وجوه من نور

بشائر وجيه الدين

 

 

نعم انهم الشهداء الذين عرفوا طريق الحق وبادروا إليه بكل شوق ولهفة، لم يتأخروا ولم يكن هناك عائق على هذا الدرب العظيم الذي منحهم تجارةً عظيمة، تجارةً لم تبور وهذا هو الفوز العظيم، تجارةً مع الله ليكون المكسب هو الجنة، فنِعم التجارة هي نِعم المغنم نِعم المكسب.
إن انطلاق الشهداء إلى الجهاد يعنى الفوز، الفوز بماذا؟ هل لشهرة يحصلون عليها أمام الناس، أم للمناصب، أم لوظائف يكملون بها حياتهم؟
إن انطلاقهم لهدف أعظم من هذا وأكبر، هو الجنة التي لا تُقدر بأي ثمن مهما بهضت الأثمان.
عندما انطلق الشهداء انطلقوا وهم واثقين بوعد الله لم ينطلقوا وهم لا يعلمو ما مصيرهم، بل كان لديهم ضمانة إلهية، ووعداً إلهياً لا يخلفهُ “ومَن أصْدَق مِن الله حَدِيثَا” لوكان هذا الوعد لذي حصلوا عليه من ملك أو رئيس أو مسؤول كان من الممكن أن يتراجع عما وعدهم به، لكن وعد الله حق، إن الله لا يخلف وعده وهذهِ هي التجارة التي لا تبورن ولن تبور قال تعالى:﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾، نعم إنهُ الفوز العظيم، وليس هناك فوز بعد هذا الفوز، ولا فرحة بعد هذهِ الفرحة الذي حصل عليها الشهداء بضيافة رب العالمين.
لقد أخذوا من كتاب الله ما تركهُ الآخرون وطبقوا من آياته ما تجاهلها الجاهلون، وابتعد عنها المرجفون وشطبها الغافلون، لم يكن انطلاقهم أشراً أو بطراً، أو لمنصب يحصلون عليه أو لمالٍ يكتسبونه، إنما انطلقوا من واقع المسؤولية، من ضمائرهم الحية، وعقولهم الواعية، وأبصارهم التي نظرت إلى الفساد ينتشر بين أواساط الناس والناس سُكارا وما هم بسُكارا، أصابهم الذعر والخوف والذل والجبن وكل هذا بسبب قلة الوعي المنتشر بين أوساط المجتمع، لكن الشهداء -سلام الله عليهم- حطموا جدار الصمت وتجاوزوا كل الصعاب والمشقات، وأعلنوها حرباً شعواء عانوا من حالة الطقس جميعها.. شمسها وبردها وريحها التي تنسف الغبار وهم على قمم الجبال والسهول والوديان، جعلوا متارسهم مساجد وهم قابضون على زناد البنادق، ليفوزوا بإحدى الحسنيين إما النصر أو الشهادة، فنالوا الشهادة، فهم أحق بها وأهلٌ لها، فرحون ومستبشرون بهذا المكسب العظيم، قال تعالى: ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾.

قد يعجبك ايضا