الثورة/ محمد الروحاني
منذ ثورة الـ21 من سبتمبر أولت القيادة الثورية اهتماماً كبيراً لمعالجة الخلافات الاجتماعية وفي مقدّمتها قضايا الثأر، باعتبار ذلك من مبادئ الإسلام وأخلاقه وقيمه وتعاليمه، لتوحيد الكلمة، وتعزيز وحدة الصف التي أمرنا الله بها.
ومنذ ذلك التاريخ والى اليوم انطلقت مسيرة التسامح والتصالح وسار المجتمع اليمني وفق خارطة الطريق التي رسمتها توجيهات قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي – يحفظه الله – لتعزيز قيم المحبة والصلاح في أوساط المجتمع اليمني وأصبح إنهاء الخلافات وقضايا الثأر ولم شمل القبيلة اليمنية أولوية لدى المجتمع في رسالة لقوى العدوان وأدواته باستحالة استهداف القبيلة اليمنية، التي تواجه التحدّيات الراهنة بثبات وعزيمة لن تلين، انطلاقاً من دورها عبر التاريخ في مثل هكذا مواقف.
وخلال السنوات الماضية تكللت الجهود التي بٌذلت من لجان الوساطات من المشائخ والحكماء والوجهاء وفي مقدمتهم عضو المجلس السياسي الأعلى ورئيس المنظومة العدلية محمد علي الحوثي في إعلان العفو وإيجاد حلول حقيقة لألاف القضايا، وحل الكثير من قضايا الثأر في كثير من المناطق التي كانت تعاني من نزاع وقضايا دم واقتتال على مدى سنوات، الأمر الذي يعكس استشعار جميع اليمنيين عظم المسؤولية في الحفاظ على الهوية الإيمانية وتأصيلها على التلاحم، وتفويت الفرصة على قوى العدوان للنيل من النسيج المجتمعي بوعي وإصرار، لتعزيز الصمود في مواجهتها.
هناك الكثير من القضايا التي تم معالجاتها وإيجاد الحلول المرضية لها قد لا يتسع المقام لذكرها ولكننا سنذكر بعض هذه القضايا كنموذج نجاح للجهود التي قادتها الوساطات من حكماء ووجهاء اليمن خلال الفترة الماضية.
الصلح بين آل المريد وآل المشاخرة في ذمار
ومن بين القضايا التي أنهتها الوساطات قضية الثأر بين قبيلتي مُريد والمشاخرة بمنطقة الحدأ محافظة ذمار والتي استمرت لثلاث سنوات، وراح ضحيتها أكثر من 26 قتيلاً و117 جريحاً بينهم أطفال ونساء، والتي انتهت بصلح قبيلي أشرف عليه رئيس المنظومة العدلية محمد علي الحوثي وتوقيع اتفاقية إنهاء قضية الثأر بين القبيلتين، في يوليو 2020م، بما يحافظ على الأسلاف والأعراف القبلية.
الصلح بين أسرتي الشامي والدحني في بني حشيش
تعتبر قضية الثأر بين أسرتي الشامي والدحني في مديرية بني حشيش والتي راح ضحيتها 15 قتيلاً وجريحاً من أكثر قضايا الثأر دموية في اليمن والتي لم يقم النظام السابق بحلها منذ خمسة وثلاثين عاماً، ما فاقم حدة التوتر بين الأسرتين والذين عاشوا هذه القضية جيلاً بعد جيل، وتدمرت بيوتهم ومزارعهم واضطر أطفالهم لترك كراسي التعليم والانخراط في حرب الثأر بين الأسرتين إلى أن أتى الصلح الذي قاده رئيس لجنة الوساطة مراغة العرف القبلي الشيخ محمد الزلب وعدد من المشائخ تنفيذاً لدعوة قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي وإشراف عضو المجلس السياسي الأعلى رئيس المنظومة العدلية محمد علي الحوثي والذي توج بإعلان الشيخ محمد ناصر علي الشامي عن آل الشامي العفو عن آل الدحني لوجه الله وتشريفاً للحاضرين في يناير 2022م ، بعد التحكيم القبلي وفقاً للأسلاف والأعراف القبلية اليمنية واستجابة لدعوة القيادة الثورية في إصلاح ذات البين ومعالجة القضايا المجتمعية ، ليعود بعدها التسامح بين الأسرتين بعد اقتتال دام لخمسة وثلاثين سنة .
الصلح بين آل هيكل وآل سعد الله في ضروان
من بين القضايا التي أنهتها لجان الوساطات أيضاً قضية القتل بين أسرتي آل هيكل وآل سعد الله في ضروان بمديرية همدان بمحافظة صنعاء والتي استمرت لعشرين عاماً حتى أشرف عضو المجلس السياسي الأعلى على صلح بين القبيلتين في آبريل 2020م، أعلن فيه أولياء الدم من آل هيكل العفو عن الجاني من آل سعد الله لوجه الله وإغلاق ملف القضية.
الصلح بين آل القامص وآل الجهمي
من بين القضايا التي أنهتها جهود الوساطات أيضاً قضية القتل بين آل القامص وآل الجهمي من قبائل مديرية عتمة محافظة ذمار والتي انتهت بصلح قبلي رعاه رئيس المنظومة العدلية محمد علي الحوثي في يناير 2023م، أعلن فيه آل القامص العفو والتنازل عن قضية القتل لوجه الله وتشريفا للحاضرين.
الصلح بين قبائل آل علي وذو محمد
من بين القضايا التي أنهتها الوساطات أيضاً قضية قتل وقعت بين قبائل آل علي وذو محمد من محافظة الجوف انتهت بصلح قبلي تحت أشراف عضو المجلس السياسي الأعلى – رئيس المنظومة العدلية العليا، محمد علي الحوثي، في ديسمبر 2022م.
هذه القضايا ليست سوى عدد قليل من بين آلاف القضايا التي أنهتها لجان الوساطات استجابة لتوجيهات القيادة الثورية، لإنهاء الخلافات وحل قضايا الثأر العالقة منذ سنوات، التي ساهمت في لمِّ الشمل، وتعزيز دور القبيلة وتفعيل حضورها، والإسهام في دعم برامج التكافل الاجتماعي، وإسناد الجبهات، والانتصار للوطن.
ويعتبر النجاح الذي تحقق في حل قضايا الثأر، وفق ما أكده شيخ مشايخ ثُلا في محافظة عمران الشيخ محمد الزلب الذي قاد الكثير من لجان الصلح القبلي خلال الفترة الماضية، مكسباً وطنياً يُضاف إلى مكاسب الصمود الشعبي، وتآزر أبناء القبائل في طريق تعزيز مستوى الوعي المتنامي تجاه ما يٌحاك بالوطن من مؤامرات خارجية، تستهدف أمنه واستقراره ونسيجه الاجتماعي.
كما يعتبر ما تم إنجازه في معالجة القضايا المجتمعية رسالة لقوى العدوان باستمرار الصمود والثبات في مواجهة تداعيات العدوان والحصار، ومواجهة الأفكار المضللة، وتعزيز الارتباط بالهوية الإيمانية كمنهج وسلوك، لمُضي الشعب اليمني في النصر والعزة والتمكين.
كما أن معالجة القضايا البينية والخلافات الداخلية انتصار على قوى العدوان، الهادفة إلى تفكيك النسيج المجتمعي والنيل من الجبهة الداخلية، فإنهاء الخلافات، وحل قضايا الثأر بين أبناء القبائل، يعزّز من توحيد الصفوف في مواجهة العدوان، وإفشال مخططاته.