في الذكرى الـ 8 للعدوان على اليمن

ندوة تستعرض أطماع أمريكا بالمنطقة

 

 

الثورة / سبأ
استعرض خبراء عسكريون وإعلاميون أمس الأطماع الأمريكية في المنطقة ومسببات وأهداف العدوان على اليمن مع اقتراب الذكرى السنوية الثامنة في ندوة فكرية، نظمها أمس اتحاد الإعلاميين اليمنيين.
وسلّطت الندوة التي شارك فيها متحدثون من اليمن ولبنان، عبر تقنية الفيديو المباشر، الضوء على الاستهداف الأمريكي لشعوب المنطقة والعدوان على اليمن وشواهده وأبعاده.
وقُدمت في الندوة ثلاث أوراق عمل الأولى لنائب رئيس دائرة التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع العميد عبدالله بن عامر، تناولت “الاحتلال الأمريكي لشرق اليمن – الأهداف والمخاطر ومعادلة التحرير”.
وركزت الورقة الثانية لرئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية ناصر قنديل على “الذرائع والعناوين التي روجتها الولايات المتحدة الأمريكية لتبرير حروبها .. مقدمة قراءة في التجربة اليمنية بهدف تصويب الخيارات العملية لمواجهة التواجد الأمريكي في المنقطة.
وعرّفت الورقة الثالثة من قبل الخبير العسكري اللبناني العميد أمين الحطيط، بحجم الجيوش والقواعد الأمريكية في المنطقة مقدّرة إياها بنحو 54 قاعدة .. مبينة خارطة انتشارها وحجم تلك القوات وطبيعة التحالفات المتعاونة معها في هذا النطاق الجغرافي.
وفنّدت الأوراق في مجملها مزاعم دول التحالف لتبرير عدوانها على اليمن، معتبرة ذلك ضمن مساعي الغرب وأمريكا للسيطرة على منابع الثروات، سيما النفطية في المنطقة العربية بسوريا والعراق ومخططات تنفيذ الأجندة الأمريكية في اليمن.
وتتبّعت الأوراق تصاعد التآمر على اليمن منذ العام 2014م، وكيف تم إعلان عدوان التحالف بدء عملياته عبر السفير السعودي في واشنطن بخروجه عن المألوف تاريخياً في هذا المساق الحربي والعسكري.
وأكد المشاركون في الندوة أن تحركات أمريكا في المنطقة لا تخرج عن أهداف حماية إسرائيل والسيطرة على منابع الثروات في اليمن والمنطقة العربية والحيلولة دون المقاومة في البلدان المغلوبة على أمرها بدعم ومشاركة من حكومات التآمر الخليجي.

أهداف الاحتلال الأمريكي من السيطرة على المنطقة
الاحتلال الأمريكي للمنطقة يهدف إلى الإمساك بمنابع وممرات الطاقة وحماية أمن إسرائيل، وتأمين أنظمة تابعة رخوة ضعيفة يمكن التحكم بها

