مثلث الكوارث (3)!!

عبدالله الأحمدي

 

عندما أرادت أمريكا محاربة السوفييت في أفغانستان أوكلت المهمة إلى الإخوان المسلمين وجماعة الوهابية، حيث قدم اليهودي زبغنيو بريجنسكي في ٢٧ ديسمبر ١٩٧٩م خطة مفصلة إلى مجلس الأمن القومي الأمريكي بعنوان: “الجهاد في أفغانستان ضد الإلحاد”.
وفي ٣ يناير من العام ١٩٨٠م طار مستشار الأمن القومي الأمريكي بريجينسكي من واشنطن إلى القاهرة في رحلة سرية لإقناع الرئيس (المؤمن) أنور السادات بخطة الجهاد التي يحملها، ثم إلى الرياض في ٤ يناير لإقناع الملك السعودي خالد بن عبدالعزيز بتمويل الجهاد، وختم زيارته في إسلام آباد في ٥ يناير.
كانت المهمة في الرياض إقناع مملكة الوهابية بالتجييش والتمويل فرحبت بذلك، أما مهمة الرئيس (المؤمن) أنور السادات فكانت إقناع الإخوان والأزهر بالجهاد.. الإخوان في مصر والمفتي والأزهر ما قصروا، فقد قاموا بالمهمة؛ أرسلوا الشباب وجمعوا التبرعات، وأقاموا الندوات.
أما مهمة الرئيس الباكستاني ضياء الحق فكانت استقبال مجندي الإخوان والسماح لهم بإقامة المعسكرات على الحدود الباكستانية.
قيل إن بريجينسكس كان يحمل معه شنطة فيها ملايين الدولارات من الملك خالد سلمها للرئيس ضياء الحق.
في ٣٠/ ١٢/ ١٩٧٩م نشرت صحيفة الأهرام فتوى مفتي الجمهورية المصرية الشيخ الأزهري جاد الحق علي جاد الحق، وبأمر من الرئيس “المؤمن” أطلق فتوى بوجوب الجهاد في أفغانستان، ودعا المسلمين لذلك، فكافأه السادات بتعيينه شيخا للأزهر.
وفي السعودية أطلق شيوخ الوهابية (43) فتوى لحض الناس على الجهاد والتبرع بالمال.
أمطرت السعودية والخليج أفغانستان بمليارات الدولارات التي وقعت في جيوب قادة الحرب، واشتعلت المنطقة بالفتاوى والخطب، وهب الشيوخ، ومعهم الشباب المغرر بهم من كثير أقطار عربية، لا سيما مصر واليمن والسودان والسعودية.
(70) مليار دولار صرفتها السعودية ودول الخليج على تدمير الشعب الأفغاني، تقاطر الكثير من الإخوان وراء الدولار وخدمة أمريكا، صنعوا قصصاً من أجل تأجيج عاطفة الشباب، ذهب أسامة بن لادن بما ورثه من ملايين، ضيعها في جبال تورا بورا، وذهب الزنداني والفلسطيني عبدالله عزام، والظواهري، وأبو قتادة، وأبو عرادة والهلباوي، وغيرهم كثير من كبار الإخوان،
تركوا قضية العرب والمسلمين الأولى؛ فلسطين ومسرى الأنبياء؛ الأقصى تحت الاحتلال الصهيوني، وذهبوا لتحرير جبال تورا بورا.
تنافس عبدالله عزام وأسامة بن لادن على زعامة الأفغان العرب والمال القادم من السعودية والخليج، فكانت الغلبة لمال بن لادن، وقيل – يومها – إن الشيخ أسامة بن لادن كان وراء مقتل الشيخ عبدالله عزام، بوضع عبوة ناسفة في باب منزله.
كانت المخابرات الأمريكية هي التي تخطط لهذه الحرب، تعاونها المخابرات الباكستانية، الحرب كانت حرب أمريكا والغرب ضد السوفييت، والإخوان وكلاء يحاربون نيابة عن أمريكا والغرب الإمبريالي.
كانت معركة في إطار معارك الحرب الباردة، أمريكا والزعماء العرب نقلوا المعركة من معركة ضد الاحتلال الصهيوني في فلسطين والهيمنة الأمريكية في المنطقة إلى معركة في أفغانستان ضد السوفييت لخدمة أمريكا والغرب، وتخفيفاً عن الكيان الصهيوني، وحرف البوصلة.
بعض الزعماء العرب كانوا فرحين بالتخلص من الإخوان بزجهم في تلك المعركة، لكن النتائج كانت في غير صالحهم، بل كما خططت أمريكا.
في أفغانستان فرخ التطرف واريش.
إخوان اليمن كان دورهم ارتزاقياً؛ كانوا عبارة عن مقاولي أنفار، كانوا يأخذون عشرة آلاف دولار عن كل رأس يصدرونه إلى أفغانستان.
أنشأوا لذلك محطة في صنعاء لجلب المغرر بهم من الرجال والنساء، وفتوى جهاد النكاح ولدت هناك، سموا تلك المحطة “بيت الشباب”، ومن هناك كان يتم التصدير.
المخابرات الأمريكية والباكستانية أنشأتا فيما بعد حركة طالبان من بين صفوف وهابية الأفغان لضرب الأفغان العرب، وبعد انسحاب السوفيت بدأت دورة جديدة من القتال على السلطة بين من سموا بالمجاهدين وطالبان، وكانت الغلبة فيها لطالبان، كما أرادت أمريكا.

قد يعجبك ايضا