يوم التجديد

لا شك أن اليمنيين أصبحوا متعطشين لتحقيق الأمن الذي أفقدهم اختلاله كثيراٍ من المنافع التي يتمنونها ,فقد كثر القتل وزادت حدة التقطعات التي يرافقها سلب ونهب , واتسعت رقعة الاختطافات وهرب المستثمرون بأموالهم المنقولة ففقدت الأيدي العاملة فرصها في العمل وصارت ضمن قوائم البطالة وتعثرت عجلة النماء الاقتصادي حتى صرنا نستجدي الآخرين توفير راتب شهر قادم لموظفي الحكومة !!!
كل تلك المآسي , السبب الرئيس لوجودها إنعدام الأمن الذي لا يمكن بلوغ رغد العيش إلا بتحققه , ولذا فإن المجتمع اليمني شبه مجمع على شخصية وزير الداخلية الجديد لما سمعوه منه من تصريحات ولما يقرأونه عن زياراته الميدانية المفاجئة إلى مراكز الشرطة وقراراته الحازمة بمعاقبة من يقصر في أداء واجبه وإعلانه إخضاع الوظيفة في جهاز الشرطة لتنافس الكفاءات , كل ذلك الاجماع رغبة منهم في تحقق الأمن والاستقرار في ربوع اليمن.
حالة التأييد الكبير للأخ الوزير من المواطنين ترافقها حالة مماثلة في أوساط ضباط وأفراد الشرطة أيضا أملا في أن يعتمد المعايير التي تجعل الوظيفة في يد الأحق بها والأكفأ لتحمل أعبائها , وهذا بالتأكيد إن تحقق فإن ناتجه دون شك جهاز شرطة قوي يؤدي واجباته باحترافية , وهكذا تستغل القوة البشرية الهائلة التي تملكها وزارة الداخلية والإمكانات والوسائل المادية المتاحة فيتحقق بذلك المراد بإذن الله .
أنا واحد ممن سعدوا جدا بذلك القرار ولهذا فإنني لم أفوت فرصة المشاركة في تقديم رؤيا لقيادة شرطة حراسة المنشآت وحماية الشخصيات ودخول المنافسة ضمن ( 49 ) ضابط شرطة العقيد أدنى رتبة بينهم .
يوما كاملا قضيته مع زملاء الحقل الشرطي بعضهم لم التق بهم منذ عشرين سنة , فكان اللقاء بحد ذاته مكسباٍ عظيم دارت خلاله نقاشات من عدد من القادة والأكاديميين ولو أن وزارة الداخلية تهيئ أماكن تضمن دوام مثل هذه اللقاءات ( كتأهيل أندية ضباط الشرطة ومنتدياتها ) لخرجت برؤى وحلول وآراء متقدة تعود بالنفع على العمل الشرطي بوجه عام وتزيده نموا وتطورا .
أنا لم أفز بالمنصب وكذلك ( 47 ) قياديا آخرين معي أغلبهم من ذوي الكفاءات وبعضهم أهل لقيادة وزارة الداخلية باقتدار وليس فقط إدارة حراسة المنشآت وحماية الشخصيات لكننا جميعا كنا نعلم أن المنصب لواحد منا فقط فلم يكن الهدف من التقدم هو الكرسي بذاته بقدر ما كان دعم قرار الأخ الوزير باعتماد التنافس على المناصب بحسب الخبرة والكفاءة , والحقيقة أننا كسبنا كثيرا باللقاء وتذاكر المواقف التي مرت عليها سنون وأعوام .
شخصيا ربما كانت المرة الأولى في حياتي التي أتيح لي فيها ذكر نجاحاتي التي كان بعض المسؤلين ينظر إليها على أنها صعبة التطبيق في اليمن وقد تصلح للتطبيق في دول أكثر تقدما !!
ولا أخفيكم أنني كنت ولا أزال أكره كل حديث عن اليمن واليمنيين ظاهره أننا لم نصل إلى المرحلة التي نستطيع فيها تطبيق الرؤى والأنظمة الحديثة وباطنه أننا شعب متخلف همه ( تخزينة القات القادمة ) ويرون أننا نحرز تقدما في حالتنا الراهنة فقط , فهم يرون عادة ( ربطة القات ) في زمان كانت فيه طبيعية النشأة وتناولها بين العصر والمغرب في مجالس يغلب عليها العلم والمساجلات الشعرية والنقاشات الفكرية والأدبية تخلفاٍ تطوروا فيه إلى ( مشمع علاقي القات ) المخلوط بسموم البودر الذي يطلقون عليه اسم الإسرائيلي وجلسات القات التي تبدأ بعد الظهر ولا تنتهي قبل منتصف الليل أو تقليعات الشباب الجديدة التي يتناولون فيها القات من بعد المغرب وحتى الفجر في جلسات كلها قيل وقال وغيبة ونميمة وأفلام هابطة وتصاحبها عادات أسوأ من القات ذاته فمن مشروبات الطاقة الفتاكة إلى المشروبات الغازية المخمرة بحبوب الأدوية التي تفتك بصحة متناولها وليس لهم منها سوى زيادة الكيف !! وكم من شاب مات أثناء تناولها وهو لا يأبه لحديث « قاتل نفسه في النار « !!!
عودة إلى موضوعنا عن فرصة اللقاء بالزملاء نتيجة اعتماد مبدأ التنافس على منصب شاغر , فإن بعض الحضور عرض شيئا من النجاحات التي حققها في مناصب سابقة أثناء أداء الواجب وأدهشني أن بعض الأطروحات مشاريع تطوير حقيقية يمكنها أن تنهض بالعمل الأمني والشرطي في بلادنا , وأنا على ثقة من أن معالي الوزير سيستمر في فتح المجال أمام أولئك النفر من القادة وأمام قدرات المبدعين من منتسبي الشرطة وهم كثر .
أبارك لزميلي العزيز العميد / أحمد الموسائي فوزه بمنصب قائد حراسة المنشآت وحماية الشخصيات وأتمنى له كل التوفيق والنجاح , وبالمناسبة أطرح أمام معالي الوزير أن يتم جمع المفيد من الرؤى المتعددة التي تقدم بها ( 48 ) قياديا في ذلك اليوم في رؤية واحدة عامة يرفد بها القائد الجديد للإدارة العامة لحراسة المنشآت وحماية الشخصيات لتكون له عونا في مسيرة قيادته .

قد يعجبك ايضا