المتابع لسياسات الإدارة الأمريكية والدول الغربية – التي تنخرط في العدوان على اليمن وتتاجر بمعاناة الشعب اليمني – يجزم بشكل قاطع أن رفع منسوب صراخهم وسعارهم الإعلامي تجاه أي خطوة تهدف إلى معالجة معاناة الشعب اليمني وصرف رواتب الموظفين ورفع الحصار باتت تمثل مشكلة بالنسبة لهؤلاء الذين لا يهمهم من الأمر إلا كيف يوفرون لأنفسهم مليارات الدولارات من مبيعات الأسلحة للسعودية ودويلة الإمارات، وكيف ينهبون الثروات النفطية والغازية من اليمن إلى أسواقهم التجارية.
ولهذا كان واضحاً في ردة الفعل الهستيرية التي برزت من متحدثي ومسؤولي وسفراء الإدارة الأمريكية والدول الغربية، منذ غادر الوفد العماني العاصمة صنعاء، ردة فعل تزامنت مع ارتفاع منسوب التضليل والدجل والحشو الكلامي في تصريحاتهم التي امتلأت بالأكاذيب والمغالطات والخلط واجترار عناوين جانبية وهامشية لتوظيفها في سياق مواجهة أي بوادر إيجابية تؤدي إلى رفع معاناة الشعب اليمني من صرف للمرتبات ورفع للحصار.
ومنذ غادر الوفد العماني العاصمة صنعاء، ارتفع منسوب التصريحات والتحركات الغربية والأمريكية لا بهدف الدفع بهذه المشاورات إلى النجاح بل على نقيض ذلك، حالة الهستيريا الدعائية والكلامية التي صدرت من مستويات متعددة في سلم الإدارة الأمريكية ومن سفراء الدول الغربية الذين تقاطروا للقاء المرتزق العليمي الذي حذر – من وصفهم بالرعاة – من خطورة أي خطوات ستؤدي إلى تخفيف المعاناة الإنسانية للشعب اليمني، يفضح الموقف الغربي والأمريكي على حقيقته.
ماذا لدى الإدارة الأمريكية والدول الغربية حيال اليمن، وماذا في جعبتها بعدما استخدمت منظومة العدوان بقيادة أمريكا والرباعية والسعودية والإمارات كل ألوان القتل والحصار والتجويع والقتل الفتاك، وماذا بعد ما استثمرت وجنت الأموال والأرباح والصفقات من وراء موت اليمنيين؟ وأي مخططات ستنفذها حين بدا الواقع مغايرا لما سعت إليه بعد ثمانية أعوام من الحرب والحصار والقتل والتجويع على اليمن واليمنيين ولم تحصد من ورائه إلا الخيبات؟!.
الإجابة عن هذه الأسئلة لا تحتاج إلى كثير عناء لتفسيرها وفك شيفرتها، بل تندرج في حقيقتين، تتمثل الأولى في ما قاله المندوب الروسي في مجلس الأمن يوم أمس الأول، ويكشف الحقيقة، الغرب لا يريد حلاً للمعاناة الإنسانية في اليمن إنما يريد أن يستمر تصدير المحروقات المنهوبة من اليمن إلى أسواقه التجارية، وبالإضافة إلى ذلك ما تريده أمريكا والدول الغربية أن تجني الأرباح والأموال من وراء صفقات السلاح للسعودية والإمارات، وتريد أن تتاجر بمعاناة الشعب اليمني وتريده أن ينتظر لما يأتيه من فتات تحت شعار المساعدات الإنسانية، ويبقى محروما من رواتبه وثرواته إلى الأبد، أمريكا وبريطانيا وفرنسا وبقية المنظومة تريد أن يبقى اليمنيون موتى وجوعى، لتربح هذه الدول من وراء موتهم المليارات من الدولارات.
والحقيقة الثانية التي تعكس هستيريا وسعار هذه المنظومة الوقحة، أنها مفلسة أخلاقياً وقيمياً وإنسانياً وسياسياً وليس لديها إلا سياسة نهب ثروات الشعوب وتجويعها وقتلها، ناهيك عن أنها امتهنت الحروب والتجارة والاستثمار فيها، ولا تستطيع إلا أن تبقي فتائلها مشتعلة في المنطقة.
إنها منظومة مفلسة تريد أن يستمر الجوع والموت والقتل والحرب على الشعب اليمني لتربح المليارات من وراء ذلك، هذه حقائق شواهدها تملأ الآفاق في اليمن وفي العالم برمته، ترفض أمريكا والدول الغربية صرف رواتب اليمنيين وتعتبرها شروطاً غير مقبولة، وتمعن في محاصرة الشعب اليمني وتجويعه، وبعد كل هذا تزعم هذه المنظومة البائرة أنها تريد السلام وتريد الحل وتريد وقف المعاناة.