ناصر قنديل
رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية

نحن نعيش في رحاب الذكرى الثانية عشرة لبدأ الحرب التي شنت على سوريا في ربيع 2011، وعشيت الذكرة الثامنة لبدأ العدوان على اليمن.
في هاتين المناسبتين لا بد من وقفة تأملية هادئة هل فعلاً أن الذي شهدته سوريا كان مجرد التقاء بين أسباب داخلية، وموقع إقليمية استثمرت على الأزمة السورية لعب الأتراك فيها دوراً محورياً، كما هو الحال بالنسبة إلى اليمن بعض الأطراف الداخلية التي استثمرت على محيط إقليمي بقيادة السعودية.
في الحقيقة يكون ساذجاً من يقبل بمثل هذا التحليل، لا الحرب على سوريا، ولا الحرب على اليمن كانتا ترجمة لقرار محلي إقليمي، بل إن المحلي والإقليمي كانا في خدمة قرار دولي، قرار أمريكي واضح منطلق من محاولة إعادة ترتيب جغرافيا المنطقة، وصناعة شرق أوسط جديد.
المفهوم الأمريكي الاستراتيجي للمنطقة يقوم على ثلاث ركائز، الركيزة الأولى هي الإمساك بمنابع أو ممرات الطاقة وخصوصاً النفط، الثانية هي حماية أمن إسرائيل، الثالثة هي تأمين أنظمة تابعة رخوة ضعيفة يمكن التحكم بها.
انطلاقاً من هذه العناصر الثلاثة اقتنع الأمريكيون، وتيقنوا من أن سوريا، والنهضة الثورية في اليمن، والمقاومة في لبنان، والمقاومة في فلسطين، ملامح تبلور المقاومة العراقية، ما تمثله إيران، مجموع هذه الركائز تسير باتجاه لا يمكن السيطرة عليه، سوف يبلغ في مرحلة متقدمة القدرة على تهديد المشروع الأمريكي فكانت الحروب الاستباقية.
سواءً عبر العقوبات التي تعرضت لها إيران، أو عبر الحصار الذي فرض على لبنان، أو الهمجية الوحشية التي قوبل بها الشعب الفلسطيني، ولكن كانت هناك حرب حاسمة فاصلة في سوريا، وتبعها عدوان غاشم على اليمن.
عندما نتطلع إلى مسار هاتين الحربين اللتين كتبتا مستقبل المنطقة وحاضرها، وكانت للمقاومة البطولية للشعب اليمني، وللصمود الأسطوري لشعب السوري الدور الحاسم في تغيير وجهة الأحداث بعكس ما رمت إليه الخطة الأمريكية.
طبعاً وقف الحلفاء إلى جانب الشعب اليمني بحدود ما هو متاح، وما هو مستطاع، ووقف الحلفاء إلى جانب سوريا وصمودها وثباتها بحدود ما هو متاح، وما هو مستطاع، لكن الذي تم حشده للحرب على اليمن وللحرب على سوريا هو أضعاف مضاعفة عن المقدرات التي تمكن الشعب السوري، والشعب اليمني، مع ما بلغهما من مساعدة ومؤازرة من تأمينه في مواجهة هذه الحرب.
في الحقيقة كان الصمود، وكان الثبات، وكان القتال سواءً في اليمن، أو في سوريا في وجه المشروع الأمريكي كان بالحلم الحي كما يقال، كانت الروح هي التي تقاتل، كانتا الإرادة والعزيمة هما اللتين تصنعان هذه الأسطورة، وهذه الإنجازات العظيمة.
إذا قرأنا مسار هذه السنوات سوف نكتشف أن الأمريكي وصل في مرحلة قبل سنتين إلى يقين بأن حربه في سوريا ميؤوس من إمكانية تحيق النصر فيها، وأن حربه في اليمن يعني 2019 بدأ الثبات بعد ضربة أرامكو والتيقن من أنه لا أمل يرتجى من إمكانية تحقيق انتصار في اليمن.
