الماس الكهربائي (قاتل) يترصد للمواطنين في المنازل والشوارع والمتاجر!!


تحقيق/ وائل شرحة –

مسؤولون: الإهمال والانطفاءات وضعف التيار ورداءة الأجهزة أبرز الأسباب

أراد أن يرفع سيخ الحديد فرفعت خطوط كهرباء الضغط العالي روحه إلى السماء في دقائق معدودة قد تكون أقل من الوقت الذي استغرقه لرفع ذلك السيخ الذي أودى بحياته.
تجمع زملاؤه العاملون جوار جثته المتفحمة.. منهم من غلبه البكاء.. ومنهم من سارع بتغطية جسده بقطعة قماش.. ومنهم من سقط على الأرض.
مجاهد صالح الزبيري لقي مصرعه الأسبوع قبل الماضي أثناء ممارسته عمله لصالح إحدى الشركات المقاولة للجسور والأنفاق بأمانة العاصمة.

عوضت الشركة المقاولة لأسرة الضحية بمبلغ مالي يصل إلى 4 ملايين ريال لكنها لم تستطع أن تعيد أحمد ذلك المساء إلى أسرته ورغم ذلك تعد هذه الشركة مثالية كونها عوضت أسرة أحد العاملين معها وهي حالة نادرة أن تبادر من ذات نفسها للتعويض دون مطالبات ومناشدات ومحاكم وشريعة.
الاثنين قبل الماضي لقي أربعة أشخاص مصرعهم بسبب حوادث الماس الكهربائي في عمليات منفصلة بثلاث محافظات.. الأول بأمانة العاصمة أثناء قيامه برفع خط الكهرباء من فوق قاطرة كانت تمر في المنطقة الغربية بأمانة العاصمة.
والحالة الأخرى وقعت في محافظة عدن حين لقي شخص حتفه بسبب ماس كهربائي وهو يعمل في أحد المطاعم في محافظة عدن, بينما الشخصان الآخران كانا من أبناء محافظة تعز وقد لقيا مصرعيهما في حادثتين منفصلتين.. وأرجعت الداخلية أسباب الحوادث التي وقعت خلال الأسبوع الماضي إلى الإهمال الشخصي للضحايا بالدرجة الأولى.
لتتبع ازدياد وارتفاع هذه الحوادث بشكل مزعج تؤكد التقارير الخاصة بهذه الحوادث أنه في التاسع عشر من يناير نشب حريق في أحد منازل مديرية القاهرة بمحافظة تعز نتج عنه وفاة أربعة أطفال من أسرة واحدة تتراوح أعمارهم ما بين 4 إلى 10 سنوات.. لم ينج من تلك الحادثة سوى الأب والأم بينما بقية الأسرة لقيت حتفها بسبب ذلك الحريق الذي نشب بسبب الماس الكهربائي الناتج عن الانطفاءات المتكررة والمستمرة للكهرباء بحسب قول الأهالي.
حوادث الماس الكهربائي تمثل للمجتمع كابوساٍ وأداة قتل لا ترحم.. تحول الجسم إلى قطعة فحم سوداء.. وتتسبب بخسائر هائلة بشرية ومادية.
التقرير الإحصائي الصادر عن وزارة الداخلية كشف عن أن حوادث الماس الكهربائي التي وقعت العام الفائت بلغت نحو (143) حادثاٍ بنسبة ارتفاع 49 % عن العام الذي سبقه 2012م أي بفارق 47 حادثة.
وقال التقرير إن تلك الحوادث تسببت بوفاة ما يقارب (102) شخص بينهم (9) إناث, وإصابة (38) شخصاٍ, منهم (4) إناث.. وقدر التقرير الخسائر المادية الناتجة عن الحوادث بـ(49,730,000) ريال.
وذكر التقرير أن أكثر الأوقات التي تحدث فيها حوادث الماس الكهربائي تكون في بداية اليوم (الصباح), يليه وقت الظهيرة, ليأتي الليل في المرتبة الثالثة.
وبحسب التقرير, احتلت أمانة العاصمة المرتبة الأولى في عدد حوادث التماس الكهربائي بعدد (31) حادثة, يليها محافظة الحديدة بعدد (24) حادثاٍ لتتوزع البقية بأعداد متفاوتة ومتقاربة على المحافظات البقية عدا محافظتي شبوة وريمة لم تسجل أي حادثة من هذا النوع خلال العام 2013م.
في السياق ذاته أكد وكيل مصلحة الدفاع المدني العميد عبدالكريم معياد على أن الماس الكهربائي يتسبب بوقوع الكثير من الحرائق سواء في المنازل أو المحلات التجارية والمصانع والشركات والورش ومحطات بيع المشتقات النفطية وغيرها من المحلات السكنية.
وأرجع العميد معياد أسباب وقوع حوادث الحريق إلى ضعف شبكة الكهرباء الداخلية وعدم تأكد المواطنين من مدى قوة ونوعية أدوات الكهرباء التي يتم تركيبها واستخدامها قبل شرائها وكذا إلى الانطفاء المستمر والمتكرر للتيار الكهربائي الذي يضعف أسلاك وخطوط الكهرباء مشيراٍ إلى أن المجتمع اليمني يقتني الأدوات الأقل تكلفة دون التفكير في عواقبها أو ما يمكن أن تتسبب به وينتج عنها.
