في سابقة خطيرة في إطار العدوان والحصار الاقتصادي الأمريكي السعودي على اليمن وضمن برنامج التدمير الممنهج للعملة المحلية والاقتصاد الوطني الذي ينتهجه العدوان ومرتزقته، أقدمت سلطات الجمارك في حكومة فنادق الرياض على فرض زيادة جديدة في رفع الرسوم الجمركية 50 % على جميع السلع المستوردة حيث بدأت قبل عام في رفع قيمة سعر الدولار الواحد من 250 ريالاً إلى 500 ريال على كل السلع أي زيادة 100 % أي أن إجمالي ما تم رفعه من قبل عام إلى يوما هذا في سعر الدولار الجمركي يصل إلى 200 % وهذا القرار تم اتخاذه ضمن حزمة من القرارات تهدف في مجملها إلى تطبيق أجندات دول العدوان في فرض المزيد من المعاناة الإنسانية على الشعب اليمني، ويأتي هذا التزامن في إصدار هذه القرارات الفاشلة لغرض تحقيق انهيار في العملة المحلية، وتدمير ما تبقى من الاقتصاد الوطني وإضافة نوعية للإجراءات السابقة التي اتخذها بنك عدن، والتي أثبتت فشلها في إدارة وتنفيذ السياسات النقدية وأدت إلى انهيار العملة المحلية.
والغرض الرئيسي من صدور تلك القرارات الفاشلة هو محاولة لتوسيع الأضرار الاقتصادية لتصل آثارها الكارثية إلى المناطق المحررة التي تحت سلطة المجلس السياسي الأعلى لتحقيق ما فشلوا في تحقيقه في الجانب العسكري والأمني والسياسي، ولفرض أعباء إضافية على معيشة المواطن اليمني وزيادة معدلات التضخم في السلع والخدمات وانخفاض القيمة الشرائية للعملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية.
والحرب الاقتصادية على اليمن، ليست وليدة اللحظة، وإنما منذ عقود سابقة وبتعاون وتواطؤ مع الأنظمة السابقة التي ساعدت على تنفيذ تلك المخططات العدوانية التي تضر بالاقتصاد الوطني، وبقيمة العملة المحلية ضمن مخطط أمريكي صهيوني سعودي إماراتي، وهذا يثبت ما قاله السفير الأمريكي للوفد الوطني المفاوض من أنهم سيجعلون قيمة العملة الوطنية لا تساوي الحبر الذي طبعت به، والعدوان السعودي الأمريكي يهدف، من استمراره في الحرب الاقتصادية على اليمن عبر نقل وظائف البنك المركزي من صنعاء إلى عدن وطباعة المزيد من العملة المزورة، هو إصابة السوق اليمنية في جميع مناطق الجمهورية، بما فيها التي في المناطق المحررة بزيادة كبيرة في معدلات التضخم وحدوث مجاعة كبيرة للشعب اليمني والتي حسب مخططاتهم الفاشلة سوف تتسبب في إثارة سخط الشارع اليمني على حكومة الإنقاذ الوطني، ولهم في ذلك أهداف أخرى الغرض منها نهب ثروات اليمن السيادية من النفط والغاز والمضاربة بالعملة الوطنية والسيطرة على المواقع الاستراتيجية التي تتحكم في مرور التجارة العالمية عبرها.
وقد قوبلت تلك القرارات بإضراب من التجار المستوردين، وبالرفض من غرفة التجارة والصناعة في عدن، وقالت ان ذلك سيؤدي الى مجاعة وسيضر بحركة التجارة وحذرت من ان رفع سعر الدولار للرسوم الجمركية إلى 750 ريالاً -في ظل الظروف المعيشية الحالية وانهيار العملة الوطنية وضعف مداخيل المواطنين وزيادة الفقر بينهم -سيؤدي إلى اختلالات في سلاسل توافر المواد الغذائية وسيزعزع استقرار المجتمع امنيا مع توسع نطاق الجوع بين المواطنين.
ومن ناحية أخرى فإنه يترتب على قرار الزيادة الجديدة للتعرفة الجمركية نتائج سلبية في الجانب الاقتصادي حيث تؤدي زيادة التعرفة الجمركية إلى تحويل التجارة والنشاطات الاقتصادية إلى المنتجين غير الأكفاء كما أنها تشجع عملية التهريب من اجل التهرب من الزيادة في هذه التعرفات علاوة على أن المستهلكين يخسرون ويربح المنتجون، وسيؤدي أيضا الزيادة في قيمة التعرفة الجمركية إلى إعادة توزيع الدخل ما بين العوامل والفاعلين الاقتصاديين مما وسيؤدي إلى إنشاء تكتلات خاصة ذات مصالح مترابطة وفي حال ارتفاع التعرفة على مدخلات عملية الإنتاج فإن الخسائر ستضاف إلى تكاليف الإنتاج وارتفاع الأسعار سينتقل إلى سوق التجزئة وبالتالي سينعكس على أسعار المستهلك.