سقطت الحرب من جهة وظيفتها الإيجابية، من وجهة نظرهم طبعاً، هي دائماً وظيفتها سلبية بالنسبة لنا، لكن إمكانية تحقيق أهدافها انتهت لم تعد للحرب قضية، لكن كان القرار الأمريكي هو المضي قدماً في توريط وتشجيع المشاركين والمنخرطين في هذه الحرب للمضي بها لتقديم المزيد من أسباب زعزعة الاستقرار، والإرباك، والأشغال، والحصار، والإنهاك، والإضعاف.
أملاً أن يتمكن من أن يقود المفاوضات سواءً في اليمن، أو في سوريا بما يضمن له حداً أدنى من رؤيته لكيف يمكن أن تكون عليه سوريا، وكيف يمكن أن يكون اليمن، لهذا مضى الأمريكي في إبقاء قواته في سوريا، وشجع الجماعات الكردية المسلحة على بلورت ما يشبه الكانتون الانفصالي، الذي يملك الكثير عناصر القدرة على الحياة، من خلال نهب الثروات النفطية، نهب الثروات الزراعية.
والأمريكي كان يقوم مباشرةً بعملية النهب، ولا يزال حتى اللحظة، مانعاً إمكانية أي نهوض لسوريا اقتصادياً، لأن الطاقة هي المورد الرئيسي لحركة الاقتصاد، ولعجلة الاقتصاد، ولدورة الحياة، وحرمان السوريين من موارد الطاقة، سواءً بنهب ثرواتهم النفطية، أو من خلال الحصار الذي يمنع وصول أي موارد من المساعدات، أو من المشتريات النفطية إلى السواحل السورية، يشبه تماماً ما رمى إليه الحصار المفروض على اليمن.
عندما بدأ التموضع لدى الحلفاء الذين كانوا قاعدة أمريكا في خوض حربها، تركيا بالنسبة لسوريا، والسعودية بالنسبة لليمن، عندما بدأ الحلفاء يستشعرون بأن الأمريكي عاجز عن وعدهم بتحقيق نصر، ليس مستعداً لأن ينخرط مباشرةً في دفع أثمان المواجهة، يتكئ عليهم، ويحملهم التبعات في أن يكونوا هم حلف الخاسرين، لا يبدي أي استعداد للتشارك في تفاوض يمكن أن يؤدي إلى صيغة تسوية يمكن أن يقبلها السوريون واليمنيون.
بدأ هؤلاء الحلفاء كلاً على طريقته، السعودية على طريقتها، وتركيا على طريقتها يبحثان عن مخارج، طبعاً ليست هذه المخارج منصفة بالنسبة لليمن ولا بالنسبة لسوريا، لكنها خطوات أكثر اقتراباً من فكرة الاستبدال للاستثمار على الحرب بالتفكير الجدي بالذهاب إلى التسوية.
نحن نقف اليوم أمام تحولات كبرى عنوانها روسيا تمكنت من أن تجذب تركيا إلى مساحة متقدمة نحو فكرة التسوية، لكن هي ليست الفكرة التي يمكن أن ترضي سوريا.
كذلك تمكنت الصين أن تجذب السعودية نحو مساحة متقدمة نحو فكرة التسوية بما هو أبعد من حدود اليمن تسوية على مستوى الإقليم، سواءً من خلال اللقاء السعودي الإيراني، والتفاهم على استعادة العلاقات الدبلوماسية، أو من خلال ما هو ثابت، ومعلوم، ومصرح به بأن إيقاف الحرب في اليمن هو الامتحان الأساسي لنجاح الثلاثية الصينية، السعودية، الإيرانية.
دخل الأمريكيون هنا على الخط، دخلوا لتخريب ولقطع الطريق على أن تنعطف السعودية وتمضي قدماً، ولأن تنعطف تركيا وتمضي قدماً، ولذلك لا نزال في مرحلة ارتباك سعودي، وارتباك تركي انطلاقاً من الضغوط الأمريكية.
يريد الأمريكيون انتزع اعتراف بشرعنة بقائهم في سوريا، وامتلاك قواعد عسكرية في اليمن انطلاقاً من ذات المفهوم، ما هو مفهوم تقديم الدعم والمؤازرة والحماية لأمن إسرائيل، ومفهوم السيطرة على موارد وممرات النفط والطاقة في المنطقة.
