من يتأمل في الثقافة التي كانت ولا تزال سائدة لدى معظم شعوب أمتنا العربية والإسلامية على مدى عقود مضت، والتي عملت ولا تزال تعمل أنظمة الحكم الخائنة والعميلة في البلدان العربية والإسلامية على ترسيخها في أوساط شعوب أمتنا، كالخنوع والاستسلام لما تسمى ” القوى العظمى في العالم” وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، والتسليم المطلق بما تتخذه من قرارات وما تمارسه من انتهاكات واعتداءات وتحركات مشبوهة في سبيل احتلال هذا البلد العربي أو ذاك وإركاع شعبه ومصادرة قراره السيادي من خلال السيطرة على منابع الثروة والسلطة فيه، لدرجة أن أمراً كهذا الذي يتم فيه نخر جسد أمتنا العربية والإسلامية واستهداف دولها وشعوبها دولةً بعد أخرى وشعباً بعد آخر، أكان ذلك استهدافاً مباشراً أو استهدافاً غير مباشر، من قبل قوى الاستكبار العالمي بقيادة أمريكا “الشيطان الأكبر”، صار وكأنه قدر مقدور لا يمكن الوقوف أمامه أو حتى اعتباره عدواناً باطلاً، حيث أن مثل هكذا اعتداء أو تدخل أو احتلال مباشر لهذا البلد العربي أو ذاك لم يعد في نظر بعض إن لم يكن معظم أنظمة وشعوب بلداننا العربية الأخرى عدواناً ظالماً وجائراً ضد بلد وشعب عربي مسلم من قبل قوى أجنبية استعمارية تسعى للهيمنة على منابع الثروات العربية وإركاع شعوب أمتنا ومصادرة حريتها وكرامتها، وكأنها من خلال هذه الثقافة المتعارضة مع الفطرة بل والمخالفة للثقافة القرآنية التي جاء بها ديننا الإسلامي، وأرسى مداميكها سيِّدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله، قبل حوالي أكثر من 14 قرناً.
وبالتالي ونحن إذ نحيي في بلادنا هذه الأيام الذكرى السنوية للشهيد، يجب علينا ترسيخ ثقافة الجهاد في سبيل الله في أوساط شعبنا اليمني، إعلاءً لراية الحق ونصرةً للمستضعفين، ولكي نعيش حياة العزة والكرامة التي أرادها الله لنا، فالجهاد في سبيل الله هو ذروة سنام الإسلام كما قال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله في الحديث: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله» ، وقد أمر الله نبيه محمَّداً صلى الله عليه وآله وسلم بأن يجاهد الكفار والمنافقين، كما ورد في قوله تعالى “يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير” .
لذا فإن شعبنا اليمني الذي يتعرّض لعدوان ظالم وحصار جائر منذ ما يقارب الـ8 أعوام، لو لم تكن قد ترسّخت ثقافة الجهاد والاستشهاد في سبيل الله في أوساط ثلة من أبنائه المجاهدين المؤمنين الصادقين مع الله من مجاهدي الجيش واللجان الشعبية، والفضل في ذلك يعود بعد الله سبحانه وتعالى للمسيرة القرآنية ومؤسسها الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي –سلام الله عليه- وقائدها السيد العلم عبدالملك بدرالدين الحوثي –يحفظه الله-، لما استطاع جيشنا اليمني الحر ولجانه الشعبية الفتية معادلة وترجيح كفة المعركة والمواجهة المصيرية مع قوى تحالف العدوان السعودي الأمريكي ومرتزقته لصالح وطننا وشعبنا اليمني المعتدى عليه ظلماً وغدراً وعدواناً، ولما تمكن مقاتلونا الأحرار الميامين من إلحاق الهزائم تلو الهزائم المنكرة بالأعداء ومرتزقتهم وتلقينهم دروساً لن ينسوها في مختلف جبهات ومواقع العزة والكرامة على مدى سنوات عدوانهم “الَّلعين” على اليمن وشعبه، ولو لم تكن ثقافة الجهاد والاستشهاد راسخة في أوساط أولئك الشهداء الأبرار والمجاهدين الأحرار من أبطال جيشنا اليمني ولجانه الشعبية البواسل، لما استطاعوا الصمود والثبات أمام ترسانة الأعداء الحربية الحديثة والمتطورة وصد الزحوفات العسكرية المتكررة لجيوشهم ومرتزقتهم، التي ما فتئ قادة تحالف العدوان ومرتزقته يحاولون إحداث حالة اختراق أو تقدّم عسكري يذكر في أيٍ جبهة من جبهات المواجهة، للتغطية على فشلهم العسكري وهزائمهم العسكرية التي ظلوا يتجرَّعونها على مدى سنوات الحرب والعدوان على شعبنا ووطننا اليمني، لكنهم باءوا بالخسران المبين وذهبت كل زحوفات جيوشهم وجحافل مرتزقتهم العسكرية المتسلحة بأحدث الأسلحة الحديثة والمتطورة والمسنودة بغطاء جوي أدراج الرياح، والفضل طبعاً يعود بعد الله سبحانه وتعالى لثقافة الجهاد والاستشهاد في سبيل الله التي حملها ويحملها مجاهدو جيشنا ولجانه الشعبية نتيجة مضيهم في درب وعلى ضوء المسيرة القرآنية وتسليمهم المطلق لقائدها العلم “أبوجبريل” –سلام ربي وسلامه عليه- ونتيجة إيمانهم وارتباطهم القوي بالله وثقتهم بوعده الإلهي لهم بالنصر على الأعداء مهما كانت قوتهم وجبروتهم.