الثورة / الحسين اليزيدي
تتعرض البيئة البحرية اليمنية لعمليات تجريف تطال الأسماك والأحياء الشعاب المرجانية من قِبل سفن وشركات أجنبية وبحماية من بارجات وسفن دول تحالف العدوان وأمريكا وإسرائيل، فيما يتعرض الصيادين اليمنيين في البحر الأحمر للاستهداف المباشر من قِبل العدوان بالاختطاف والتعذيب والقتل وقصف ممتلكاتهم العامة والخاصة، حيث نفذت طائرات وبارجات العدوان 291 عملية استهداف مباشر لقطاع الصيد، أسفر عنها استشهاد 273 صيادًا، وإصابة 211 آخرين، وبلغت خسائر القطاع السمكي أكثر من 12 مليار دولار، بحسب رئيس الهيئة العامة لمصائد البحر الأحمر هاشم الدانعي.
ولتسليط الضوء على واقع الصيد والصيادين في المياه البحرية اليمنية، سنحت لنا الفرصة باللقاء بمجموعة من الصيادين وأعضاء في الهيئة الإدارية لجمعية ساحل تهامة، وكانت الحصيلة التالية:
في واحدة من أبشع المجازر التي وثقتها الجهات الرسمية وبعض المنظمات الدولية لحقوق الإنسان بحق الصيادين اليمنيين، فقد قضى 42 شهيدًا من الصيادين نحبهم، وجرح 12 آخرون إثر استهدافهم بسلسلة غارات جوية في جزيرة عقبان، قبالة سواحل مدينة الحديدة (غربي اليمن)، في 3 نوفمبر 2015م، أثناء ممارستهم الصيد.
يقول الصياد علي بغوي: كنت أحد الناجين من المجزرة، لكني فقدَت قدمي، وحُرِمت من ممارسة مهنة الاصطياد، التي تُمثل مصدر دخلي الوحيد، الإصابة قلبت حياتي رأسًا على عقب؛ إذ فقدتْ أسرتي معيلها الوحيد، وخسرتُ كل ما لديّ لسداد تكاليف العلاج، وما زلت حتى اللحظة عاجزًا عن توفير مبلغ 800 ألف ريال لإجراء عملية ضرورية.
صيد عشوائي
ويقول الصياد محمد نجيب من الساحل الغربي: تسبب تدمير العدوان لنقاط التجميع على طول ساحل البحر في انتشار ظاهرة الصيد العشوائي بأساليب خاطئة ناتجة عن قلة الوعي وعدم إدراك المخاطر التي تهدد الثروة السمكية على المدى البعيد، واحتكار السوق واستخدام أدوات صيد محرمة دوليًا.
وتتراكم المعاناة يوما بعد آخر، حيث تسببت قوى العدوان بتقليص السوق السمكية مما زاد من احتكار السوق بيد الإقطاعيين، في ظل الحصار المفروض على شعبنا براً وبحراً ما زاد من ارتفاع أسعار أدوات الصيد وانخفاض فاتورة البيع بسبب المنافذ المغلقة.. الاستحداثات التي زرعها العدوان في البحر من ألغام وجرافات أدت إلى تدمير وتجريف الشعب المرجانية، ناهيك عن تعرض الصيادين للاختطاف من قبل القوات السعودية والسلطات الإريترية.
أدوات إسرائيلية
أكرم عنين (صياد من جزيرة كمران) يقول من جهته: مشاركة الصيادين في تدمير البيئة البحرية عن طريق استخدام الشباك الإسرائيلية، التي يُسهّل العدوان دخولها إلى الأسواق اليمنية.
هذه الشباك ذات فتحات صغيرة تصطاد السمك والأحياء البحرية الصغيرة، التي لا يتعدى حجمها 3سم، وتزداد الكارثة سوءا عندما تتعرض للإتلاف لأنها لا تؤكل حيث تتم إعادتها للبحر ميته، مما يتسبب في خلق كارثة بيئية بحرية.. معاناة الصيادين نتيجة قصف وتدمير (شرك) أو نقاط التجميع على طول الساحل من قبل العدوان، وظهور هوامير السوق السمكية، عوامل تهدد مستقبل الأجيال بتناقص الأسماك.
ويضيف اكرم عنين: يواجه الصيادون في جزيرة كمران ارتفاع أسعار قوالب الثلج بنسبة 120 % مقارنة بأسعارها في السواحل.. ويزيد الطين بلة، إغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية في المحافظات الحرة، بالإضافة إلى ما تفرضه قوى العدوان من ضرائب باهظة على الكميات التي يتم تصديرها من عدن أو من الوديعة.