ما بلغه اليمنيون، والسوريون بالعنفوان، والعزة، والكرامة، والاستثمار على التضحيات لا يسمح على الإطلاق بالتسامح مع مثل هذا التوجه العدواني الأمريكي.
لذلك كان الكلام الواضح لسماحة السيد عبد الملك الحوثي قائد المقاومة، وقائد أنصار الله في اليمن، وكان الكلام القاطع، والواضح، والثابت للرئيس بشار الأسد بالوجهة ذاتها، لن نقبل بقاء أي جندي أمريكي فوق أرضنا، سوف نقاتل هذا الاحتلال بكل أشكال المقاومة المتاحة.
على الأطراف الإقليمية ألا تشترك مع الأمريكي في حرب قادمة لأنه سوف يحملها هي التبعات، وسوف تنزف وتدفع أثماناً باهظة، ثم يحزم الأمريكي حقائبه، ويرحل كما في أفغانستان.
لذلك نحن أمام لحظة دقيقة وحساسة الموقف الثابت للشعوب، وللنخب إلى جانب القيادات، ووراءها لحماية ظهرها في هذه المواقف التاريخية، موقف السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، وموقف الرئيس بشار الأسد يجب أن يحظيا بكل الدعم، من كل شرائح اليمنيين والسوريين، ونخبهم، وقاداتهم، وأحزابهم، وعشائرهم، وقيادتهم السياسية والثقافية.
ليسمع الأمريكي من فمهم الآن أنه سوف ينزف دماً إذا ما قرر البقاء في الأرض اليمنية، وانتزع قواعد عسكرية يتحكم من خلالها بموارد الطاقة، وممراتها ويوفر من خلالها الأمن لإسرائيل، وكذلك بالنسبة لسوريا.
موقع اليمن، وموقع سوريا محسومان في قيادة طليعية في محور المقاومة، وليس مجرد أطراف، هم مؤسسون وأركان في هذا المحور، ومواقفهم سابقة بأن فلسطين هي البوصلة، وأن أمن إسرائيل لا يمكن أن يخدم لا من اليمن، ولا من سوريا.
وأن الأسلحة، والمكانات، والمقدرات التي يملكها اليمنيون، والتي تملكها سوريا ستكون حتماً جزءاً من أي مواجهات يخوضها محور المقاومة في موجهة إسرائيل في أي لحظة قادمة يستدعيها الصراع الذي يخوضه الشعب الفلسطيني من أجل حريته ونيل حقوقه.
لذلك نحن نؤكد على ضرورة أن تكون المواقف واضحة قاطعة بتبني ما قاله سماحة السيد عبد الملك الحوثي، وما قاله سيادة الرئيس بشار الأسد، أن مفتاح الاستقرار في اليمن، هو الوضوح القاطع برفض أي شكل من أشكال المساومة مع الأمريكي.
كما أن الاستقرار الثابت والناجز لحماية وحدة وسيادة سوريا يبدأ مباشرةً من التمسك بحقيقة لا رجعة عنها تطلب الرحيل الفوري للقوات الأمريكية، وتحرير ثروات النفط والغاز التي ينهبها الأمريكيون.
عندما يخرج الأمريكي من المعادلتين اليمنية والسورية سوف يكون سهل التقدم نحو الحلول السياسية، لأن الذين يستثمرون على الدور الأمريكي سوف يعلمون عندها أن موازين القوى لا تسمح لهم لا بالمضي بالحروب، ولا بتعطيل التسويات، وسوف تكون الطريق سالكة إلى تفاهمات تحفظ سيادة اليمن، تحفظ سيادة سوريا، تحفظ وحدة اليمن، تحفظ وحدة سوريا وتحفظ حسن الجوار مع الذين أوغلوا بدماء اليمنيين، والسوريين، لأن لا سوريا تريد ثأراً من تركيا، ولا اليمن يريد ثأراً من السعودية.

