وكل شيء مثبت في الجوال، ابن عمته قبل ما يسافر أخفى تلفونه، نزل بتليفون أزرار حق أمه، بلا بطائق ولا معه شيء «.
وتنتقل القصة- في راوية الأم- مباشرة إلى: «ابن عمته لما اتصل له، كان حينها يوم الجمعة، جاء له، وجزعوا أدى أمه، وسافروا عصر الجمعة»، وهناك في نفس الليلة، أول ما وصلوا المكان حيث أخو ذيه ابن عمه سيأخذ أمه مع 4 جهال.. وأثناء ما رجع هو وذيه اللي اسمه (….)؛ تقصد ابن عمه، وتحديدا قبل النقطة إذا بالطقوم منتظرة لهم.. طبعاً، حجزوا الاثنين وأخذوهم إلى مارب.
وفي مارب جاء أخو «…» وأدى معرف بأخيه.. أمور مخطط لها، حتى أن أخو «…» لما استقبلهم كان بسيارة الشخص ذيه اللي بيقولوا إنه معتقل «هنا».. مطبوخة يخلوا ابني بديل.. أخذوا «ولدي»، وأخرجوا ذيه اللي ابن عمته؛ ما جلس في الأمن غير يومين، وابني (هكذا تكرر) أخذووه.. أخذووه.. أخذووه من الأمن وحولوا به إلى الأمن السياسي.
«ابنه عمته»- كما تحكي الأم المحروقة على ولدها- لم يخرج من القسم إلا وقد قال في ولدها الأكاذيب، فقد وصفه بالمتمرد، والمتحدي والمساهم في عمليات اغتيالات، والقائل بإن اللي في مارب مش هم رجال، وأن الرجال هناك في صنعاء، يعني حرضهم.
المهم – تواصل الأم- قالوا ابنك محجوز في أمن قانية.. أنا سافرت من هنا، ولما وصلت قانية، قالوا نقلوه الأمن السياسي، طبعا أنا نزلت مارب، وهناك حاولت، حاولت، حاولت، يا الله سمحوا لي بزيارته.
وهنا تأتي المفاجأة- كما تروي الأم- «وإذا بي أمام ولدي، وهو يشكي لي أن أحد من أصحابنا من البلاد، وهذا الشخص كان دائما يسير يحمل ركاب إلى هناك، شاف ولدي وهو راجع ناداه يا «ابا جبريل»، ألحق بعدي، قال ولدي: حينها أنا حسيت أنني أخذت.. حس إنه يسير في خدعة.. قال له يلحق به جهة قانية.. قال: «وأنا مشيت.. خرجت من النقطة، والاتصال عليه.. رديت اتصل.. اتصل، ما بش فقد الاتصال».. وهم مسكوني في تلك اللحظة، وعليها يمكن أسبوع وأنا محتجز طبيعي ما في شيء، وبعد الأسبوع فتشوني»، ومنها بعدها ثلاثة أشهر قرش جلد وتعذيب، حتى كسروا جنبه الأيمن، ولا تزال علامة الكسر واضحة، ردوا الكسر، وتعافى قليلا.
الآن، تستمر الأم في سرد ما وجدت عليه ولدها من جور المعاناة التي يتلقاه في سجن الأمن السياسي في مارب- «قبل يمكن ستة أو سبعة أشهر رجع لابني وجع جنبه، بل زد طلع له ضغط وسكر، أسعفوه المستشفى.. واتصلنا في رجب، وسافرت لطلب زيارته.. وهناك لقيت الولد مورم مورم.. وهو يترجاني «حاولي مع أنصار الله يخرجوني، لأنهم في مارب رفضوا يخرجوني إلا ببديل».. حاولت بوساطة عند النيابة، لكنهم قالوا إنهم ما يقدر يفعلوا له شيء، لأنه في كشف التبادل إلا إذا أنصار الله طلبوه وأدوا بديل عنه، غير هذا ماشي حل؟ خلاص أنا يئست.. حاولت المرة الثانية، والثالثة وما فيش فائدة.. قدمت لرابطة أمهات المختطفين، وإلى لجنة الأسري في صنعاء، ووزارة حقوق الإنسان، ومنظمات حقوق الإنسان، وإلى الآن، لا يزال ولدي في سجن الأمن السياسي في مارب منذ أربع سنوات، أسرته وجهاله يعانون الأمرين، أخذوه مع سيارته وجنبيته، ماله فوق السيارة، ولا رجعونا لنا شيء، ما عاد همنا إلا عودة ولدي الذي أخذ وهو بصحة وعافيه، والآن أصبح عاجز عن الحركة بسبب ما تعرض له من قساوة التعذيب.
