سلفادور دالي: أنا مع “البروليتاريا”


قليلون هم الذين مجدوا الفنان العالمي “سلفادور دالي” من الاشتراكيين الماركسيين. في كتاب تعليمي عن “الديالكتيك” قرأته في وقت سابق من وجودي داخل مدينة تعز.. تجنى هذا الكتاب كثيرا على الرسام العالمي “دالي” ووصفه بأنه برجوازي وأن أعماله لا يجب أن ينظر إليها على أنها تحمل أي مدلول إنساني حقيقي.
هذا ما لصق في ذهني من كل “المحاكمات التاريخية” التي وقع في فخاخها الكثيرون.. غير أني قرأت في فترة أخرى “ملف” من إصدارات وزارة الثقافة الكويتية وفيه محاكمات فنية أيضا لكنها مختلفة وحاكمت الفنانين الذين أوردتهم في السياق ليس على أساس من انتماءاتهم الإيديولوجية وإنما على أساس من الفلسفة الشرقية التي لا ترى في الفنان قاتلا أو سفاحا أو ديكتاتورا مهما كانت القيمة الفنية التي جسدتها أعماله) هتلر نموذجا(.
في كتاب “ما هو الديالكتيك” كان الأمر مختلفا تماما ذلك أنه تعلق بكون الفنان قريبا من اليمين وأنه كان على خصومة مع حركات “يسارية” بنت مجدها على مفهوم “الرثاثة” في مقابل أخرى بنت مجدها على مفهوم التصالح مع العنف كأداة من أدوات الاشتراكية التي تحولت فيما بعد إلى “رومانسية ثورية” هذا إلى جانب كون الفنان كان ثريا مهووسا بالمال والذهب.
وفي الواقع كثيرا ما نظرت إلى “دالي” على أنه فنان لا يمكن تجاوزه لكن لم تحدث لدي أعماله ما أحدثه سيزان أو فان جوخ) انطباعيين) أو حتى بيكاسو (تكعيبي) لم تكن فكرته مفهومة بالمعنى الفني حيث وأنه ظل خارجا حتى على جيله من السرياليين المثقفين والرسامين ليبقى ولعه بالتفاصيل هو مصدر الذهول من أي شيء آخر.
ذلك أن الفكرة التي قدمها “دالي” على قالب “واقعي” كانت مصدر جذب ولم تتخلق من فكرته المجردة أي فكرة أخرى ذات بعد فلسفي حقيقي على غير ما قدمه “التكعيبي” بيكاسو في الكثير من أعماله “الجرنيكا” مثلا . لكني لست بصدد أن لا أقول إن “دالي” ليس فنانا لأنه برجوازي لديه أموال طائلة أو لأنه شوهد وهو يخرج من الكنيسة.
في كتاب السيرة الذاتية لـ”دالي” “أنا والسريالية” وهو من الكتب القليلة الرائعة التي قدمتها مجلة “دبي الثقافية” وبالطبع الكتاب لم يؤلفه “دالي” نفسه ولكنه نقله عنه أحد مؤلفي “السير” لم أعد أتذكر اسمه قال دالي كلمة لازلت أتذكرها إلى اليوم وهو يحاول الدفاع بها عن اشتراكيته أمام الدادائيين: أنا مع “البروليتاريا” لكني لا أعرف أحدا بهذا الاسم.

قد يعجبك ايضا