عاش الشعب الفلسطيني وهم السلام فترة طويلة من الزمن بعد أن عمل العالم على تسويق اتفاقية أوسلو على أنها الحل الوحيد للقضية الفلسطينية، خاصة بعد أن تم بموجبها السماح للقيادة الفلسطينية في الشتات بالعودة إلى غزة والضفة الغربية وتكوين سلطة محدودة الصلاحيات في تلك المناطق، ومع مرور الزمن أصبحت تلك السلطة تقوم بدور الحارس الأمني للكيان الصهيوني لمنع أي محاولة للقيام بعمليات جهادية في الأراضي المحتلة من خلال التنسيق الأمني، كما تقوم بتسهيل دخول الأمن الصهيوني لاعتقال المطلوبين من أبناء الشعب الفلسطيني وبعد ذلك تضمن خروجهم بسلام، وكان الثمن الذي دفعه الفلسطينيون مقابل قيام سلطة فلسطينية في جزء من أراضيهم هو التخلي عن مبدأ المقاومة واللجوء إلى مبدأ التفاوض لتحقيق السلام الذي لم يتحقق إلى اليوم، ونتيجة لذلك بدأ الأمل بالسلام يتلاشى وبدلاً من أن يتوجه الغضب الفلسطيني نحو العدو الصهيوني اتجه الغضب نحو الداخل من خلال افتعال صراع بين الفصائل الفلسطينية وصل إلى حد الانقسام الحاد بين الضفة وغزة، وهذا كله كان يصب في مصلحة الكيان الصهيوني الذي كان يعمل على استمرار الخلاف الفلسطيني الفلسطيني من خلف الستار .
وفي السنوات الأخيرة بدأ الشعب الفلسطيني يستعيد خيار المقاومة باعتبار أن هذا الخيار هو الطريق الصحيح الذي سوف يتمكن من خلاله من تحرير القدس وتحرير كافة الأراضي المحتلة، واستخدم في هذا الإطار كافة الوسائل المتاحة من الحجر إلى الصاروخ والمسيَّر، واستطاع هذا الشعب تجاوز حركات المقاومة الواقعة تحت الضغط الإقليمي والدولي، من خلال الانتظام في حركات جديدة غير مؤطرة أو مؤدلجة إلى جانب التحركات الفردية التي شكلت خطر كبير على الصهاينة لأنها غير مرصودة من قبل الأجهزة الأمنية الصهيونية، خاصة وأن هذه الأجهزة قد تمكنت من اختراق معظم الأحزاب وحركات المقاومة الفلسطينية وأصبحت مكشوفة ومقيدة الحركة، ونتيجة لخطورة العمليات الفردية فقد اُطلق على منفذيها (الذياب المنفردة)، وما يدل على ذلك نتائج العمليات التي تم تنفيذها مؤخرا في حي النبي يعقوب وحي سلوان في القدس المحتلة والتي تسببت بخسائر بشرية كبيرة للكيان الصهيوني .
إن المقاومة بكافة أشكالها ومواجهة المحتل بكافة الوسائل المتاحة هي الطريقة الناجحة لاستعادة الحقوق وتحرير الأرض مهما كانت قوة المحتل أو جبروته، كما تعتبر المقاومة جهاداً شرعياً أمر الله سبحانه وتعالى عباده في القرآن الكريم بالتمسك به في معركة استعادة الحقوق وتحرير الأرض وفي مواجهة المستكبرين وهم في هذا العصر أمريكا والكيان الصهيوني، وقد توصل الشعب الفلسطيني إلى أن خيار المقاومة هو الخيار الواقعي بعد فشل الخيارات الأخرى التي كانت تروج لها أمريكا وأذيالها، وقد وجد الشعب الفلسطيني إلى جانبه في هذا الخيار دول وحركات محور المقاومة مادياً ومعنوياً، وإن شاء الله سوف يتحقق النصر قريباً بتوفيق الله وبتعاون الجميع .