وشدد معياد على ضرورة الالتزام بالقواعد والقوانين عند إصلاح الشبكة الكهربائية واستقدم مختصين ومهندسين متمكنين من العمل في الجانب الكهربائي حتى لا يتم العبث بالشبكة من قبل مدعي المهنة والقدرة.
العالم أجمع يعاني من حوادث الماس الكهربائي.. لكن نادراٍ ما تحدث مثل هكذا حوداث وذلك نظراٍ للاحتياطات التي قاموا بها من وسائل السلامة التي تجنبهم مثل هذه الكوارث, بداية من اقتناء أدوات ذات جودة ومواصفات ممتازة وعالمية وتتحمل قوة وضعف التيار والانطفاء والماس المتكرر.
خلال الأيام الماضية نشرنا في صحيفة (الثورة) على صفحات (قضايا وناس) لقاء مع مبتكر لجهاز يقي من الماس الكهربائي لا تتجاوز تكلفته (100) ريال وبحجم صغير يريحنا من كابوس الماس والشرت الكهربائي, ولا يستخدم هذا الجهاز في المنازل أو الشركات أو المحطات والمنشآت فحسب, وإنما يستخدم أيضاٍ لخطوط الضغط العالي.
يعمل الجهاز الذي ابتكره المهندس إياد الأكحلي على عدم صعق الأجسام حتى عند ملامستها لخطوط وأسلاك الكهرباء وحماية العاملين في الكهرباء, وكذا المواطنين بالإضافة إلى أن الجهاز يمنع حدوث أي شرار عند حدوث الماس والذي يتسبب بحدوث حرائق هائلة وكبيرة.
كما أن الجهاز يحافظ على الأجهزة الكهربائية والمولدات للتيار من الشحنات الارتدادية عند حدوث الماس أو فصل الكهرباء مما يعطي تلك الأجهزة عمراٍ أكثر ويجعلها تعمل بشكل أفضل.
كان ـ وما يزال ـ هذا الجهاز الوحيد بالعالم الذي سيخفف ويضع حداٍ لهذه الحوادث التي تخلف العديد من الخسائر البشرية والمادية.
المهندس إياد الأكحلي قال إن وزارة الكهرباء لم تلتفت إليه أو إلى ما يمكن أن يقدمه الجهاز الذي ابتكره.. مشيراٍ إلى أن تكلفة هذا الجهاز لا يتجاوز 100 ريال إذا تم استخدامه للمنازل بينما خطوط الضغط العالي فقد يصل تكلفته المادية إلى ألف ريال.
يناشد الأكحلي وزارة ومؤسسة الكهرباء بالنظر والالتفات إلى ما بين يديه والذي يضع حداٍ لحوادث الماس الكهربائي والأضرار التي تلحق بالمحطات المركزية لتوليد الكهرباء.
من جانبه أشار الدكتور عبدالسلام العبسي ـ مختص في الأجهزة والأنظمة الكهربائية بكلية المجتمع ـ إلى أن وزارة ومؤسسة الكهرباء لم تهتم بقضية الماس الكهربائي رغم الحوادث المتكررة والتي تخلف نتائج وخسائر بشرية ومادية هائلة.. لافتاٍ إلى أن الأنظمة والمولدات المستخدمة حالياٍ هزيلة وغير صالحة للاستخدام كونها متهالكة ولا تقاوم الانطفاءات المستمرة والضغط التي يقع عليها.
وشدد الدكتور العبسي على ضرورة أن تقوم وزارة ومؤسسة الكهرباء بحماية أنظمة وقواطع الكهرباء واستخدام الأنظمة الجديدة التي تساعد على حماية مولدات الكهرباء الرئيسية وكذا إيجاد أجهزة تساعد وتساهم في منع حدوث أي ماس كهربائي.
وأكد العبسي على ضرورة أن تراقب وتشرف مؤسسة الكهرباء وفروعها على شبكات الكهرباء في المنازل قبل أن تقوم بتوصيل التيار للدار وكذا على الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس في التأكد من جودة ومواصفات أدوات الكهرباء المستوردة قبل دخولها إلى الوطن, وتكون في متناول يد المواطنين البسطاء الذين أوكلوا مسألة الجودة إلى المختصين.. إلا أن هذا المبدأ غائب كون السوق التجارية ممتلئة الآن بأدوات غير صالحة للاستخدام ومخالفة للمواصفات والمقاييس العالمية والعلمية, بحد قول الدكتور العبسي.
حاولنا التواصل مع وزارة ومؤسسة الكهرباء لمعرفة الخطة أو الاستراتيجية التي ستعمل بها خلال الأيام القادمة للحد من حوادث الماس الكهرباء وأضراره لكن باءت كل محاولاتنا في التواصل معهم بالفشل ولم نجد من يحدثنا حول هذا الأمر.

قد يعجبك ايضا