في الأغنية اليمنية

يكتبها: علي بارجاء

 - الغناء اليمني اسم جامع لألوان من الغناء مختلف الألحان والإيقاعات التي تشير إلى بيئات ومناطق متعددة من اليمن, وهذا دليل على ثراء غنائي لا يتوفر في غير اليمن, ويمكöن لكلö مت

الغناء اليمني اسم جامع لألوان من الغناء مختلف الألحان والإيقاعات التي تشير إلى بيئات ومناطق متعددة من اليمن, وهذا دليل على ثراء غنائي لا يتوفر في غير اليمن, ويمكöن لكلö متذوöق أن يميöز أغنية من أخرى, وعلى كثرة هذه الألوان إلا أن أشهرها الأغنية الصنعانية والحضرمöية والعدنöية واللحجöية واليافöعöية والتهامöية, وقد مرت هذه الألوان بمراحل من النمو والنهوض والتطور حتى أصبحت اليوم مكتملة في ملامحها اللحنية والإيقاعية بفضل جهود مبدعيها من الشعراء والملحنين والمطربين من روادها الأوائل الذين حرصوا على إبراز النماذج الجديدة ذات الجودة والأصالة باستمرار, فقدموا لنا فنا راقيا عبر عن عظمة التراث اليمني, وعكس بصدق أحاسيس ومشاعر الإنسان وتأثيرات المكان, والعلاقات الاجتماعية والروحية والعاطفية والانفعالية.
وما الانتشار الذي حظيت به الأغنية اليمنية محليا وعربيا, وإقبال المطربين في أكثر من قطر عربي على أدائها, إلا دليل على أصالتها وحضورها ومنافستها لألوان الغناء العربي الأخرى.
ثم أن الأغنية اليمنية تمتاز بالصعوبة والتعقيد في أدائها وبخاصة في ألوانها الصنعاني والحضرمي والعدني, وهو أمر يدركه أهل الغناء والموسيقى, وصارت هذه الألوان مقياسا بحيث أن قدرة المطرب على إتقان أدائها دليل على مهارته وإمكانياته الصوتية, ومؤشر على نجاحه, وبعض رواد الغناء اليمني وعباقرته الكبار نجدهم قد أدوا كل ألوان الغناء الذي سبق ذكرها, مما دل على تفوقهم, وساعد على انتشار فنهم واكتسبوا بذلك شهرة واسعة داخل اليمن وخارجه أكثر من سواهم ممن اكتفوا بأداء لون واحد أو لونين, أو كانوا مقلدين أكثر منهم مبدعين للجديد, ومع أن هذا الأمر يظل نسبيا ولا يمكن القطع به, إلا أننا لو أخذنا بعض أبرز الأسماء كأبي بكر سالم بلفقيه, ومحمد سعد عبدالله, ومحمد مرشد ناجي, وفيصل علوي, لوجدنا أنهم أكثر شهرة من غيرهم ذلك أنهم قد حظوا بشهرة واسعة بسبب حرصهم على التميز في فنهم والإخلاص له, فأكثروا من غناء الجديد, وأداء كل الألوان, فأرضوا بذلك جميع الأذواق, وهذا ما جعلهم أمثلة وقöدوة يحتذيها كثير من المستجدöين من الفنانين بحيث لا نجد أحدا منهم إلا وقد تغنى بأغانيهم, في محاولة منهم لإبراز قدراتهم واستعداداتهم على الغناء وإتقانه. وهذا ما جعل الأجيال المتأخرة من الفنانين يكثرون من أداء أغاني الرواد, وضعف أو انعدم أداء بعضهم لأغنيات جديدة تحسب لهم, وتضاف إلى رصيدهم الفني, ورصيد الأغنية اليمنية, ويسهمون في مواصلة تطور الأغنية, ويحافظون على السير في طريق العمالقة الرواد السابقين الذين رسموا ملامحها وحددوا خصائصها, فيضيفون إليها الجديد الذي يتناسب مع التقدم العلمي والتقني في علم الفن والغناء والموسيقى.
ما يلاحظ اليوم هو كثرة الفنانين المستجدين, ولكن لا نسمع منهم غير أغنيات مكررة لمن سبقهم, والغريب العجيب أنهم يتغنون بها بحرية, وكأن ليس لتلك الأغنيات حقوق محفوظة!
وساعد على ذلك أنه لم تعد توجد وزارة للثقافة في اليمن ترعى الغناء وتدافع عن حقوق أهله, ولا توجد قوانين تحمي الحقوق والملكيات الفكرية, وإن وجدت تلك القوانين فهي قوانين على الورق فهي بذلك في حكم غير الموجود! بل إن القنوات الفضائية والإذاعات اليمنية لا تراعي تلك الحقوق أيضا لأنها تسمح للمستجدين بتسجيل أغنيات من سبقهم من الفنانين, وتعرضها وتذيعها من غير مراعاة لحقوق أربابها. وهذا سيؤدي في النهاية إلى عدم وجود أغنية يمنية جديدة, وبذلك ستجف منابع الإبداع, ويتوقف نهره عن التدفق والجريان! ولن يعود كل شيء إلى أصله سوى بعد أن توجد وزارة ثقافة بطاقم جديد يعرف معنى الثقافة, ويعي كيفية إدارتها, وتصرف مخصصاتها المالية من أجل الثقافة الحقة, أما من يتولى أمرها اليوم فلا يعرفون أنهم في بلد عريق في ثقافته وتراثه!

قد يعجبك ايضا