• ورقة عمل للندوة الإعلامية التي نظمها اتحاد الإعلاميين اليمنيين السبت /18 مارس 2023-م

الوجود الأمريكي في المنطقة..
خارطة الانتشار وعدد القواعد العسكرية وحجم القوة وذرائع التواجد والاحتلال

العميد اللبناني أمين حطيط – خبير استراتيجي وخبير عسكري
أيها الإخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بدايةً أشكر للمعنيين بتنظيم هذه الندوة الإعلامية جهدهم، ويسعدني أن أشارك فيها بهذه الإطالة التي أعرض فيها في دقائق معدودة بالوجود الأمريكي في اليمن والمنطقة، ومخاطر هذا الوجود، وكيفية مواجهته، وطبيعته خاصةً أنه وجود ذو طبيعة عدوانية احتلالية.
أبدأ بالقول إنه وللأسف تكاد لا تخلوا دولة عربية من وجود أو انتشار عسكري أمريكي فيها قلة هي الدول العربية التي لا تشهد مثل ذلك مثل الجزائر وموريتانيا، أما معظم الدول الأخرى فينتشر فيها الأمريكيون بناءً لاتفاقات صريحة أو مضاربة مع الدولة أو بوضع اليد أو فرض الأمر الواقع عبر تطوير الوجود الشرعي إلى وجود غير شرعي، تتراوح أهداف هذا الوجود بين الرمزي الاستشاري والعملي القتالي مروراً باللوجستي والتدريبي وما إليه.
وقد بلغ مجموع القوات الأمريكية في المنطقة اليوم وفي قواعد معلنة، هذا غير الوجود السري ما يقارب 45 ألف عسكري منتشرين في 54 قاعدة أساسية، طبعاً هناك قواعد ثانوية قد يصل عددها إلى 80 قاعدة في المنطقة.
هذه القواعد متفاوتة الحجم بين الصغيرة التي تضيق على 150 عسكريا، والكبيرة التي يتجاوز من يصولها 5 ألف إلى 8 آلاف عسكري يضاف إليها الأساطيل البحرية الدائمة، أو القطع البحرية ذات الحركة الدورية في البحر المتوسط كما هو حال الأسطول السادس، أو الخليج كما هو حال الأسطول الخامس، وما بينهما البحر الأحمر الذي يعتبر شريان رئيسي للبحرية العسكرية الأمريكية.
أما الانتشار في تجزئته المعلن منه، وهذه الأرقام التي سأذكرها هي المعلنة لأن أمريكا تعلن شيئا وتخفي شيئا آخر.
في العراق يوجد 2,500 عسكري، في الكويت 15 ألفا، في الامرات 2,500، في قطر 12 ألفا، وفي عمان ألفي عسكري.
وفي الأردن 5 آلاف وفي الأردن ولبنان والعراق يطور الأمريكيون فيها السفارة لتصبح قلعة عسكرية تتجاوز في دورها ومهامها السفارات العادية ثلاث سفارات كبرى ستكون في المنطقة أو بدأت تكون في المنطقة لبنان معسكر السفارة يسموه، وفي العراق معسكر السفارة، وفي الأردن أيضاً معسكر السفارة.
في سوريا 900 عنصر معلن، وفي لبنان 200، إضافةً إلى هذا الانتشار طبعاً في اليمن لم أذكر الانتشار لأنه متحرك.
إضافةً إلى هذا الانتشار الدائم فإن أمريكا تلجأ في المهام الاستثنائية الكبرى إلى نشر قوات قتالية قد تصل في المنطقة الوحدة إلى 400 ألف عسكري أمريكي أو حليف، وهي في ذلك تقيم تحالفات عسكرية تكون نواتها أمريكية، وتنتظم فيها دول أخرى كما حصل يوم غزوها لأفغانستان حيث أنها شكلت حلف دولي شرعه مجلس الأمن.
بلغ الذين شاركوا في هذا الهجوم أكثر من 400 ألف عسكري، وكذلك في العراق حيث قامت بإنشاء حلف دولي خارج موافقة مجلس الأمن، وقامت بغزو العراق بقوى بلغت 350 ألف عسكري.
كما أنها في قدراتها العسكرية قادرة على إنشاء الجسور الجوية العسكرية التي تربط أراضيها في أمريكا أو أماكن انتشارها في أوروبا بقواعدها في الشرق الأوسط وغرب آسيا لإمداد القوات القتالية باحتياجات حربية تمكنها من القتال الدائم والمستدام يعني عندها قدرة لبناء الجسور الجوية التي تمكنها من نقل القوى أو نقل الاحتياطات اللوجستية أو التموين بما يمكنها من خدمة أهدافها القتالية لشهور طويلة في الحرب.
