بالأمس دشن رئيس المجلس السياسي الأعلى، الرئيس المشاط، المؤتمر الوطني الأول لتطوير المناهج وتنويع مسارات التعليم قائلاً : لا تطور ولا تقدم لأي شعب أو دولة إلا عندما يكون التعليم أعلى سُلّم الأولويات ، وانطلاقاً من هذه الكلمات الصادقة والتي تشرق تفائلاً وأملاً وتمتلئ طموحاً وتسعى بكل جد إلى التطوير والاهتمام وبناء جيل محصن من كل شوائب الثقافات المغلوطة التي جعلت الأجيال لعقود من الزمن تتوه وتضيع في متاهات الثقافات المغلوطة والنظريات الزائفة التي أصبحت قديمة جداً وغير واقعية نوعاً ما ولا تعايش الواقع العملي للتحصيل العلمي الذي يكون الطالب منصدماً عندما ينهي الدراسة الأساسية والثانوية لا يجد ما درسه في الجامعات والمعاهد وكذلك عندما يتخرج الطالب من الجامعة لا يجد ما درسه في الواقع العملي ويكون ما تحصله من العلم نظريات وثقافات قد عفا عليها الزمن ولا ترتقي إلى الواقع التطبيقي العملي الذي يلامس الميدان.
ويكون الجهد الذي بذله الطالب عبارة عن اقتناء أسلوب تلقيني فقط، ولا يرتقي إلى المستوى التطبيقي واذا احتاج لكي يعمل أن يكون أمام مستوى جديد من التعليم يكون طالباً للذين لديهم خبرة عملية ولم يتعلموا ولم يحصلوا على شهادات عليا أو غيره، ويحسن أنه كان قد بحث عن شهادة فقط، وللأسف المجتمع اليمني يعيش ويتعايش مع ما يسمى (كيف أحصل على الشهادة فقط )، يكتشف المرء نفسه عندما يصادف عملا عن جهات ومؤسسات كالمنظمات أو البنوك أو أي مؤسسة تكون معايير قبولها تعتمد على الجانب العملي واختبار الكفاءة والمهنة، وهذا أسلوب رائع يشاد به ويطور ويعتمد في كل المؤسسات، فيجد الشخص نفسه عاجزاً عن أن يعمل شيئا وهنا يبدأ الشعور بالنقص والضياع، ويقول (ياليتني بحثت عن العلم) والذي ضحيته البيئة التي تعلم فيها والواقع الذي تعايش عليه.
سبب كل ذلك هو غياب المنهجية التعليمية التي ترتقي بالتعليم وتطور أساليب التعليم وتقيم التعليم وتراعي مسألة البناء وتأسيس تعليم قوي منذ البداية، وهذا ما جعل القيادة الحكيمة اليوم تقف على الإشكاليات التعليمية السابقة وضرورة تطويرها لبناء جيل قادر على الارتقاء بالبلد والنهوض بالتنمية، هذا في ما يخص التعليم الأساسي والثانوي، كمرحلة أولى.
أما عن حال الطالب الأكاديمي من يبحث عن العلم فهو يعيش في اليمن متنقلاً بين معاناة كثيرة، أولها التكاليف الدراسية الباهظة، والتي تشكل عبئا على الطالب والتي يظل الباحث يتكبد عناء دفعات وأقساط الرسوم الأكاديمية التي تؤرق الباحث ومن السلبيات الفادحة والكوارث الرهيبة أن الباحث غير مسدد الرسوم يحرم من الاختبارات.
ثانياً، الوسائل والأساليب وهي ذات جانبين: الجانب الأول، ما يتعلق بالمهارات وقدرات الدكاترة، للأسف البعض لا يزال على ذلك الأسلوب التلقيني والقراءة والغوص في صفحات الكتب ولم يطور مهاراته وقدراته وأساليبه في الشرح والطرح وإيصال المعلومات بصورة سهلة وبسيطة وذات قيمة.
الجانب الثاني، إمكانيات ووسائل التدريس، مع التكاليف الدراسية الباهظة والرسوم المرتفعة البعض من الجامعات الحكومية لا تمتلك حتى قاعات مخصصة للتدريس الأكاديمي مرتبة مزودة بجهاز عرض حديث وكراس ومكبرات صوت و… و… إلخ، بالرغم من وجود الكثير من القاعات التي بالإمكان تأهيل قاعة وتخصيصها للدراسات العليا.
ثالثاً، أساليب قياس مدى قدرة الطالب على فهم المعلومات واستيعابه من خلال الاختبار النهائي ، الطريقة المعتادة هي توزيع الدرجات ما بين تكاليف وحضور والمشاركة والحظ الأكبر للاختبار النهائي، وهذا الشيء غلط كبير ..فتقييم الطالب يجب أن يكون بصورة مستمرة.
رابعاً، المنهج الذي يتم إعداده لنيل درجة الماجستير، لا زالت تلك النظريات الغربية والأوربية المستوردة من الغرب هي التي تسيطر على المنهج وتكون أساسية وضرورية ولا بد منها ودراسة الفوارق والأبحاث والعلوم التي هي في الأساس غير منطقية وغير واقعية وترك للباحث مجال واسع للاستفادة من العلوم الإسلامية والبحث عن حلول للمشكلات من واقع الرؤية القرآنية الصحيحة والمحقة والتي لا تقبل التناقض والاختلاف ودعونا نبهر العالم بمعجزات القرآن بدلاً من الغوص والتشتت بعد الثقافات والمراجع الغربية التي تجعلنا ماديين وتدخلنا في وادي الاشتراكية أو الرأسمالية في ما يخص العلوم الإنسانية.
لذا نحن أمام قضية مهمة وضرورة وضع مقترح معالجات للإخوة في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ..
ـ ضرورة تخفيض رسوم الدراسات العليا، أو السماح للباحث بدخول الاختبارات وتقسيطها إلى أقساط على حسب دخل كل باحث وعدم حرمان الباحث من حقه في دخول الاختبارات. – تطوير الوسائل والأساليب سواء للكادر التأهيلي أو لمكان التدريس.
– اعتماد أسلوب التقييم المستمر للباحث.
– تطوير منهج أكاديمي لطلاب الدراسات العليا من خلال الوقوف على المشاكل العلمية التي تعيق واقعنا العملي في مؤسسات الدولة والمؤسسات الخاصة وسبل إيجاد حلول من خلال الدراسات والبحوث الأكاديمية وإعانة الباحث في التعاون في توفير وتسهيل وسائل وأساليب للوصول إلى المعلومات والدراسات دون عناء أو تكاليف باهظة و إيقاف الاعتماد في التدريس على المراجع الغربية بشكل أساسي كأن يعتمد عليها ولكن يتم الاكتفاء بأخذ معرفة بسيطة عن إيجابيتها وسلبيتها ودورها في الدفع بعجلة التنمية، وما هو الأسلوب الإسلامي الصحيح وكيف سيكون أثره في ميدان العمل، وترك الباحث يطل على الإشكاليات ومعرفة الحلول سواءً الغربية الأجنبية أو العربية وإيجاد حل يتوافق مع المنطق القرآني الصحيح لأن القرآن واسع وبحر لا يُدرك قعرُه وأساس ومفتاح كل العلوم والمعارف هو القرآن الكريم، والذي نأمل هو المسارعة في أن يكون مرحلة ثانية من مراحل تطوير المنظومة التعليمية بشكل عام.