المبدع في اليمن ما زال شهادة تحترق

حسن الوريث

 

 

المبدع في اليمن عود على بدء ومرة أخرى وربما لن تكون الأخيرة بل بالتأكيد أنها لن تكون آخر مرة فالحديث عن الشباب والرياضيين المبدعين وإهمالهم سيتكرر ويتكرر حتى ندرك أهمية دور الشباب في بناء الأوطان ومستقبلها وما دفعني للحديث عن هذا الموضوع هو إلغاء جائزة الدولة للشباب التي كانت ربما تعد بصيص الأمل للمبدعين من الشباب اليمني.
وبالتأكيد أن تكرار الحديث عن هذا الموضوع من باب أداء الواجب الذي يفرضه عليّ واجبي المهني كرياضي سابق وإعلامي وأحد أبطال المسابقات الثقافية لأندية الجمهورية التي كانت تنظمها وزارة الشباب والرياضة وواجبي كإعلامي رياضي ينطلق من واجبات مهنته ومسؤوليتها الاجتماعية تجاه الرياضيين والشباب والأهم هو محاولة لفت نظر وزير الشباب والرياضة الذي نأمل أن يولي هذا الموضوع أهمية كبرى ويعمل على إنصاف الرياضيين والشباب المبدعين الذين يقعون بلا شك تحت مسؤوليته.
بالتأكيد أن من يتحجج بالظروف الحالية للركود والإهمال الذي يتعرض له المبدع اليمني هو العاجز ولاشك أن الظروف الراهنة هي الأنسب والأمثل لتشجيع الشباب على الإبداع والابتكار في كافة المجالات وتحفيزهم على التميز ولا يمكن أن تكون الظروف عائقاً بل على العكس تماماً فالفرصة المواتية لدعم الشباب ورعايتهم ويمكن أن يصنعوا المستحيل، فالعقل اليمني عرف عنه أنه أو لمن ساهم في وضع الحلول لمشاكل البشرية وهو أول من بنى ناطحات السحاب وأنشأ السدود والحواجز المائية وبنى المدن الحضرية، وبالتالي فالأمر يحتاج منا إلى أن نكون كمسؤولين عند مستوى مسؤوليتنا ونعمل على رعاية الشباب وهم بدورهم سيتكفلون بالباقي.
أعتقد أن إيقاف جائزة الدولة للشباب بهذا الشكل غير منطقي ولا يجب أن يستمر، لأننا لا نطمح في استمرار الجائزة فحسب ولكن الطموح يتجاوز ذلك إلى تطويرها لتشمل مجالات أكثر ومناطق أوسع وإتاحة الفرصة لأكبر عدد من الشباب للمشاركة فيها وفي مجالاتها المختلفة وهذا الأمر يحتاج إلى رفع موازنة الجائزة وليس إيقافها، والبحث عن موارد جديدة لها وليس الاعتماد على الصندوق فقط في تمويلها باعتبارها خطوة رائعة لتشجيع المبدعين والأخذ بيدهم واحتضانهم وتوفير مناخات الإبداع حتى لا يضيعون في زحمة الحياة وبالطبع فإن كل شاب يتمنى أن يسجل اسمه في سجلات الفائزين بهذه الجائزة لتكون دافعاً له في بداية حياته العملية ونقطة متميزة في سجل سيرته الذاتية التي يتطلع إلى أن تكون مليئة بالإنجازات، ومن الجيد أن تكون جائزة الدولة للشباب هي رقم واحد في هذا السجل.
فهل يمكن أن تعمل وزارة الشباب والرياضة على إعادة الحياة لهذه الجائزة وفتح مجالات للفائزين بها وأن لا يتم الاكتفاء بمنح الشباب الجائزة المادية وشهادة الفوز بل كيف نعمل على أن نظل على استمرار بالتواصل معهم عن طريق مراكز علمية وثقافية وأدبية تحتضنهم وتدعم أعمالهم الإبداعية كما في الكثير من البلدان التي تحتضن المبدعين عبر تلك المراكز وإشراكهم في مختلف الأنشطة والفعاليات لتبادل التجارب والخبرات والمعارف فمهمتنا ما بعد الفوز وليس ما قبله لأن الشاب يحتاج إلى دعمه لاحقاً وعندما نتحدث عن ذلك فهذه هي الحقيقة التي نلمسها ويؤكدها الواقع وإلا فأين ذهب كل أولئك الشباب الذين فازوا بالجائزة؟ وماذا يعملون؟ ومن احتضنهم؟ فالتكريم ليس لمجرد التكريم بل من أجل تنمية قيم الإبداع وتحويل العلم إلى ثقافة والثقافة إلى إبداع وحتى لا يتكرر ما حدث قبل سنوات من قبل الشاب أحمد القانص الذي قام بإحراق شهادته التي منحت له بمناسبة فوزه بالجائزة على اعتبار أنها كما قال مجرد ورقة دون أن يكون لها أي أثر من أي نوع كان وبالتالي فإنها بالفعل أصبحت عبئاً على من يفوز بها وحتى لا يظل الشباب المبدع في اليمن مجرد شهادة تحترق.

قد يعجبك ايضا