الجشمي
أما زوجة زيد حسين الجشمي، فكانت أولى كلماتها أن طالبت جميع المنظمات العاملة في اليمن، ومنظمة حقوق الإنسان والأمم المتحدة الافراج عن زوجها البريء، ثم شرعت في سرد قصة اعتقال زوجها المقوت، وأحد عماله «سرنا عدن نشقي على أنفسنا.. زوجي كان مقوت؛ ولا عمره حمل سلاح، سرنا نطلب الله.. وما هي إلا عشرة أشهر، وإلا ويهجم علينا مسلحين في البيت؟ اخذوا في البداية عامل كان يساعد زوجي، وحبسوه، وعندما لحق بعده يعين ليش حبسوه؟ مسكوه، وقالوا له، أنت إرهابي، وعذبوه ثلاث أيام بأشد أنوع التعذيب، وبعدها ثلاثة أيام أدوه إلى البيت، كانت صاحبتي عندنا.. فتحنا لهم الباب، وأول ما دخلوا طرحوا السلاح في رؤوسنا وهددونا.. نبشوا البيت.. كسروا كل ما فيه، حتى إنهم كانوا يضربوا زوجي قدام بناتهم، ضربوه إلى درجة إنه ما يقدر يمشي من شدة التعذيب.
تواصل الزوجة حنان غمارة، ومعها زوجة العامل (عبدلله علي علي الحيي) عرض القصة بالقول: لفتوا- بعد تعذيب زوجي- إلينا، وبدأوا يطالبونا نخرج السلاح.. قلنا لهم ما بش سلاح، ولا عمرنا شلينا سلاح ولا معانا سلاح.. قاموا أخذونا كلنا الحبس، أنا وصاحبتي والبنات وأزواجنا.. وصلنا الحبس هددوهم فينا.. قالوا: إما تعترفوا، خلوهم يعترفوا بالذي هم يشتوا.. لأنهم هددوهم: نسوانكم بانشمت بهن قدامكم. ما كان من أزواجنا غير الاعتراف بأنهم إرهابين علشان يفكونا.. كانوا يضربوهم ويعذبوهم قدامنا.. هانونا.. كانوا يضربوهم قدام العيال حتى إن البنات تأثرين لحد اليوم.. وبعد ما زوجي اعترف لهم بالذي قالوا.. كان قدام الفجر الساعة ثلاث بعد منتصف الليل في بئر احمد بعدن.
استدراج بقرار
وهكذا تستمر أحداث مسلسلات التعذيب والإخفاء القسري في سجون أبو غريب مارب ودير أحمد في عدن وسجون الأمن السياسي في مارب ليصل الدور إلى د. بشرى محمد حسن كي تحكي حكاية اختطاف أختها د. يسرى محمد حسن (الاختان مدرستان في المعهد العالي للعلوم الصحية بصنعاء) قائلة: «جاء لأختي تكليف من وزارة الصحة في عدن على اساس تنزل في حملة التحصين ضد الكوفيد في شهر سبتمبر 2022،، ووصلت يوم الجمعة 23 سبتمبر، واعتقلت يوم 24/ 9 /2022م في سجن الأمن السياسي في مأرب، واتهمت بجرائم ليس لها أساس من الصحة، فقد اتهمت بأنها جاسوسة وتعمل لصالح جهاز الأمن والمخابرات في صنعاء، كما اتهمت بأنها تاجرة يورانيم، وأنها عميلة، ومساهمة في أعمال تضر بالأمن المجتمعي.
حاولنا بشتى الطرق في المعاملة، لجأنا إلى المنظمات الحقوقية لعل وعسى يعملوا لنا حل. كانت أختي تعمل مع منظمة الـ(دبليو اتش يو)، قبل ثلاث سنوات وهي سايرة جاييه من مأرب، ولم يكن أحد يعترضها لأنها كانت في حصانة دبلوماسية المنظمة التي تعمل معها، إلى آخر تكليف جاءها من وزارة الصحة، وقاموا باعتقالها، الجمعة أخذوها مقر سكنها في الفندق وإلى اللحظة وهي معتقلة لها هذا الشهر التامن.
قلنا لهم، إذا كانت أختي مجرمة المفروض إن الأمن السياسي يحولها للنيابة بعد 24 ساعة، لماذا محتجز لها في الأمن السياسي حتى اليوم؟ انتهكوا قوانين حقوق المرأة وانتهكوها قوانين حقوق الإنسان، والأعراف الدولية.
أختي مدرسة في المعهد الصحي، وليس لها أي ارتباط سياسي أو مذهبي أو طائفي.. عملنا مدرسات نكمل محاضراتنا، ونروح بيوتنا، هي فقط الظروف التي حصلت أجبرت أختي لأنها متحملة أعباء أسرتها، ومتحملة إيجار بيت لأخيها وبنته وزوجته، لجأت إلى العمل مع المنظمات كي تساعد نفسها وتحسن من الدخل علشان تصرف على نفسها وعلى أخيها.

قد يعجبك ايضا