الصماد بين الثقافة القرآنية وموقع المسؤولية “مصباح هداية ومشعل نور” رجل لن يتكرر
عبدالله محمد هبه
في الذكرى السنوية للشهيد الرئيس صالح علي الصماد – رضوان الله عليه وعلى جميع الشهداء الأبرار – لابد لنا من كلمة مختصرة بحق هذا الشخصية القرآنية المتفردة .
ولو بدأنا من معرفة بداية حياته وتعليمه وتنشئته لوجدنا أنه من أسرة كريمة تسكن منطقة بني معاذ بمديرية سحار في محافظة صعدة المعروفة بانتمائها للزيدية وحبها وولائها لأئمة وأعلام الهدى من أهل البيت عليهم السلام ومن خلال تنشئته وتربيته في بيئة ومجتمع يعتبر الحب والولاء والانتماء لمنهج أهل بيت النبي محمد صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين قربة إلى الله تعالى، سنعلم كيف تكونت شخصية الشهيد الصماد وارتباطه الوثيق والمطلق بكتاب الله والثقافة القرآنية، منذ بداية حياته وحتى التحق بدرب الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه والذي أكمل على يديه ما كان يحتاج إليه ليصبح أنموذجا قرآنيا فريدا في الجهاد في سبيل الله تعالى والشجاعة وبذل النفس والمال بكرم وسخاء منقطع النظير عداء عن مقارعتة للباطل ونصره للمستضعفين في أي مكان وزمان.
المقام هنا لا يتسع لإعطاء الشهيد الصماد حقه، كونه هدية ونعمة من نعم الله التي يمنحها للأمم وينصر بها أنبياؤه وأولياؤه في كل الأزمنة والعصور ولكن يجب أن نقول عنه كلمة حق تلخص أبرز صفاته وسجاياه والتي لو تأملناها بإنصاف لوجدنا الشهيد أنه هدية الله فعلاً.
هدية الله للشعب اليمني العظيم بل وللأمة الإسلامية ليكون خير عونا للسيد القائد في مواجهة تحالف الاستكبار الصهيوني وأرباب الكفر والنفاق وقمع فراعنة العصر الحديث في أصعب مرحلة تعيشها الأمة الإسلامية والبشرية بأكملها مستعينا بالله ومسترشدا بالقران الكريم ومتشربا للثقافة القرآنية التي جسدها في رؤى عملية وعكسها في كلامه مع من يلتقيه في محاضراته واجتماعاته ولقاءاته
الصماد باختصار شديد هو طالوت العصر وأشتر المسيرة القرآنية فهو الرجل الذي آتاه الله بسطة في الجسم والعلم، الموالي للإمام علي عليه السلام والماضي على نهجه ونهج أئمة أهل البيت عليهم السلام.
فالصماد من بداية المسيرة القرآنية وحتى استشهاده كان مؤيداً بالله سبحانه وتعالى، فهو لم يتولى أي مسؤولية إلا وكان نجاحه فيها باهرا وعظيماً يثير الدهشة لمن هم حوله وخاصة المجاهدين، حيث كان بالنسبة لهم مصباح هداية ومشعل نور يستلهمون منه كل معاني الإيمان والإخلاص والعزم والتضحية والبذل والفداء كان عنوانا للإخلاص والأخلاق الإيمانية العالية ومنهجا للبصيرة والسلوك الإداري السليم، وفي المقابل كان كابوساً يثير رعب وخوف الأعداء يقضي على مخططاتهم و يفشل مؤامراتهم ولذلك خططوا لقتله، لأنهم اعتبروه رجلاً شديد الخطورة عليهم سيحبط كل مشاريعهم الخبيثة تجاه أبناء الشعب اليمني ، ووضعوا مكافأة مالية ضخمة لمن يغتاله.
وكما اسلفنا، أن ذلك النجاح والتأييد الإلهي والتوفيق في مهامه كان نتيجة ارتباطه المطلق بالله ونتيجة التزامه القطعي بتوجيهات السيد القائد يحفظه الله وتعليماته.
الشهيد الصماد كان ملهماً للبطولة والثبات والصمود في جانب مواجهة تحالف العدوان، فيعتبر الشهيد أشجع من قارع تحالف العدوان وعلى رأسهم أمريكا وإسرائيل وكافة دول الاستكبار الصهيوني الغربي، أرباب الكفر والنفاق في العالم لتخليص الأمة الإسلامية والبشرية بأكملها من شرورهم فكل كلماته الموجهة للشعب اليمني في المناسبات أو خطب الجمعة أو توجيهاته للجانب العسكري وخطاباته أثناء زيارتهم في الجبهات أو كلياتهم العسكرية، تثبت أنه أشجع من عرفنا في زعماء العصر الحديث يقول فيفعل ويعد فيوفي، وما كان قوله لأبناء تهامة: لن نقول لكم إذهبوا وقاتلوا العدوان ونحن معكم، بل نحن والشعب اليمني من قبلكم ونقول للسفير الأمريكي أن أبناء الشعب اليمني سيستقبلونكم على خناجر البنادق إلا خير دليل على ذلك.
