اليمن تستورد ما يقارب 46.627 طناً بقيمة 7 مليارات و400 مليون ريال من التمور يفترض أن تعود لصالح المزارع اليمني
المستهلك يضطر لشراء التمر المستورد كخيار متوفر.. قرابة 27 ألف طن من التمور المنتجة محلياً تتعرض للتلف جراء الإهمال وإغراق السوق بالمستورد
تجار تجزئة بيع التمور يشكون تغاضي الجهات المعنية عن التمر المستورد وعدم تشجيع المزارع المحلي على الإنتاج وعملية التسويق
الثورة / يحيى الربيعي
يتحسر تاجر التجزئة والمستهلك اليمني على عدم توفر التمور المنتج محليا، لأسباب ترجع إلى إغراق السوق بمختلف أنواع التمور المستوردة، إلى درجة أن الناس الذين اعتادوا على شراء التمور المنتجة محليا سواء في الحديدة أو في حضرموت أو أي منطقة يمنية، أصبحوا لا يجدون مبتغاهم منها متوفرا في الأسواق، وإن وصلت منها كميات بسيطة، فهي من الكميات ذات الجودة الرديئة نتيجة اضطرار المزارعين إلى انتقاء أجود منتجاتهم وبيعها إلى تجار تمور في الدول المجاورة، الأمر الذي يدفع بالكثيرين إلى شراء التمور المستوردة كخيار متوفر بجودة متفاوتة.
وتقول تقارير الاحصاء الزراعي إن أكثر من (10) ملايين نخلة مزروعة على حوالي 14764 هكتارا في اليمن تنتج نحو 27 ألف طن من التمور سنويا، وهي كميات إنتاج محلية عالية الجودة تتعرض للتلف بسبب الإهمال خلال العقود الماضية، التي تم فيها تشجيع إغراق السوق بمنتجات التمور المستوردة المغلفة في عبوات جاذبة لذوق المستهلك حيث تستورد اليمن ما يقارب 46.627 طناً بقيمة 7 مليارات 400 مليون ريال تقريبا ، وهي المبالغ التي من المفترض أن يتم عكسها على المزارع اليمني الذي لايزال في «خيش» من سعف النخيل.
خسائر مستمرة
ويشير تجار التجزئة في سوق الملح بأمانة العاصمة إلى أن تراجع الطلب على منتج التمور المحلي من قبل المستهلك اليمني يعود إلى تجاهل الجهات المعنية بالتغاضي عما يجلبه المستوردون من منتجات تمور دول الجوار، وعزوفهم عن الاستثمار في مشاريع القيمة المضافة للمنتج كتوفير وسائل جني حديثة ومخازن ووسائل حفظ وفرز وتغليف آلية، الأمر الذي تسبب في تراجع جودة المنتج وتكبد المزارعين خسائر كبيرة.
منوهين بأن ما زاد في الطين بلة تسبب العدوان في جفاف وموت قرابة مليون شجرة من أشجار النخيل المثمرة في عدد من مناطق ومديريات المربع الجنوبي لمنطقة تهامة/ وفقاً لتقديرات مكتب وزارة الزراعة في الحديدة.
الجدير ذكره أن الإحصائيات الرسمية المتطابقة بينت أن محافظة الحديدة فقدت حوالي 5 آلاف و636 طنا من التمور والبلح خلال فترة العدوان، بالإضافة إلى كمية الإنتاج المفقودة من محصول النخيل خلال الفترة 2014 – 2018م، والتي بلغت حوالي 5آلاف و838 طنا، بسبب سوء إدارة الجهات الرسمية لحركة الموازنة بين المنتج المحلي والمستورد، وترك الحبل على الغارب أمام المستوردين لإغراق السوق بالمنتج الخارجي.
ولا نغفل الإشارة إلى حكاية عجز الفلاح التهامي بمفرده اتخاذ التدابير الوقائية أو امتلاك القدرة والخبرة اللازمة لمكافحة انتشار سوسة النخيل الحمراء والجراد وحشرات أخرى في مزارع النخيل، ما أدى إلى وقوع أضرار فادحة في معظم المزارع التي أتلف بعضها كليا، ناهيك عن الجفاف الذي عانت منه مزارع الحديدة خلال الثلاثة أعوام الماضية بسبب أزمات الديزل وارتفاع سعره.
البحث عن حلول
ويرى عدنان الوزير- مسوق تمور ضرورة التركيز على العوامل المساعدة على تقديم إنتاج جيد للتمور اليمنية، وأول تلك العوامل إلحاحا مسارعة الجهات المعنية والقطاع الخاص ممثلا بالغرف التجارية إلى الاتفاق على إصدار قرار يمنع استيراد جميع أنواع التمور وبشكل نهائي، وإرشاد المزارع بكيفية استخدام الأساليب الحديثة للإنتاج وتدريبه على مهارات العناية بالمحاصيل في مرحلتي الحصاد، وما بعد الحصاد، وطرق وأساليب الإحلال السليم للأصناف القديمة بأصناف جديدة، ومساعدة المزارعين على توفير وسائل الري الحديثة والمناسبة لأشجار النخيل، ومن ثم اتجاه القطاع الخاص إلى الاستثمار في إنشاء مصانع ومعامل التخزين والتغليف.
مشيرا إلى أن وجود عوامل تحد أمام المنتج المحلي من التمور، منها سوء التخزين، وعزوف القطاع الخاص عن الاستثمار في مجالات ما بعد الحصاد كالتخزين والتغليف والتوزيع، بالإضافة إلى عملية التصدير العشوائي للتمور اليمنية الممتازة إلى دول الجوار و بأثمان بخس، وما يزيد الامتعاض أن أغلب ما يتم تصديره، يعاد استيراده إلى الأسواق اليمنية بهوية وجودة مزيفة.
من جهته، أشار عبدالرحمن هزاع منسق مديرية بيت الفقيه بمؤسسة بنيان التنموية إلى أن فرسان التنمية عملوا على توعية المزارعين بأهمية إنشاء المدارس الحقلية الإرشادية لإكثار وتحسين جودة المنتج، وقد تم تحديد ثلاثة أماكن لإنشائها، كما قامت مؤسسة بنيان بالتنسيق بين الجمعية وشركة تلال اليمن بإبرام عقود مع مزارعين لتسويق 500 طن تمور عبر الزراعة التعاقدية بسعر (300,000/طن)، وشراء نقدي لـ 25 طناً.
ولفت إلى أن فرسان البحوث قاموا بعملية مسح ميداني لمزارع التمور المتضررة من العدوان وتقديم دراسة الوضع الراهن لتحديد احتياجات المزارعين وكيفية التدخل لحلها، كما تم تجهيز دراسة جدوى لعدد 14 مزارعاً واستكمال ملفاتهم لتقديم قروض لشراء 14 منظومة طاقة شمسية، وتم التنسيق مع الجهات المقدمة للقروض مثل (صندوق الشباب) والجهات الضامنة مثل (اللجنة الزراعية – جمعية بيت الفقيه – السلطة المحلية بالمديرية – السلطة المحلية بالمحافظة – وحدة التمويلات بالمحافظة)، ويعمل فريق الإبداع والابتكار على تجهيز معامل تصنيع عسل التمر (الدبس – القطارة) من تصميم ابتكارات تخدم المزارعين بفاعلية وسرعة وجودة.
وأكد أن المؤسسة الاقتصادية اليمنية أعادت تأهيل مصنع لتعبئة التمور بالتحيتا بقدرة 8000 طن في السنة، وبدأ العمل فيه في نهاية الموسم الماضي، حيث تم استيعاب أكثر من 180 طنا من التمور.