مسلسلات الأطفال مدرسة لتخريج المنحرفين الصغار



من مسلسلات الأطفال تتناول موضوعات جنسية و 27 % تدور حول العنف والجريمة
أصوات بأميركا وأوكرانيا تطالب بوقف مسلسل سبونج بوب لأنه يفسد الأخلاق ويروج للشذوذ
مشاهد العنف في مسلسلات الأطفال أكثر بـ 60 مرة من برامج الكبار
مسلسل أسماء أبطاله مأخوذة من أسماء الله الحسنى ولهم قدرات إلهية

تعب الضمير ذات نهار فاتكأ على جدار الثقة ( العمياء ) متحللا من أثقاله وفي غفوة منه تسلل القادمون من قيعان الفراغ يخفون داخل عباءاتهم المطرزة بألوان الفرح حيايا تتلوى حنقاٍ وغيظاٍ … يدارون وراء أقنعتهم الوديعة الباسمة مسوخاٍ شيطانية فيوثقون عقول صغارنا بحبائلهم المجدولة بالقصص المبهرة والأفاكية المسلية والمسلسلات المدبلجة عبر قنوات الأطفال التي لا تمثل قيمنا ولا تعكس سوى حضارة مبتذلة لكوكب آخر. وحين يحكمون الوثاق يضربون في صميم وجدان الطفل العربي بمعول الحقد ليهدموا جيلا بأكمله لم تتفتح أوراقه بعد…!!!!

عدت ذات مساء منهكة من عملي فارتميت في إحدى زوايا غرفة التلفاز وكالعادة أصرت ابنة أختي شهد ذات السبع سنوات على متابعة قناة الأطفال المفضلة لديها ولم تجد محاولتي أن تفك أسر الريموت مقابل فدية من الحلوى التي تحبها ومع إصرارها رضخت مرغمة لمشاهدة مسلسل الجاسوسات الذي لا تمل منه … في البداية شدني الإبهار البصري في هذا المسلسل وفكرة أن تمتلك الجاسوسات لأجهزة تساعدهن على الطيران والغوص وساعات تمكنهن من رؤية المتصلين , ولا أخفيكم سرا أنه أعجبتني الفكرة بداية الأمر واندمجت في جو المسلسل لكن لم يرق لي تمرير بعض الرسائل الخفية ودس السم في العسل , وببراءة يستقبلها عقل الطفل العربي ويقلدها فالجاسوسات لاهم لهن إلا مطاردة الشبان والمواعدة معهم على (………). وكذلك ملابسهن شبه العارية والتي لا تخفي إلا جزءاٍ بسيطاٍ من أجسادهن وهذا ينصدم بشكل مباشر مع عاداتنا وهويتنا الإسلامية , أخذت حينها الريموت بحزم وبدأت اقلب في قنوات الأطفال العربية والمدبلجة واستعرض بعض المسلسلات التي تبث فيها على مدار 24 ساعة فراعني بلا مبالغة او تهويل ما رأيت من رسائل وأفكار هدامة تضرب في صميم وجدان الطفل العربي وتهتك عنه ثوب البراءة
وأستسمحكم عذراٍ في أن أستعرض صوراٍ من هذه المسلسلات وأترك لكم الحكم بصوت الضمير فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.
أبطال بقدرات إلهية
تدور أحداث مسلسل الخارقون 99 والذي بث على قناة MBC3 حول 99 بطلاٍ أسماؤهم مأخوذة من أسماء الله الحسنى ويظهر المؤلف أبطاله بقدرات خارقة من خلال أحجار تنمح حاملها قوة وقدرة تضاهي قدرة الله جل جلاله وتقدست أسماؤه الذي وصف نفسه في كتابه الكريم (ولم يكن له كفؤاٍ أحد).
فالبطل (عليم) يعلم الغيب ويتنبأ بما يقع مستقبلاٍ
والبطل (رقيب) يسمع الأصوات البعيدة
والبطل ( بارئ) يشفي المرضى
والبطل (فتاح) يفتح ممرات بشكل خارق للعادة ويتمكن من نقل شخص لبلد آخر
و( باطن ) تستطيع إخفاء الأشخاص والأشياء
بل في إحدى المشاهد يقول الشرير (رغال) لإحدى الشخصيات (لقد جعلتك تعيش للأبد) ماذا ننتظر بعد هذا التجاوز.
