ليست الآثار بقايا أبنية أو لقى مطرحة أو مخطوطات مكتوبة وحسب بل إن لها دلالة حضارية وتاريخية عميقة تتصل بالفكر والوجدان، فلا غرابة إن كانت آثارنا من الأهداف الأولى التي وقعت تحت قصف الغزاة الذين استهدفوا دولتنا ووجودنا وهويتنا.
ولم يكن ما حاق بآثارنا ومازال يحيق بها مقصورا على القصف والطمس، إذ أن للغزاة عصابات منظمة لنبش الآثار وتهريبها والاتجار بها في دول العدوان وفي المزادات العلنية.
كأن لا دولة اسمها اليمن وكأن لا أمة اسمها الأمة اليمانية.
ومما يؤسف له أشد الأسف أن نبش الآثار وتهريبها والاتجار بها ليس من أفعال الغزاة وحدهم فإن منا نحن- أهل اليمن – جهلة هم رديف الغزاة وقد زينت لهم نفوسهم الضعيفة حمل معاول الهدم بحثاً عن كنوز مخيله وما إن يجدوا أثرا من الآثار حتى يسعوا لبيعه بثمن بخس (بيعة سارق).
إن هؤلاء الحمقى يجهلون أنهم يبيعون جزءا من تاريخنا /تاريخهم قد يترتب عليه نتائج خطيرة في مستقبل أمتنا.
انظر ما يفعله الصهاينة أسفل المسجد الأقصى من حفر للأنفاق في كل اتجاه علهم يجدون ما يعزز دعاواهم في وجود تاريخي في كل فلسطين.
واقرأ ما يكتبه بعض الباحثين العرب من كتابات يحاولون فيها إسقاط أسماء الأماكن والمواضع في التوراة على ما يشابهها من أسماء في البلاد اليمانية من عسير ونجران إلى صنعاء إلى تعز ..إلخ.
والكلام يطول في هذه المسألة.
كانت الهيئة العامة للآثار والمخطوطات والمتاحف قد أصدرت قوائم بالآثار اليمانية المنهوبة ونشرتها نشرا الكترونيا على صفحاتها في الفيسبوك.
ثم أصدر القائمون على مركز دراسات الهدهد تقريرا عن نماذج من آثارنا المهرية والمتاجر بها في مزادات علنية فلهم جزيل الشكر.
إن هذا الجهد مما ترحب به هيئة الآثار وهو يمثل جانبا من جوانب العون الذي تنشده الهيئة من المنظمات والمؤسسات الأهلية، لأن مشكلتنا أو من مشكلاتنا الرئيسة قلة الوعي بين الناس في المسألة الأثرية.
وفي مقامنا هذا أيضا ندعو إلى التعاون الدولي لمنع تهريب الآثار والإتجار بها سواء أكانت من آثارنا أم من آثار الشعوب الأخرى. وندعو – على وجه الخصوص – منظمة اليونسكو والإنتربول الدولي وغيرهما من المنظمات الدولية إلى التعاون الجاد مع هيئة الآثار في صنعاء وألا يتجاهلوا صوت صنعاء وإن بدا ضعيفا فلسوف يأتي يوم يكون فيه لصنعاء صوت مسموع بإذن الله.
إننا في هيئة الآثار نؤكد أن جهود الهيئة وحدها لن يكفي في النهوض بهذا العبء الثقيل ولا بد من تعاوننا جميعا حفظا لتاريخنا وصونا لذاكرتنا وتمسكا بهويتنا وهوية أجيالنا في المستقبل.