كارثة التعليم (5)

عبدالله الأحمدي

 

 

في قانون توحيد التعليم وإلغاء نظام المعاهد الوهابية الإخوانجية الذي أصدره عفاش بعد حرب ٩٤، استثنى القانون مدارس تحفيظ القرآن. وتحت هذا البند نشط الوهابيون والإخوان في نشر التطرف والتكفير والإرهاب، ولم يكتفوا بذلك، بل حولوا كل طاقاتهم البشرية والمادية إلى التعليم الأهلي من الأساسي، وحتى الجامعة، مستعينين هذه المرة باستثمار أموال الإرهاب القادم من دول البترو/ دولار.
ويقال إن أموال الإرهابي أسامة بن لادن كلها كانت تستثمر في اليمن، في مجالات عديدة؛ منها مجال التعليم.
وفي هذا المجال نقلت الجماعات المتأسلمة فسادها من المعاهد الدينية إلى التعليم الحكومي، ثم الأهلي الخاص.
قبل الحرب والحصار على اليمن كنا نشاهد الكثير من الطلاب الأجانب من الخليج والسعودية يأتون ليسجلوا في الجامعات الخاصة، هنا في اليمن. ليس حبا في الدراسة والمناهج غير المتطورة لهذه الجامعات، بل للحصول على الشهادة بالمال.
وفرح الفاسدون بتدفق المال الخليجي عليهم، فأسرفوا في التساهل والبيع.
لقد حولوا التعليم الخاص إلى سلعة، وبازار والطالب إلى متسوق.
الجامعات الخاصة والمدارس الخاصة، كل طالب ينجح بفلوسه، ولا يجرؤ معلم أو أستاذ أن يرسب طالبا، لأن ذلك سوف يؤثر على دخل الجامعة، أو المدرسة، وحتى الأستاذ نفسه.
بعد حرب ٩٤ لم يعد لعفاش مصلحة في بقاء المعاهد (العلمية) الدينية وانقسام التعليم
والأجيال، لذلك سارع في إصدار قانون توحيد التعليم، لكن الجماعات المتأسلمة التفّتْ على عفاش من جانب التعليم الأهلي ليحققوا أهدافا سياسية وأرباحا مالية، وليستمروا في تخريب الأجيال، وتخريج أمساخ، وأشباه بشر بدون علم، أو تعليم، أو قيم، كان عفاش يلعب في الوقت الضائع، فالجماعات الإرهابية التي رعاها وصدرها، واستخدمها ورقة ضد الداخل، وابتزاز الخارج كانت قد تمكنت من الالتفاف عليه، واستخدام إمكانيات نظامه في خدمة توجهاتها ومشاريعها الخاصة.
الشعب اليمني مشهود له بالعزة والكرامة والإباء، ولا يقبل بالذل والاحتلال لأرضه، تحت أي ظرف، لكن تلك الجماعات طوعت الكثير من أبنائه على القبول بالتبعية والتسول والارتزاق.
أغرت الكثيرين بالمال، ووعدتهم بالمزيد. وهو ما نشاهده اليوم أمام أعيننا، وبشكل واضح. فهذا السقوط القيمي والأخلاقي المبتذل أمام المال والتبعية المذلة، هو نتاج سنوات من التربية المنحطة والتخريب الممنهج للأجيال في نظام التعليم المسيس والذي ركز على إسقاط القيم الوطنية، واعتبر تدريس مادة الوطنية نوعا من الكفر.
تدهور مستوى التعليم الحكومي جاء على أيدي هذه الجماعات الممسكة بإدارة التعليم الحكومي، من أجل ازدهار التجارة في التعليم الخاص والأهلي، وتسليع التعليم، والتعويض عن نظام المعاهد الدينية الذي تم إلغاؤه سابقا.
بعد حرب ٩٤، وانتصار قوى التخلف والإرهاب، نقلت الجماعات المتأسلمة الكثير من مشاريعها، ومنها التعليم الوهابي إلى الجنوب. تساعدها في ذلك سلطة الغزو بجيشها وأمنها. قاصدة من ذلك محو الثقافة والتراث الوطني النضالي لشعب الجنوب.
في قضية إخراج الإرهابيين من دماج صعدة، قام الخائن عبدربه منصور هادي بنقل هؤلاء الإرهابيين من دماج صعدة ووطنهم في تعز، في مؤامرة واضحة على مدنية وثقافة وتعليم تعز التي تؤرق المستبدين والحكام الصنائع.
عصابات عفاش والمتحالفين معها من جماعات التخلف والإرهاب المتأسلم كانوا يعملون خارج الدستور والقوانين النافذة، فالتعليم خدمة مجانية نص عليها الدستور، لكن هؤلاء كانوا على قطيعة مع الدستور والقوانين، ومع النظام الجمهوري بكامله. وكانوا يتصرفون بعقلية وسلوك العصابات التي تسرق كل شيء، وتعتبر الوطن ضيعة خاصة بها.

قد يعجبك ايضا