فالهدف من هذا المسلسل الاستهزاء ونزع الهيبة وهالة القدسية لدى الأطفال عن الله جل جلاله وعن أسمائه التي اختص بها وحده (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها). وبهذا المسلسل ما به من الكفريات وادعاء علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله والتبرك واستجلاب النفع بأحجار لا تنفع ولا تضر ومما يحزن القلب أن الطعنة تأتي من الداخل فمؤلف هذا المسلسل عربي يدعى الدكتور نايف المطوع ويرى أن هذا المسلسل يعكس الحضارة الإسلامية مع أنه يعترف أن أبطاله ليسوا متدينين فما هي الرسالة التي يريدها أن تصل.¿
سبونج بوب
لو سألنا جميع أطفال العالم بما فيهم العرب عن أكثر مسلسل يحبونه ستكون الإجابة بلا شك ( سبونج بوب ) والذي حقق نسبة مشاهدة لم يحدث لها مثيل وصارت صوره تباع كألعاب للأطفال وعلى الحقائب والمستلزمات المدرسية وعلى الملابس والأحذية والقبعات والبطانيات لما فيها من حبكة درامية وفكاهة محببة للصغار لكن للأسف يظهر المسلسل الشخصيات بغير صفاتها فالبطل سبونج بوب مع انه ذكر إلا أن شخصيته أنثوية يتحدث كالفتيات وبالمقابل السنجابة ساندي تمتلك صفات الرجولة والقوة وقد أنقذته من عدة مواقف وتعدى الأمر إلى ظهوره بملابس فتاة وعلى رأسه قبعة نسائية بل والأشنع انه ظهر في إحدى الحلقات يدعو للتسامح مع المثليين والتسامح مع شذوذهم الجنسي واستشعارا للخطر تحركت أصوات مسيحية بأميركا طالبت بوقف المسلسل لترويجه للشذوذ لاسيما بعد أن ظهر سبونج بملابس العروس وتزوج من (صديقه بسيط) في الكنيسة ولما يشكله هذا المسلسل من خطر حقيقي على أخلاقيات الطفل تسعى السلطات الأوكرانية لمنع عرضه وأصدرت لجنة الخبراء الوطنية لحماية الأخلاق العامة بأوكرانيا تقريراٍ وصفت فيه المسلسل بأنه يمثل تهديداٍ حقيقياٍ للأطفال ووصفته بأنه يحمل مشروعاٍ لتدمير الأسرة والترويج للشذوذ الجنسي
اختلال مفهوم القيم
يستمر ضخ المسلسلات ذات الهوية الغربية والتي تحمل أفكارا متطرفة وساخرة وغير مقبولة اجتماعياٍ وللأسف لانرى فيها ما يدعو لقيم الخير والتسامح والعفو والحث على طاعة الوالدين والصدق والأمانة مما يوجد شرخا في نفسية الطفل العربي بسبب الازدواجية في قيم الخير والشر فما يرفضه يحذره والديه بأنه خطأ وعيب يقدم على الشاشة بطريقة مقبولة ومحببة ويقابل هذا الغزو الخبيث الذي يؤثر على بنية المجتمعات العربية بركود إعلامي وصمت مخزُ عربياٍ تجاه هذه الأفكار ولم نعد نرى مسلسلاٍ (يبل الريق) ويجذب الطفل العربي على الرغم من الإمكانات المادية المهولة لبعض الدول العربية, ولازلنا نتذكر الأيام الخوالي والعصر الذهبي لفترة الإنتاج البرامجي المشترك بين دول الخليج والتي أتحفتنا بكنوز من المسلسلات والبرامج التي تعزز الأخلاق مثل (افتح يا سمسم ,عالم المعرفة , مدينة المعلومات) حتى المسلسلات التي دبلجت قبل عشرين عاما احتوت على قيم أخلاقية رائعة تناسب بيئة الطفل العربي كـ(فلونة, حكايات لا تنسى, سالي, نوارة,… وغيرها) وكان لها دور بتشكيل شخصيات إنسانية سوية
أرقام مخيفة
واستنجدت بدراسة زادت من مخاوفي حول الخطر القادم من الأفلام والمسلسلات التي تعرض للأطفال فقد وجدت أن 29,6% منها يتناول موضوعات جنسية بطريقة مباشرة وغير مباشرة و27% منها يدور حول الجريمة والعنف والمعارك والقتال, و15% يدور حول الحب بمعناه الشهواني , ولربما لا يأخذ القارئ هذه الأرقام بعين الاهتمام لكن هناك سؤال يفرض نفسه هل أعطى الآباء والأمهات من وقتهما ولو جزءٍا بسيطا للجلوس مع أبنائهم كما يجدون الوقت الكافي لحياتهم الخاصة والثرثرة مع الجارات والحديث في التلفون والتواصل على الفيس بوك والواتس اب وغيرها من وسائل التكنولوجيا زادت باستخدامنا وتعلقنا المبالغ بها من الفجوة والغربة في العائلة الواحدة , للأسف لا يعي كثير من الآباء والأمهات أن التلفاز يشترك معهم في تربية أبنائهم وفي ظل تفريخ قنوات للأطفال لا ندري ماهي توجهاتها تبث على مدار اليوم مسلسلات كرتونية ذات هوية غربية تتنافى مع أخلاقنا ولأجل ذلك أصدرت منظمة اليونسكو دراسة أشارت فيها إلى أن الطفل العربي ما أن يبلغ الثانية عشرة من عمره يكون قد أمضى أمام التلفاز 22 ألف ساعة أكثر مما يقضيه في حجرة الدراسة.
وعلى أقل تقدير إذا ارتفع معدل ساعات مشاهدة الأطفال لأفلام الكارتون عن أربع ساعات وهذا ما يحدث قطعا ستكون عدد المشاهدات لصور العنف في المسلسلات الكارتونية التي مرت أمام عينية حين يبلغ الثالثة عشرة من عمره إلى مائة ألف مشهد.