ويترتب على قرارات حكومة فنادق الرياض، برفع سعر الدولار للرسوم الجمركية، عدة تداعيات، منها أن الزيادة في حجم النقد المحلي سوف يستخدم لغرض المضاربة بالعملة وسحب النقد الأجنبي وتحويله إلى البنوك الخارجية في الرياض وبالتالي زيادة العرض من النقد المحلي والذي يؤثر على انخفاض القوة الشرائية للعملة المحلية وانهيارها، وأيضا من تلك التداعيات الآثار الكارثية لرفع سعر التكلفة الجمركية التي تؤدي إلى الزيادة في قيمة مدخلات الإنتاج للمنتجات الصناعية والزراعية وبالتالي زيادة سعر المنتج الذي يضر بعدم قدرة المواطن على شراء احتياجاته الضرورية للعيش ومن ناحية أخرى وبسبب الحصار الاقتصادي ومنع سفن الوقود والغذاء الدخول إلى ميناء الحديدة وبسبب القيود المفروضة على الصادرات والواردات وان أغلب المنافذ الجمركية والضريبية تحت سيطرة العدوان ومرتزقته فإن أغلب السلع والخدمات تأتي من المناطق المحتلة وبسبب هذه الزيادة في التعرفة الجمركية، حيث سيؤدي ذلك إلى الارتفاع الكبير في سعر السلع والخدمات وبالتالي وجود تضخم بنسبة كبيرة وانخفاض دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي نتيجة انخفاض القوة الشرائية للعملة الوطنية، ويؤدي الاستمرار في طباعة العملة المزورة إلى تآكل رأس المال للتجار والمستثمرين وعزوفهم عن الاستثمار وبالتالي ظهور الكساد الاقتصادي .
وسيترتب على رفع سعر الدولار للرسوم الجمركية أضرار وآثار مالية واقتصادية كارثية أخرى منها بصفة خاصة الانهيار والمعاناة في الجانب الإنساني والجانب الخدمي، وعجز المواطن عن شراء احتياجاته الأساسية والضرورية من الغذاء والدواء بسبب الغلاء الفاحش نتيجة ارتفاع التضخم بنسبة كبيرة، وبالنسبة لتداعيات ذلك في المناطق المحررة فإن تأثير ذلك على الوضع الاقتصادي في صنعاء سيتأثر بالتأكيد وإن كان بنسبة أقل من المناطق المحتلة، وإذا تم الالتزام بعدم تداول العملة المزورة وفق قرار البنك المركزي بصنعاء سيكون ضعيفاً جداً ولن يحدث تضخم على السلع والخدمات وان وجد التضخم بنسبة صغيرة فيرجع السبب إلى الحصار الاقتصادي والقيود على الصادرات والواردات وارتفاع أجور النقل بسبب ارتفاع سعر المشتقات النفطية نتيجة استمرار احتجاز السفن ومنعها من الدخول إلى ميناء الحديدة .
وندعو كل الجهات الرسمية المختصة بهذا الشأن لبذل أقصى الجهود لدراسة وتحليل آثار وتبعات رفع سعر الدولار الجمركي وضخ العملة المزورة وتوحيد الجهود والعمل بروح الفريق الواحد كل فيما يخصه في مواجهة تلك التداعيات بسبب صدور قرارات حكومة المرتزقة الفاشلة، وندعو الجبهة الاقتصادية لوضع المعالجات والخيارات التي تعمل على الحد من آثار تلك القرارات، وندعو أيضا تحريك الجبهة القانونية والقضائية لمقاضات وملاحقة كل المتورطين في تدمير الاقتصاد الوطني في الداخل والخارج ورفع الدعاوي القضائية عبر القضاء المحلي وعبر القضاء الدولي في المحاكم المختصة.