إن جميع القدرات العسكرية الأمريكية في البر هي على بنية الأسلحة التقليدية، ولم يسجل حتى الآن خرقاً أمريكياً لهذا المجال خاصةً وأن المعاهدات الدولية والقانون الدولي يمنع على أمريكا نشر أسلحة نووية خارج أراضيها، إلا أن هذا الأمر غير قائم في البحر أو في الجو بالنسبة إلى القطع البحرية الأمريكية التي تبحر عابرة أعالي البحار أو الطائرات التي تنطلق من الأرضي الأمريكية.
يعني بين يوم ويوم نسمع أن طائرة B15-2 بعدد كذا رحلة انتقلت وهذه حاملات قنابل نووية، وأيضاً الغواصات النووية التي تأتي وتذهب وطبعاً لا يوجد هناك رقابة على حركتها.
نظمت أمريكا انتشارها العسكري خارج أراضيها في مناطق عسكرية متعددة، هناك منطقة عسكرية لأوروبا، ومنطقة عسكرية للشرق الأقصى، ومنطقة عسكرية للشرق الأوسط، وجعلت منطقة الشرق الأوسط الذي يشمل غرب أسيا وبعض من أواسط أسيا، وشمال أفريقيا جعلته في منطقة عسكرية اسمها المنطقة العسكرية الوسطى، والتي تنتظم فيها دول المنطقة بقيادة أمريكية.
طبعاً المنطقة هي منطقة أمريكية، وليس لها تنظيم شرعي في الدول، وفي هذه المنطقة العربية ينتشر 45 ألف عسكري كما ذكرت، وهم في قواعد عسكرية متنوعة في هذه المنطقة، ويساندهم الأسطولين في هذه المنطقة.
في الآونة الأخيرة أدخلت أمريكا العدو الإسرائيلي ضمن نقاط عمليات المنطقة الوسطى كان العدو الإسرائيلي قبل اتفاقات التطبيع «إبراهام»، تابعا في نقاط العمليات العسكرية الأمريكية للمنطقة الأوروبية، لمنطقة أوروبا الأمريكية، وبعد اتفاقيات التطبيع «إبراهام»، نقلت إلى أن تصبح في نطاق المنطقة الوسطى .
هذا النقل حصل بهدف توفير فرص دمج إسرائيل في المنطقة، ولتعمل مع جيوش المنطقة خاصةً من خلال المهام التي تتولاها القوات الأمريكية في انتشارها في المنطقة، وسنجد ذلك واضحا ضمن المهام.
من المهام التي تمارسها أو تضطلع بها القوات العسكرية المنتشرة في منطقتنا في المنطقة الوسطى، على النحو التالي:
المهمة الأولى: وهي المركزية والاستراتيجية الكبرى، هي السيطرة والهيمنة على المنطقة لأن أمريكا تعتبرها منطقة نفوذ أمريكي مغلقة بوجه الغير، تسيطر أمريكا على المنطقة وتمنع دخول عامل أجنبي إليها آخر.
إن انتشار أمريكا في الشرق الأوسط هو لجعلها بحيرة أمريكية، ومنطقة نفوذ أمريكي مغلقة لأمريكا، وهذه المهمة تذكرنا بما أطلقته كونداليزا رايس في عام 2006 عندما اعتدت إسرائيل على لبنان وجاءت كونداليزا رايس لتروج للمسألة، وقالت بالفوضى الخلاقة نعمل لإنشاء شرق أوسط جديد، وما هو الشرق الأوسط الجديد الأمريكي هو شرق أوسطٍ تستعمره أمريكا هذه المهمة المركزية الأولى التي يتفرع عنها مهام أخرى ولكن أذكرها وفقاً لما يلي.
ثانياً وضع اليد على المنطقة ومعابرها، وتأمين إمداد وتأمين دوام إمدادات النفط وحرية الملاحة في المعابر المائية الأساسية هذه الحرية المضمونة للغرب، والتي ينبغي أن تكون حركة الشرق مرقبةً لها، ونعلم أن هذه المنطقة فيها المعابر المائية التجارية الكبرى فيها قناة السويس، وباب المندب، وبينهما البحر الأحمر وفيها مضيق هرمز، حيث يمر أكثر من نصف من احتياط النفط العالمي.
ثالثاً حماية إسرائيل: وهي مهمة أساسية لهذه القوى فيها تراقب حيث تنتشر وتتدخل لمنح العدو الإسرائيلي القوة الإضافية لحماية نفسه.
رابعاً تأمين مخزون لوجيستي عسكري واحتياطي لإمداد الجبهات عند اللزوم: يعني خذوا أخر شيء مثلا عندما احتاجت أوكرانيا لبعض الذخائر التي تبعد أمريكا في مخازنها في أمريكا عن توفيرها بسرعة، فأمرت أمريكا إسرائيل التي تخزن لديها الذخيرة بإمداد الجيش الأوكراني بهذه الذخائر على وجه السرعة وحددت لها أسبوع في حدٍ أقصى.
خامساً تدريب القوات المسلحة في الدول التي تنتشر فيها، وضبط مسارات عسكرية لتلك الدول حيث تتمركز، ولذلك تجري مناورات وفقاً لأهميتها ومستوها، وهنا تأتي أهمية نقل العدو الإسرائيلي من نطاق منطقة أوروبا إلى نطاق المنطقة الوسطى ليصبح العدو الإسرائيلي قادر بعد هذا النقل على المشاركة في المناورات التي تنظمها أمريكا لجيوش المنطقة.
