تعد اليمن بلدا مطيرا بامتياز، حيث يخلو من الأنهار والجليد والبحيرات، ومنذ فجر التاريخ الذي كان يبحث حينه الإنسان عن نهر وأراضي فيضية ليستقر ويمارس الزراعة ويبني حضارته.
في تلك الأثناء رسم الإنسان اليمني خطة فريدة بتشييد سد مأرب العظيم لحصاد المياه المتجهة نحو الصحراء؛ فبنى مملكة حضارية لم تشهد مثلها الدنيا.
ذلك درس حضاري ورثناه من الأجداد ولكن لم نعمل به حتى باتت صنعاء أول عاصمة تعلن العطش وقد سبقتها مدينة تعز التي قد أعلنت العطش فعلا.
ووفقا لهيدرولوجية الجمهورية اليمنية فإن نحو ٩٧% من المياه الجوفية للمنطقة الشرقية تختزن جوفيا في رملة السبعتين، وأن ٩٠% من المياه الجوفية تختزن في مداخل الأودية الجارية بمنطقة تهامة بالمنطقة الغربية، وقل مثل ذلك في المنطقة الجنوبية.
إن نصيب الفرد اليمني من المياه يعد الأدنى عالميا والذي يقدر بنحو ١١٥ متر٣ سنويا، وهو ما يعادل نحو ٢% من نصيب الفرد عالميا من المياه والذي يقدر بنحو ٥٧٥٠ متر٣.
وشهدت اليمن خلال خمس سنوات مضت، وربما ست سنوات قادمة وفرة في مياه الأمطار التي تذهب تقصيرا نحو الصحراء في الشمال والشرق وتعود نحو البحر الأحمر في الغرب ونحو خليج عدن في الجنوب.
ملخص تقصير حضاري يهدد حضارتنا بالعطش وعدم الاستقرار، ويفاقم ظاهرة الهجرة من الريف إلى المدن.
إن مياه السيول المتدفقة من العاصمة صنعاء، يمكن حجزها في بركة الكلية الحربية وتحويلها إلى بحيرة صناعية ضخمة وإنشاء أحواض ترسيب لإزالة العكارة ومحطة معالجة، وتزويد سكان العاصمة بمياه الشرب النظيفة.
كما يمكن إنشاء سد آخر مجاور لجبل الصمع وما فاض منها يمكنه مواصلة السير في وادي الخارد نحو محافظة الجوف.
كما يمكن إنشاء سدود ضخمة عند مداخل أودية وديان حرض ومور وسردود وسهام ورماع التي تذهب مياهها عائدة إلى البحر.
نقف اليوم أمام مسؤولية دينية في حجر نعم الله والاستفادة منها مباشرة، بدلاً عن العناء والعشوائية في التعامل مع المياه الجوفية حتى وصل سعر وحدة المياه/١٠٠٠ لتر، إلى ٣٠٠٠ ريال في مدينة حجة وما يتراوح بين ١٠٠٠ – ١٧٠٠ ريال في العاصمة صنعاء.
كما نقف على أعتاب مسؤولية حضارية بالاستفادة من الدرس الحضاري التاريخي لأجدادنا في ديمومة واستمرار حضارتنا ونهضتنا من خلال إنشاء البرك والكرفانات والحواجز والسدود في جميع الأودية الجارية بصورة دائمة وموسمية.
ونناشد قيادتنا الثورية والسياسية لتبني هذا المقترح بما يضعنا على طريق التنمية المستدامة خصوصا وأن المياه تشكل قاعدة التنمية الزراعية التي بدورها تشكل قاعدة للولوج إلى عصر الصناعة.
* أستاذ العلوم البيئية المساعد ورئيس قسم البيئة والتنمية المستدامة بجامعة ٢١ سبتمبر للعلوم الطبية والتطبيقية