أما عن إدارته للدولة، فهو رجل المسؤولية الأول المضحي بالمال والنفس المسخر حياته كلها جهاد في سبيل الله القريب من الجميع والذي يحس بهموم جميع أبناء الشعب ورئيس للجميع يعامل الجميع بمنظور واحد وطريقة واحدة حتى أولئك الذي يختلفون معه في القناعات الدينية والرؤى والبرامج السياسية ومهما كان اختلافهم معه فهم بالنسبة له أبناء شعبه وهو مسئول عنهم واستوعب الجميع بكل تناقضاتهم، وبفضل تلك السجايا الفضلى تمكن من توحيد الجبهة الداخلية ورص الصفوف وقضى على بؤر النزاع والصراع فيما بين مختلف أطياف العمل السياسي والحزبي الوطني
وتحاشياً للإطالة يمكن القول، أن الشهيد الصماد يعتبر رجل المهمات الصعبة وعاشق الجبهات والمجاهدين والمحب والخادم لهم، صاحب الرؤية الثاقبة و السديدة لبناء مؤسسات الدولة والنهضة بمسئولياتها لتكون في خدمة الشعب، حيث رمم وعالج جسد وهيكل الدولة وأعاد لها نهضتها بجانبيها العسكري و المدني في فترة وجيزة، وبعد نجاحه ذلك أطلق مشروعه العملاق ((يد تحمي_ويد تبني)) والذي كان يهدف من خلاله أن يرتقي بوضع الدولة والشعب اليمني ليصبح من أقوى الشعوب والدول في العالم ولاعباً أساسياً في الإقليم ويحتل موقع الصدارة بين الدول العربية ذات السيادة الكاملة والمطلقة التي تفرض على الأعداء والخصوم بل والمنافسين أن يتعاملوا مع الشعب اليمني والدولة بندية تامة وكان كل همه في هذا المشروع العظيم أن يبيض وجهه ويرفع رأسه أمام الله والسيد القائد وأبناء الشعب اليمني العظيم، وكان يقول إن التقاعس في أداء المسؤولية ستسوّد الوجه وتكسر الظهر والعياذ بالله.
فهل وجدنا أحداً من القيادات والزعماء في هذا العصر بهذه الروحية الجهادية العالية.
ختاما.. الكلمات تقف عاجزة أمام شخصية الشهيد الرئيس الصماد ولا تستطيع أن توفيه حقه، وأعتقد أن شخصية بعظمة ومكانة وقدرة وكفاءة الشهيد الصماد لن تتكرر خلال الأربعين عاماً القادمة، ولن يكون هناك رئيس يمني مثل الصماد .. لأن الصماد – كما قلت في البداية – هو هدية الله للأمة وهدايا الله لا تتكرر بسهولة، لأن لها سنناً ثابتة لا تتبدل ولا تتحول.
أما بالنسبة لنا ولأي مسؤول في الدولة مهما كان مستوى مسؤوليته سواء في رأس الدولة أو في أدنى مستويات العمل الإداري فإن الشهيد الصماد قد أتعب وسيتعب كل من سيأتي بعده وكل من سيتولى المسؤولية ولكن نسأل الله تعالى أن يوفقنا لأن يكون الشهيد الصماد في ذهنيتنا وعقولنا وأفئدتنا بشكل دائم لنسترشد بسجاياه وأسلوبه الإداري في التعامل مع أعمالنا ومسؤولياتنا، كما نسأله تعالى أن يوفقنا للسير بثبات مع كل المخلصين من هذا البلد لإنجاح مشروعه العملاق ((يد_تحمي_ويد_تبني)) وأن يبيض وجوهنا أمام الله وأمام الشعب والسيد القائد كما بيّض وجه الشهيد الصماد بذلك النجاح الذي نحن على ثقة بأنه يمضي بثبات وستتحقق أهدافه قريباً بإذن الله تعالى.
ذهب الشهيد الصماد أبيض الوجه نظيف اليد نزيها لم يستفد من موقعه في المسؤولية كرئيس للجمهورية بأي مردود مالي أو مادي، بل هو الباذل للمال بسخاء مجسداً لما كان يوصي به المسؤولين بأن المسؤول يجب أن تفيض عيناه من الدمع، لأنه لم يجد ما يقدمه للشعب في هذه المرحلة، لا أن تفيض عيناه من الدمع حزناً لأنه لم يجد ما يأخذه، وهو الصادق في القول الفعل حيث استشهد وهو لا يملك حتى منزلاً لأولاده يؤويهم في حالة متفردة لم يذكر لها التاريخ مثيلاً وأعتقد أنها لن تتكرر مهما طال الزمن.
الرحمة للشهيد الرئيس الصماد وكل الشهداء الأبرار
الشفاء للجرحى والحرية للأسرى والكشف عن مصير المفقودين.