ويجد العدو الإسرائيلي نفسه في خندق واحد في عمل عسكري تدريبي واحد مع دول المنطقة سواءً كانت هذه الدول تقيم علاقات مع إسرائيل وتعترف بها وفقاً لسياسة التطبيع، أو بدون سياسيات وبدون اتفاقات.
سادساً تشكيل النواة لأحلاف عسكرية دائمة أو مؤقتة من شأنها خدمة المصالح الاستراتيجية الأمريكية أو السياسية الأمريكية العلياء.
من ينظر في الانتشار العسكري الأمريكي والمهام الوكلة لتلك القوى والأعمال التي قامت بها أمريكا عبر قواتها يجد أن الوجود العسكري الأمريكي في منطقتنا هو احتلال مكتمل الموصف، وهيمنة وسيطرة تنتهك السيادة الوطنية، وتصادر الاستقلال، وتثير الفتن والنعرات التقسيمية.
وفي الأصل كما يعلم الجميع أن استراتيجية أمريكا قائمة على السيطرة إثر الفتن إثر الانقسامات إثر التناحر، أمريكا تخلق الصراع حتى تتدخل، وهذا ما أفصح عنه في العام 2006 القائد السابق أو المدير السابق لـ CIA رئيس المخابرات المركزية الأمريكية السابق حيث قال في محاضرة نشرت، أنه علينا (يقصد على أمريكا) أن نصنع لهم إسلاماً يناسبنا، نصنع أهل المنطقة في الشرق الأوسط فيقتتلون حوله وينقسمون ويتأكلون ثم يستغيثون بنا ونذهب إليهم لننجدهم وننصرهم بين قوسين (ونسيطر عليهم).
أليس هذا ما يصنعون، وعليه إذا كان العمل في الفضاء الخارجي أو في أعالي البحار متروك ومفتوح حر لأيٍ كان، فإن التمركز والانتشار على البر بحاجة لموافقة الدولة ذات الصلة، وأمريكا حتى تحصل هذه الموفقة تخلق للدول عدواً وهمياً من أجل أن تحملها للجوء إليها، وتوقيع اتفاقيات الإذعان معها، اتفاقات تتيح لها وضع اليد.
وهي تتطور وتنشر قواتها على أراضي هذه الدول، وتدعي أنها هنا من أجل التدريب ومن أجل تمتين العلاقات، لكنها سرعان ما تتخطى تلك المهمة المعلنة أو المحددة في الاتفاقات لتمارس أعمال حربية عدوانية كما حصل في العراق عندما وضعت اتفاقية الإطار في 2011، ثم رأينا كيف أن أمريكا أنشأت حلف دولي بذريعة قتال داعش وعادت وانتشرت في العراق بقوة عسكرية كبرى، ثم عادت ونظمت احتلالها بالادعاء، بأنها انسحبت قتالياً وأنها هناك من أجل التدريب وهذا غير صحيح.
هناك مقولة نحن نعتمدها في النظرة إلى الوجود الأمريكي أنه حيث تدخل أمريكا ينعدم الاستقرار، وتنتفي السيادة والاستقلال، وأين ما يتواجد جيش أمريكي ستعرف أنه لن يكون هناك استقرار، لأن أمريكا تبرر وجود هذا الجيش بعدم الاستقرار فتخلق عدم الاستقرار حتى يبقى جيشها من أجل ممارسة المهمة الأولى التي هي الهيمنة والسيطرة، وهذا ما تفعله في سوريا حالياً بالقول بمحاربة داعش، وهي التي اختلقت داعش، وهي التي صنعت داعش.
إن المعادلة الثابتة تقول إذن، حيث تدخل أمريكا يهرب الاستقرار، وتنتفي السيادة والاستقلال، ونحن نرى أن من أهم تطبيقات هذه المعادلة ما يجري في اليمن، وفي سوريا والعراق حالياً، حيث أن أمريكا بوجودها العسكري، وضبطها السياسي تمنع تلك الدول من العودة إلى حياتها الطبيعية.
ولذلك أقول إن ما ذكره وما أطلقه السيد عبد الملك الحوثي أطال الله بعمره بأن الوجود الأمريكي في اليمن هو عدوانٌ عليها سيتم التعامل معه على هذا الأساس هو قولٌ موضعي وواقعي ومشروع ويقع في مكانه الصحيح، وأن لليمن الحق بأن تنظم قواتها لمقاومة هذا العدوان الاحتلالي، كما أن لكل دولة تنتشر على أراضيها قوات أمريكية الحق بأن تمارس كل أنواع المقاومة لتطهير أراضيها من السيطرة والاحتلال الأمريكي.
أكتفي بهذا القدر وأتمنى أن أكون قد أوضحت الفكرة الرئيسية والحمد لله رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

•ورقة عمل للندوة الإعلامية التي نظمها اتحاد الإعلاميين اليمنيين السبت 18 مارس 2023م

تصوير/عادل حويس

قد يعجبك ايضا