يُعد الغش من أخطر الآفات الاجتماعية التي يمكن أن تتفشَّى في أي مُجتمع من المجتمعات، والغش شرعا هو مزج الشيء الرديء مع الجيد منه، واصطلاحا من الظواهر المنحرفة التي تظهر في المجتمع فتترك أثراً سلبياً في سير الحياة الاجتماعية، ويعد أيضاً من دلالات الابتعاد عن المعايير والقيم الشرعية والأخلاقية، والغش لغة هو مزج الأشياء بأشياء أخرى أقل منها ثمناً وجودة، كمزج الماء بالحليب على سبيل المثال، وما انتشر الغش في مجتمع من المجتمعات إلا انتشرت فيه البغضاء والكراهية بين الناس وضعفت الثقة بين أفراد المجتمع، وانتشر الفساد وضاعت مصالح العباد، وظاهرة الغش تنتشر انتشاراً كبيراً بين الأشخاص الذين لا يمتلكون ضميراً حياً، وبين الشخصيات التي لا تتصف بالإنصاف والعدل، والغش له صور وأنواع منها على سبيل الذكر غش الموظفين في وظائفهم فأخذ رشوة من المُراجعين مُقابل تسيير مُعاملاتهم يعتبر غش، عدم إتقان العمل غش، إهمال العمل غش، غياب الموظَّف أو تقصيره في الحضور في الوقت المحدَّد غش، وكل هذه الأشكال من الغش الوظيفي والتي يستهين بها بعض الموظفين تجعل من رواتبَهم مشوبةً بالحرام، وهناك نوع ثان من الغش وهو غش التعليم كلجوء بعض الطلاب لاستخدام الغش كوسيلة للنجاح في الامتحانات سواء في التعليم الأساسي والثانوي أو الجامعي وما بني على باطل فهو باطل، وهناك الغش التجاري الذي يؤرق مضاجع السواد الأعظم من الناس بسبب جشع التجار وحُبُّ المال، ورغبة أولئك التجار في الثراء السريع ومحاولتهم جني المال بأيِّ وسيلة أو طريقة كانت .
فضعف الإيمان بالله سُبحانه وتعالى، وقلَّة الخوف من غضبه وسخطه، وأيضا الجهل بمدى حرمانية الغش، والابتعاد عن الطريق الصحيح وانعدام الإخلاص لله – سبحانه وتعالى- في الأمور كافة، وأيضا عدم وجود القوانين والعقوبات الصارمة ساعد على ظهور وتفشي ظاهرة الغش حتى بات الغش أمرا عاديا يمارس في كل مناحي الحياة، مع أن الغش يتنافى مع قيم ومبادئ ديننا الإسلامي الحنيف، ولعل الغش التجاري أكثر ما يؤرق كل الناس لطبيعة ملازمته حياة الناس اليومية، فصار الغش في الدواء والغذاء والملابس والبناء، وصار لزاما على الدولة التنبه لهذه المسألة الخطيرة وسن القوانين الصارمة لكل من يسلك هذا المسلك وتنزل به أقسى درجات العقوبة، فالنبي عليه وآله الصلاة والسلام قال: ” من غشنا ليس منا “.