فلسطين : أسطورة نضال وجرح أمة..! (2)

طه العامري

 

إن قضية فلسطين لا تعني أبناء فلسطين بل هي قضية أساسية ومحورية يعنى بها كل مواطن عربي بدرجة أساسية، ثم كل مسلم، ومن لم يؤمن بعدالة هذه القضية عربيا كان أو مسلما، فلا علاقة له بالعروبة والإسلام..!

إذاً.. فلسطين هي معيار الهوية والانتماء وهي مقياس انتمائنا للعروبة والإسلام..

إن أسطورة هذه الرقعة الجغرافية من وطننا العربي الكبير مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بهويتنا ومعتقداتنا الروحية والثقافية والحضارية، ولهذا حاولت محاور الشر السيطرة عليها بزعم أنها (موطن شعب الله المختار) مع علمنا أن لا وجود لهذا الشعب الذي اصطفاه الله ذات يوم ولكنه كفر بالله وخالف تعاليمه وقتل الأنبياء والرسل واصطف إلى جانب (الشيطان)، فكان أن نال هذا الشعب المزعوم بأنه (مختار) على غضب الله ومقته فأذاقهم الله من غضبه عليهم بأن لعنهم وجعل منهم القردة والخنازير، فسقطت عنهم مكارم الله وأفضاله عليهم وتوالت بعدهم الأمم إلا أن بعث الله رسوله الخاتم محمد بن عبد الله ليضع البشرية أمام قيم ومفاهيم توج بها الله قوانينه وتشريعاته لمخلوقاته، جاعلا من الإسلام الدين الجامع لعباده وكل مخلوقاته، وبالتالي لم يعد هناك ما يمكن وصفه بـ(شعب الله المختار)، ومن هرولوا لاحتلال فلسطين برعاية استعمارية ووفق مخطط استعماري قذر هم (عصابة الإمبريالية الاستعمارية المتوحشة) الذين تم زرعهم في قلب الجغرافية العربية ليكونوا حراسا للمصالح الاستعمارية، إذ وبعد بروز حالة اليقضة القومية واندلاع الانتفاضات من قبل الجماهير العربية في أكثر من نطاق جغرافي عربي، وجد المستعمرون أنفسهم مجبرين على الرحيل من بلاد العرب، ولكنهم كانوا بحاجة لوكلاء يتكفلون بضمانة مصالحهم الاقتصادية والتجارية والسياسية، ورغم انهم ذهبوا _أي المستعمرين _في تقسيم الجغرافية العربية ومنح كل جزء منها اسما وعلما ونخبة حاكمة، إلا أن هذا لم يكن كافيا بنظرهم لحماية مصالحهم، فقرروا زرع هذا الكيان في قلب الأمة فلسطين، ليتخلصوا من دسائس ومؤامرات (اليهود) في بلدانهم _اولا _الذين تسببوا للغرب والدول الاستعمارية بالكثير من المصائب والأزمات بل والكوارث والحروب، وبالتالي عملوا على التخلص منهم من دولهم ومجتمعاتهم ليرحلوهم إلى فلسطين بذريعة أنها أرض الميعاد وفي الحقيقة أن العواصم الاستعمارية اتخذت منهم رأس حربة ليدافعوا عن مصالحها وليحول وجود هذه العصابة الاستيطانية في فلسطين دون تقدم وتطور ووحدة الأمة والإبقاء على التبعية العربية للمحاور الاستعمارية، وبما يضمن ديمومة مصالح القوى الاستعمارية وديمومة سيطرتها على المنطقة التي تمدها بحاجتها من المواد الخام وتتكفل بحرية حركة الملاحة والتجارة الدولية، فالوطن العربي يعد منطقة ذات أهمية استراتيجية للدول الاستعمارية التي تخلت عن استعمارها المباشر له بعد تفجر حالة الغضب العربي الرافض للوجود الاستعماري في وطنه بما في ذلك رفض المواطن العربي للوجود التركي الذي كان يسيطر عليه بزعم (الخلافة الإسلامية) لكن ظلم وغطرسة الأتراك دفع العرب إلى إعلان الثورة عليهم، كما ثار ضد الوجود الاستعماري البريطاني والفرنسي والإيطالي والبرتغالي والإسباني، فكان أن غادر هؤلاء المستعمرون وسقطت دولة الخلافة العثمانية وكان لابد من كيان حارس تقوم مهمته بحراسة مصالح المستعمرين والحيلولة دون وحدة العرب أو تقدمهم وتطورهم الحضاري وإبقائهم دائما في حالة ارتهان للمستعمر وتابعا له، فكان هذا الكيان الاستيطاني الصهيوني الذي تم تسليحه بمنظومة أساطير زائفة وكاذبة ومحاولة منحه شرعية تاريخية يستند عليها في بقائه، ولم تكتفى القوى الاستعمارية بالدور الذي يلعبه هذا الكيان في المنطقة بل حرصت القوى الاستعمارية على تفخيخ كل النطاقات الجغرافية العربية من حوله بمنظومة من القنابل المؤقوتة والمتمثلة بالجيوب والأقليات العرقية المذهبية والاثنية، التي تعمل على تحريكها متى ما رغبت في تحريكها لإقلاق وإرباك النطاقات الاجتماعية وزعزعة استقرارها متى تطلبت ذلك المصلحة الاستعمارية.

يتبع,,

 

 

 

قد يعجبك ايضا