وكذلك الدعوة لجميع المحامين والناشطين والحقوقيين في الخارج للمشاركة في رفع الدعاوي القضائية وإقامة الفعاليات والندوات وورش العمل التي توضح للرأي العام الدولي مخاطر ما يقوم به العدوان ومرتزقته من قتل وحصار جماعي للشعب اليمني وما لذلك من تداعيات كارثية في الجانب الإنساني، وهو ما تدينه جميع التشريعات والقوانين الدولية وما نص علية القانون الدولي الإنساني وجميع الاتفاقيات الدولية الإنسانية واستخدام العدوان ومرتزقته للورقة الاقتصادية كورقة ضغط لتحقيق أي انتصارات في محاولة منهم لتغطية فشلهم وهزيمتهم في الجانب العسكري.
كما ندعو الجبهة العسكرية للقيام بواجبها والرد بالمثل وقصف وتدمير الأهداف الاقتصادية الاستراتيجية لدول العدوان، وهذا الرد يأتي بالقياس لما يرتكبه العدوان ومرتزقته من تدمير شامل للاقتصاد الوطني والعملة المحلية ونهب ثروات الشعب اليمني، وبالأخير ندعو جميع أبناء الشعب اليمني للتوعية المجتمعية عن أهداف العدوان الاستعمارية والتدميرية لليمن والاقتصاد اليمني وسعيهم لإذلال وإهانة الشعب اليمني الصامد، وإفشال جميع مخططاتهم عن طريق المزيد من الصمود في عدم التعامل بالعملة المزورة والالتزام بتوجيهات حكومة الإنقاذ الوطني.
ويمكن تجاوز تلك التداعيات التي تترتب على تلك القرارات مع العلم بان العدوان الاقتصادي على اليمن ستكون آثاره السلبية مستمرة حتى بعد انتهاء العدوان والانتصار العسكري والسياسي وفي مواجهة ذلك يجب على حكومة الإنقاذ الوطني فرض رقابة فعالة على التجار والمستوردين ومنعهم من رفع أي زيادة في أسعار السلع في السوق والانتقال من الاقتصاد الاستهلاكي المعتمد على الخارج الى الاقتصاد الإنتاجي المحلي واتخاذ عدت إجراءات احترازية في المستقبل تتمثل في مضاعفة الجهود لمنع دخول العملة المزورة والحفاظ على الاقتصاد الوطني من هذه الكارثة من خلال تنفيذ معالجات ضرورية وفق خطة استراتيجية مزمنة تقطع الطريق على كل المؤامرات للنيل من اقتصادنا الوطني.
وتتمثل تلك الاستراتيجية في التحرك الجاد من الجهات التنفيذية المختصة بالشأن الاقتصادي في حكومة الإنقاذ للاهتمام بالإنتاج المحلي سواء الزراعي أو الصناعي والوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي وتفعيل الركائز الاقتصادية المتوفرة في بلادنا من خلال بناء تعاون مشترك بين الجانب الرسمي والقطاع الخاص والعمل على إعداد وإنشاء هيئة اقتصادية متخصصة مستقلة تتبع رئاسة الجمهورية، وتُعنى بهذا الجانب وتبدأ العمل للحفاظ على الاقتصاد الوطني ومواجهة جميع التحديات التي يراهن عليها الأعداء والقيام بتنفيذ هذا المشروع المستقبلي الذي سيضمن استقلال وعزة وكرامة الشعب اليمني، والذي سوف يكون له دور كبير في الحفاظ على قيمة العملة الوطنية ويؤدي إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والمستدامة ويعمل على انخفاض الطلب الكلي على النقد الأجنبي لغرض الاستيراد من الخارج وبإذن الله سوف نكون في مقدمة الدولة المتقدمة والصناعية.
وأيضا يجب على السلطة النقدية انتهاج سياسة توسعية وتطويرية لأدوات الدفع لتأسيس مصارف إسلامية جديدة على شكل شركات مساهمة عامة، لأنها تتناسب مع قيم المجتمع اليمني، وتفعيل قطاع الرقابة المصرفية في البنك المركزي وفق خطة استراتيجية تنفيذية ومصفوفة عمل مزمنة وتعزيز الترابط والتشابك بين الصناعات الصغيرة والمتوسطة من جهة وبين المنشآت الكبيرة من جهة أخرى عن طريق توسيع وتطوير التعاقدات الفرعية بينها، وإنشاء صناديق استثمارية مشتركة ودعوة أفراد المجتمع للاكتتاب فيها وتوفير وسائل دفع جديدة حتى يتم السيطرة على الكتلة النقدية المتداولة خارج الجهاز المصرفي، وأن توجه السياسة النقدية لمنح القروض والتمويل للقطاعات الاستثمارية بغرض دعم التنمية الاقتصادية والعديد من الإجراءات الأخرى التي لا يكفي هذا المقال لذكرها.
وكيل وزارة المالية