العزة لله

د/ هشام محمد الجنيد

 

 

قال الله تعالى (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)»النساء، 139». ورسول الله صلوات الله عليه وآله يريد لنا العزة كما كان عزيزا. ومن معان العزة: القوة، النصرة، الغلبة، السلطة الدينية، القهر، المنعة، الحصن والكرامة.
ومن العناصر الأساسية للآية الكريمة: 1 – مؤمنون يبطنون الكفر ويظهرون الإسلام وهم المنافقون. 2 – الكافرون أعداء النظام الإسلامي لا يتوقف عدوانهم ضد الإسلام وأهله. 3 – اتخاذ المنافقين الكافرين أولياء من دون المؤمنين. 4 – المنافقون والمرتزقة والمرجفون يؤمنون بأن الكفار هم أهل العزة لإيمانهم بأنهم الأقوى (القوة المادية) ويتمنون النصر لأئمة الكفر. 5 – الصادقون المخلصون بطاعة ولي أمر الأمة يؤمنون بأن العزة لله وهم المتوكلون على الله المقاتلون في سبيله. 6 – الصراعات والمواجهات والحروب التاريخية والحاضرة التي يشنها الكفار ستنتهي بانتصار الإسلام وعزة الأمة (تحقيق الوعد الإلهي)، والذين باعوا أنفسهم لله – الشهداء المجاهدين – وقاتلوا في سبيله لعزته هم أساس الصمود والنصر، وهذا المسار هو نهجنا ووفاؤنا، وبالتالي فالشاهد في واقع النصر هو الشهيد المجاهد، هو المجاهد في سبيلا لله، فهو الذي يصنع واقع العزة.
من يبتغي العزة من الله، عاش عزيزا قويا حرا كريما. ومن يسارع في طلبها من الكافرين خشية إصابته دائرة، عاش ذليلا مقهورا صاغرا ضعيفا مغلوبا مكسورا .. من يجلب الذل والخزي والضعف هو العميل المستسلم وهو من يبيع للدين .. ومن يصنع العزة والنصر هو المجاهد في سبيل الله المحافظ على الدين، وهو الشهيد المجاهد، فهو الشاهد في قول الله تعالى (فإن العزة لله جميعا)”النساء، من الآية 139».
فلولا الشهيد وتضحياته ودمائه الطاهرة، لما صنعنا الانتصارات.. لولا تضحيات الشهيد القائد السيد/ حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه، لما كان إعلان الاستقلال في القرار السياسي (كان إعلاناً من موقف العزة لعزة اليمن والأمة الإسلامية والإسلام .. إعلان من عقيدة الإيمان بأن العزة لله وليس للسعودية الصهيونية) .. لو لا تضحيات الشهيد المجاهد، لما أصبحنا أحرارا .. لو لا تضحيات الشهيد المجاهد في الجبهات القتالية وتضحياته في ميادين الجهاد الأمنية، لما أجهضنا مخططات مخابرات الدول العدوانية لإثارة الفوضى والشغب ولما استقرت أوضاعنا الأمنية .. لو لا تضحيات الشهيد ودماؤه الزكية، لما امتلكنا قوة الجاهزية العسكرية الدفاعية التي ترهب العدوان .. لو لا تضحيات الشهيد المقاتل في سبيل الله، لما استطعنا أن ندافع عن: حريتنا دين .. وكرامتنا إيمان.
قال الله تعالى (وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)»يونس، 65».. ومن أهم عناصر هذه الآية الكريمة: أن العزة – القوة والقهر والغلبة في ملكه – هي لله، وهذا وعد إلهي بأن عزة الإسلام هي المنتصرة. وهي الحكومة الإلهية للناس كافة، وليس عزة الشرق أو عزة الغرب.
والعنصر الآخر من الإية الكريمة: خسارة أعداء الدين، فمهما كانت أساليبهم وأقوالهم العدائية لإطفاء نور الله بأفواههم وللتقليل من أهميته وأنه غير صالح للدنيا وأنه ليست له علاقة بالسياسة (بالحكم)، هذه العدائية ضد الدين تطورت في هذا العصر وبأساليب ووسائل متنوعة، وجميعنا يعرف سياسات ووسائل الأنظمة الشيطانية في مهاجمة وتشويه الإسلام وأعلام الهدى.