أطفال مجرمون
نستهون الخطر القادم من مسلسلات الأطفال التي تظهر مشاهد العنف أكثر بـ 50 ــ 60 مرة من برامج الكبار ألا تستدعي هذه النسب والأرقام إلى وقفة جادة تجاه ما يضخ من سموم في عقول الصغار لاسيما وأن معدلات الجريمة والتمرد والانحراف السلوكي والسرقات التي يرتكبها الأطفال زادت بنسبة كبيرة في الخمس السنوات الأخيرة, فهذا طفل قتل صديقه عندما اختلفا على لعبة البلاي ستيشن فما كان منه إلا أن خنقه بسلك كهربائي ولم يستطع إخفاء جثته لأنها ثقيلة عليه فقام بفصل جسده إلى نصفين بآلة حادة ليتمكن من حمله, وآخر يقتل والدته لحرمانها له من المصروف, وطفل ثالث ينتظر آخاه الذي يكبره على سطح منزلهم وحين دخوله أطلق عليه النار فارداه قتيلا لأنه عاقبه , هذه الجرائم وغيرها باتت تتردد في الشارع العربي بل كثرت الشكاوى من حالات التحرش والاعتداء الجنسي على الأطفال فيما بينهم وسجلات الأخصائيين النفسيين تزدحم بهذه الحالات وصار الطفل ذو الخمس سنوات يعرف عن الأمور الجنسية مالا يعلمه والده حين اقبل على الزواج .
سلاحف النينجا رسائل ملغمة
استشعارا لخطورة العنف غير المبرر في مسلسلات الصغار أعدت الباحثة د/ عزة مختار البنا أستاذ علم الاجتماع بكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر بحثا بعنوان ( تحليل مضمون تأثير سلسلة أفلام كارتون سلاحف على الطفل المصري ) وبالطبع فإن نتائج هذا البحث تعتبر إسقاطا على الطفل العربي بشكل عام وتضمن البحث مظاهر العنف البدني بالمسلسل فيأتي الضرب بالأيدي بنسبة 21,37% , إلقاء الأشياء على الغير بنسبة 16,24% , الشروع في القتل 17,09% ,السرقة بالإكراه وخطف الأشخاص 8,55% , حبس الأشخاص بمكان منعزل 7,69% , أما مظاهر العنف اللفظي جاءت بنسبة اكبر من العنف الجسدي فعبارات السب والشتم 25,76% , التهديد بالانتقام 22,73%الاستهزاء والسخرية بالغير 11,52% .
تحريض وتمرد
تحذر مدربة التنمية البشرية والمرشدة الأسرية مريم عبد ربه من تأثير هذه المسلسلات على عقول ونفسيات الصغار وتتساءل عن دور وزارات الإعلام في رقابة ما يبث على الشاشات ليل نهار على مرأى ومسمع من الجميع بالذات الوالدين اللذين ينفضا أيديهم عن هذه المسؤولية عما يبث داخل منازلهم وترك الأطفال ساعات طوال مع هذه البرامج للتخلص من إزعاجهم
وتحذر من الرسائل التي يستقبلها العقل الباطني للطفل وتتمثل في :
* تزيين الحياة الغربية المنفتحة بعلاتها مما يخلق لدى الطفل نوعا من التمرد على حياته المقيدة بضوابط وحدود أخلاقية
* تبرير أعمال العنف والقتل والسحق وتحقير قيمة الإنسان ومصادرة حقه في الحياة حتى لو كان عدواٍ فأغلب المسلسلات تصور قتل الغزاة والأعداء كقتل الحشرات الضارة وتهون الأمر ومنظر الدماء في عيني الطفل بإدخال المؤثرات الصوتية التي ترافق عملية القتل لتبعث الحماسة في نفوسهم وأن هذا عملاٍ بطولياٍ أو أن ترافق مشاهد العنف أصوات مضحكة كما هو الحال في مسلسل الصغار والكبار (توم وجيري) الذي يحمل عنفا مكثفاٍ ممزوجاٍ بمواقف كوميدية لتمريره وتقبله حتى صار الطفل يشاهد صورا من العنف أكثر مما تعرضه نشرات الأخبار عن القتل والتفجير والخطف وهذا يجعل الطفل متبلد المشاعر متحجر القلب متمرداٍ عدوانياٍ أنانياٍ.
* ترغيب أعمال السحر والشعوذة من خلال تعامل الأبطال مع الوحوش والأرواح الشريرة والمخلوقات الغريبة والشياطين كما في مسلسل يوغي وأبطال الديجتال والبوكيمون.
ودعت الآباء والأمهات لتحديد ساعات معينة للطفل أمام التلفاز واختيار مسلسلات تحمل مضموناٍ هادفاٍ يدعو للرحمة والتآلف والحث على الأمانة واحترام الغير وإشراك الطفل في أنشطة تعزز قيم الخير لديه وتزيد من ثقته بنفسه.

قد يعجبك ايضا