قبل أيام طالب مئة عضو من أعضاء الكونجرس الأمريكي بضرورة سحب القوات الأمريكية من سورية في مدة أقصاها 180 يوما، غير أن الغالبية في الكونجرس رفضت التصويت على هذا القرار والمبرر كان على لسان النواب الرافضين وهو أن الانسحاب من سورية فيه خطورة على (أمن إسرائيل)..؟!
ثمة تساؤلات تصب في ذات السياق، وهي: لماذا صممت الجماعات الإرهابية من (القاعدة، إلى داعش) مرورا ب (جبهة النصرة، والخوذ البيضاء) وصولا إلى (تنظيم الشباب المؤمن، وبوكو حرام) لتكون بردا وسلاما على (الكيان الصهيوني) ونارا حامية على العرب والمسلمين وبقية شعوب الأرض..؟!
من صمم الجماعات المسلحة في سورية لتكون ضد الدولة والنظام والشعب العربي السوري، وترتبط مع عدو الأمة وسورية بعلاقة (زواج مسيار)..؟!
إنها أمريكا وأجهزتها والغرب وأجهزته الذين صنعوا هذه المسميات الإرهابية وجعلوا منها أدوات وبنادق للإيجار، يوجهونها نحو خصومهم ويوظفون أنشطتها الإجرامية لتحقيق أهدافهم الجيوسياسية..
إن أمريكا لا تكافح الإرهاب، ولا تكافح داعش، لا في العراق، ولا في سورية، ولا في اليمن، ولا في الصومال، وكيف تكافح مسميات هي من اخترعتها وزرعتها في أكثر من نطاق كذريعة لتبرير وجودها العسكري في هذه النطاقات الجغرافية، كي تحكم سيطرتها على منابع الثروة والمواد الخام التي تحتاجها مصانعها وآلة تقدمها، ومن يتذكر قنبلة أمريكا النووية التي قتلت بها الشعب الياباني يعلم أن (اليورانيوم) الذي صنعت به تلك القنبلة نهبته من فقراء أفريقيا..؟!
إذاً نحن أمام حملة أمريكية ليست غايتها مكافحة الإرهاب الذي لا وجود له وأن وجد هو بفضلها، وبالتالي لا يحتاج لوجودها العسكري، بل يكفي انها تتوقف عن زراعة وتفريخ هذه المسميات الإجرامية، وسوف تنتهي الظاهرة بجهود الدول المعنية، هذا أن كانت أمريكا حريصة على أمن واستقرار شعوب العالم، لكن ليست هذه هي أهداف أمريكا التي تتخذ من مكافحة الإرهاب شماعة أو ذريعة في سياق حربها المصيرية وهي السيطرة على موارد وثروات الشعوب في أسيا وأفريقيا، حيث المواد الخام المفجر الأساسي للصراعات الجيوسياسية والاقتصادية..
ففي مناطق التواجد العسكري الأمريكي في شرق سورية هناك مخزون هائل من مادة (السيليكون) الذي يكفي العالم لمدة (قرنين قادمين من الزمن) وهذه المادة نضبت في أمريكا وشحت في الهند بفعل الاستهلاك الأمريكي وهي متواجدة في مناطق شرق سوريا، ولهذا ذهبت أمريكا بجنودها إلى تلك المناطق.. فيما تحتوي شواطئ اليمن ودول القرن الأفريقي المشاطئة للبحر الأحمر على مخزون هائل من النفط والغاز، ويقدر احتياطي اليمن من هذا المخزون ببضعة مليارات، ولهذا تفجرت الأزمة والحرب والعدوان في اليمن ووصلت القوات الأمريكية إلى شواطئ المحافظات الشرقية، كما هي متواجدة في دول القرن الأفريقي بجنودها وأجهزتها الاستخبارية وخبراء الاستطلاع الذين يعملون على تغذية النزاعات والفتن المذهبية والطائفية والقبلية والمناطقية في هذه البلدان وبما يؤدي إلى تمزيق نسيجها الاجتماعي والحيلولة دون تمكين هذه الدول من الاستقرار والتفرغ لتنمية شعوبها، ولأجل ذلك تخوض أمريكا اليوم معاركها في مواجهة النفوذ الصيني والروسي بخطوات استباقية استعدادا للحظة المساومة والتقاسم- إن اضطرها الأمر لذلك.
يتبع،،