ودافع عدائية أعداء الدين هو خوفهم من انتشار الإسلام كدستور إلهي للعالم ينهي أنظمة الاستكبار.. دافع العدوان الإسرائيلي الأمريكي يجره إلى إنفاق عائدات النفط والغاز والحج والعمرة إلى الصد عن سبيل الله.. دافع العدوان هو الخوف من معرفة شعوب العالم بحقيقة الدين الإسلامي.. دافع العدوان الخوف من توسع ثقافة وأهداف دول محور المقاومة عالميا.. دافع العدوان هو الخوف من ثورات وصحوة عالمية على إثر معرفة الحقيقة ومعرفة من وراء صناعة الحروب الماضية والحاضرة في المنطقة وفي أوكرانيا، على إثر معرفة من وراء صناعة الأزمات وأشكال الفساد ومن وراء الدعم والترويج للمثليين والشواذ.
إن رجال محور المقاومة الإسلامية يجاهدون في سبيل الله لعزة الإسلام. والأنظمة الاستكبارية تسعى لتوسعة وتثبيت أهدافها الرأسمالية المتوحشة.. وبروز أنظمة اقتصادية وعسكرية في آسيا في إيران والصين وروسيا يتعارض مع أهداف العدوان الأطلسي النازية وفق حساباته، فسياسة الغرب الصهيونية تبدو واضحة أنها تسعى في استراتيجيتها إلى إنهاء هذه الأقطاب ضمن سياساتها العدائية ضد الإسلام، لكنها خاسرة بفعل التنسيق والصمود وثبات الموقف للمقاومة الإسلامية.. هي خاسرة ومهزومة بفعل ثقتنا بالله وتوكلنا عليه.
وميادين الجهاد في سبيل الله كثيرة ومتنوعة وشاملة .. ميادين الجهاد متكاملة فيما بينها، فالشهيد قبل أن ينال الشهادة، كان مجاهدا في سبيل الله، ومجال الجهاد في الله في الميادين الأمنية وفي مجال التعليم وفي مجال التعليم، في كل المجالات التي تفضي إلى واقع العزة.. فمن وراء تطوير الأسلحة وبناء القوة والجيش التي نرهب بها أعداء الله ؟. ألم يكن العلماء وأئمة المؤمنين ؟ .. فالإيمان بضرورة معرفة خطط وأساليب العدوان للتصدي لها وإجهاضها وإفشال مؤامراتهم هي من مجالات الجهاد في سبيل الله.
تلك المسؤوليات تجعل أولياءها معرضين للتصفيات والاغتيالات من أدوات وعناصر أجهزة استخباراتهم ومن الإرهابيين والمسلحين. فهي مسؤوليات جهادية مكملة وأساسية لذات الهدف الذي جاهد لأجله الشهيد المجاهد.. ومن عوامل بناء العزة لله الإخلاص في البناء والتنمية الصناعية والزراعية والارتقاء العلمي، فهي ميادين جهادية أساسية لبناء العزة والقوة .. العزة لله في ميادين كثيرة ومتنوعة. فكلمة (جميعا) هي شمول معاني العزة وتنوع ميادينها.
العزة تقتضي منا أن نلتزم بالاستقامة في خط الجهاد في سبيل الله في كل الأصعدة في التطور والبناء والدفاع والتوعية وتحت طاعة مولانا السيد القائد/ عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله وينصره – بل هذه الطاعة هي أهم عوامل بناء العزة، والمخلص بهذه العقيدة الدينية الصحيحة، هو المؤمن الحق المخلص في واجباته الدينية المقدسة، والشهيد المجاهد في الله هو نموذج للوفاء والإيمان بعقيدة الولاية، وهو خطنا ومسيرتنا في وفائنا لرسول الله صلوات الله عليه وآله وعترته الطاهرة .. هو خطنا الجهادي وفاءً لشهدائنا والسير على منوالهم .. نسأل الله تعالى أن نكون من الذين قال الله تعالى عنهم (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)»الأحزاب، 23».

قد يعجبك ايضا