ضعف الوعي
أما الصياد عصام أحمد، فيشير إلى ضعف الوعي لدى الصيادين بما يخص طرق الصيد الصحيحة التي تحمي ممتلكاتهم وثروتهم البحرية بالقول: يتعمد بعض الصيادين في ظل عدم وجود الرقابة على أساليب الصياد المحرمة دولياً، حيث يقومون بما يسمى «المكابرة» وهي إشعال الإنارة في عرض البحر لجمع الأسماك خصوصاً الصغيرة، واستخدام شباك إسرائيلية تجرف السمك الصغير والكبير ويتم إتلاف الصغيرة من قِبل الصيادين فيما بعد.
ويضيف: إن البحر والثروة السمكية شهدت في العامين الأخيرين تجريفاً مهولاً، حتى أن البحر أصبح شبه خال من السمك مقارنة بما قبل أربعة أعوام، عندما كان البحر مليئاً بشتى أنواع الأسماك.. إن تجريف العدوان للثروة السمكية والاصطياد العشوائي بالطرق الخاطئة من قِبل الصيادين هما أبرز سببين أديا إلى انحسار الأسماك.
الثروة السمكية تحتاج إلى رعاية كأي ثروة في البر، وندعو الجهات المختصة إلى المسارعة بالرقابة على الصيادين وتوعيتهم بخطر ما يحدثونه من أضرار على هذه الثروة الوطنية.
وعن الشباك الإسرائيلية ومخاطرها يتحدث الصياد فهد تمري من أبناء مديرية ميدي قائلاً: إن هذه الشباك تسبب ضررين: الأول، أن ما يقارب من 200 رحلة بحرية يقوم بها الصيادون يوميًا يجمع في كل رحلة قرابة 3 أطنان من الأسماك بحجم 3سم، يستغنى عنها بالإتلاف.. أما الضرر الثاني فيتمثل في إعادة تلك الأطنان من الأسماك الميتة إلى البحر ما يسبب تدمير للأعشاش البحرية والشعب المرجانية، وبالتالي تتناقص الثروة السمكية وتزيد معاناة الصيادين.
أضف إلى ذلك غياب تدخل للدولة في جانب التسويق، ما أتاح الفرصة لهوامير السوق السمكية بالتحكم بسعر السمك بالشكل الذي يناسبهم، فهم يحتكرون السوق ولا يتيحون لأي تاجر جديد فرصة للتنافس في سوق الأسماك.
اختطاف الصيادين
ويتحدث الصياد صالح الجنيد بدوره فيقول: تعرض 20 صياداً من أبناء بحيص التابعة لمديرية ميدي للاختطاف والتعذيب من قبل قوات العدوان السعودي في بداية ديسمبر 2022م، وهذه الاختطافات مستمرة منذ بداية العدوان وحتى الآن.
أن الاختطافات المتواصلة من قِبل بارجات وزوارق العدوان هدفها حصر الصيادين لممارسة أنشطة الصيد في أميال محدودة وهذا الأمر تسبب في مضاعفة معاناة الصيادين حيث تكاد الأسماك تنعدم في منطقة الصيد المحصورة من قبل العدوان.
وينتهج العدوان أساليب أخرى لمضاعفة معاناة الصيادين، حيث يمنع دخول أدوات الصيد غير المحرمة دولياً مع تعمده إدخال أدوات محرمة كالشباك الإسرائيلية وبأسعار زهيدة لتحقيق مآرب عدائية ضد الثروة السمكية للبلاد.
ورشة ومؤتمر
هذا وكانت وزارة الثروة السمكية قد أقامت الأسبوع الفائت ورشة تطوير الشراكة بين الحكومة والمجتمع لخدمة الصيادين، احتضنتها أكاديمية بنيان للتدريب والتأهيل قدمت خلالها سبعة أوراق عمل، وتناولت الورقة الأولى الثروة السمكية والتدخلات التنموية مع الصيادين في العدوان والحصار، فيما قدمت الورقة الثانية خلفية عن بدايات العمل التعاوني التشاركي الحكومي- المجتمعي في ظل العدوان والحصار وتأسيس غرفة الصيادين ساحل شمال تهامة، أما الثالثة فقد استعرضت التدخلات التنموية للجنة الزراعية والسمكية العليا مع الصيادين ووزارة الثروة السمكية، بينما عرفت الورقة الرابعة بجمعية ساحل تهامة التعاونية السمكية (النشأة والتطلعات)، وتحدثت الورقة الخامسة عن تجربة الضبط البحري الحكومي المجتمعي (الفكرة وتقييم التجربة)، وأخيراّ تناولت الورقتان السادسة والسابعة أهمية مؤتمر الأمن البحري القادم.